2015/08/09
الأخبار - وسام كنعان
يجيد الممثل السوري قاسم ملحو مقاربة نجوم الصف الأول، بل ربمّا يتفّوق عليهم. ببضعة مشاهد، يتمكّن غالباً من سرقة الأضواء، واسر المشاهد بطريقته الخاصة، لأنه اعتاد أن يلعب أدواره بهدوء وعناية بالغة. يسافر بين المحافظات السورية ويلتقي نماذج حيّة. غالباً ما يمزج أسلوبه في التمثيل مع إيقاع نماذج حياتية تعيش بيننا، لينجز شخوصاً تقع في مكان وسط من دون أن تكون نسخة تقليدية للواقع، كما أنها ليست متخيلة بالحد الأقصى.
منذ أن جسّد شخصية الشرطي فاضل في أبرز مسلسلات الدراما السورية «الانتظار» (2006 كتابة حسن سامي يوسف ونجيب نصير وإخراج الليث حجو)، لفت ملحو إلى حرفته في صياغة الأدوار الثانية على شكل بطولات مطلقة. مع رفاق دربه أيمن رضا وأحمد الأحمد وأندريه سكاف، تمكّنوا يومها من مجاراة عبود (تيم حسن) ومقارعة الاستاذ وائل (بسام كوسا) وربما تفوقوا عليهما في بعض الأماكن.
في الموسم قبل الماضي، وثب «الملحو» خطوات عدة دفعة واحدة، بخاصة بعدما تقاسم مع أيمن رضا لوحات «غداً نرتقي» التي ختم بها عامر فهد لوحات «بقعة ضوء 10» بينما قرر «أبو فياض» (نسبة لدروه في الولادة من الخاصرة» أن ينسحب من المشهد الرمضاني في الموسم الماضي من دون أن يكون حضوره كما اعتاد. اعتكف في منزله في الساحل السوري مع عائلته، وحوّل صفحته على الفايسبوك إلى منبر يسبك من خلاله القليل من الأمل، كونه خبيراً في محاربة اليأس والكآبة والقلق وتلك هي مفردات السوري هذه الأيام.
يصوّر ملحو نفسه أمام البحر وفي الجبل وينشر تعليقات متلاحقة يختمها بلازمة «إي نعم» وهي المفردة التي اعتاد الحكواتي أن يرددها في مقاهي دمشق القديمة أيام زمان. لا يمسك نجم «ضبوا الشناتي» (لممدوح مادة والليث حجو) السوية الأدبية اللازمة لأنه ليس كاتباً، لكنه يبرع في الالتقطات الذكية والبسيطة. هذا ما جعل إذاعة «راديو حلا» السورية التي تبث من محافظة اللاذقية، تقترح على ملحو تحويل هذه التعليقات الفايسبوكية إلى اسكتشات إذاعية، على أن تكتبها مجموعة محترفة من الكتّاب. وبالفعل أينعت الفكرة وقدمت الإذاعة حوالي 27 اسكتشاً معنونة بـ «قاسم خبزو وملحو» ليدلي الممثل السوري برأيه مستفيداً من إلقائه المميز وما يقوله من التقاطات لها علاقة بالظرف الراهن، إضافة إلى السير بمحاذاة الوضع الإنساني بطريقة تمزح الحاضر بالحنين إلى الماضي، وتقارن بين أساليب حياة أجيال سورية متلاحقة. وتختم بـ «إيه نعم» ترافقها موسيقى عبارة عن خليط لا هوية له بين كلاسيكات الترومبيت والكمان، وعود نصير شمة من دون أن يكون الايقاع الموسيقي مرتبطاً بالكلام ربما لمحاولة التعبير عما يدور حولنا من فوضى. الاسكتشات الإذاعية التي يمكن لها أن تتطور وتصبح مادة تلفزيوينة مبهرة يعتقد صنّاعها أنها أقرب إلى الوشوشة في الأذن كمعادل لأي سرّ يهمس في مسامع من نفضي له بما نريد.
على ضفة موازية، يتحضر ملحو للمشاركة في مسلسل «أحمد بن حنبل» (سيناريو وحورا محمد اليساري وإخراج عبد الباري أبو الخير) حيث سيؤدي دور «ابن أبي دؤاد» قاضي القضاة والمتحكم بالعدل، والند الحقيقي للإمام. ولم يحسم ملحو قراره بعد إزاء المشاركة في فيلم نجدت أنزور«داعش فانية وتمدد» (إنتاج المؤسسة العامة للسينما).