2013/05/29
رمضان إبراهيم – الثورة
لا يكاد المشاهد يبتلع خيبته من برنامج مستنسخ عبر الأقمار الاصطناعية وعبر شركات الإنتاج الغربية حتى تطالعنا بعض الفضائيات التي أدمنت هذا النوع من الاستنساخات ببرنامج آخر تمت سرقته أو شراء الترخيص لعرضه.
والأنكى من ذلك هو صفة الحصرية التي تطلقها القناة على عرض هذا البرنامج أو ذاك!
إذاً هي لعبة أو قد تكون خطة من قبل المعنيين في قناة mbc على سبيل المثال لتقديم كل ما هو رث ومستهلك في الغرب دون المحاولة في ابتكار برنامج يكون من صنع العقلية والذهنية الخاصة بالقناة لتقديمه لمشاهدها العربي الذي ملّ التقليد وأحياناً سرقة الأفكار والبرامج !.
البرنامج الذي تعرضه المحطة المذكورة هذه الأيام والذي يدعى باللغة الأجنبية( the voice ) والذي اجتهد الجهابذة في القناة على تعريبه ليصبح (أحلى صوت ) فيه العديد من السقطات والمظاهر المنفرة طبعاً دون إغفال الدور الذي يلعبه الديكور في سرقة الأضواء أحياناً من المشاركين أو حتى من لجنة الحكم على الرغم من حركات شيرين الممجوجة والمملة في كثير من تعليقاتها !
وإذا كنّا تابعنا عبر سنوات عديدة الكثير من البرامج الفنية ( سوبر ستار بنسخة المتعددة ، ستار أكاديمي أيضاً ، أرب آيدل .. وغيرها) التي هي على شاكلة - أحلى صوت - وتختلف عنه في بعض المفاصل فإننا قد تفاءلنا بالبرنامج المذكور الذي كان جديده الاكتفاء بسماع صوت المطرب المشارك دون معرفة (هويته، أو جنسه أو لونه..الخ) وهو ما يعتبر ميزة مهنية تعيدنا إلى زمن الفن الأصيل الذي لم يلتفت إلى شكل الفنان وإنما إلى صوته وحسب، وهو كما نعرف كان سمة عصر المذياع قبل دخول التلفاز وما تبع ذلك من ترويج وإعلام ورواج للقيم الاستهلاكية.
وإذا كان برنامج أرلاب آيدل قد رفض أحد المشاركين الذي جاء من بلاد تاج محل ( الهند) طبعاً المقيم في هولندا والذي يتقن الغناء باللغة العربية فلماذا يقبل برنامج كـ (أحلى صوت) الغناء باللغة الأجنبية وهنا أسمح لنفسي كمتابع عربي لهكذا برامج أن أسأل القائمين عليها إن كان هناك من غنّى باللغة العربية في بلاد العم سام ؟!. طبعاً ليس في هذا السؤال تحيّز للغة العربية ( التي أقدسها) ورفضاً للغات الأخرى أو الثقافات الأخرى بل هو سؤال عن مدى قدرة لجان الحكم أو المستمعين على الحكم الصحيح على الغناء باللغة العربية( قد يحتج علينا البعض بأن لجنة الحكم تتقن اللغة الأجنبية فأقول لهم بأن بعض الكلمات باللغة العربية صعبة على بعض أعضاء اللجنة فما بالكم باللغة الأجنبية وبالألحان الغربية).
وطالما أن البرنامج عرّف عن نفسه بأنه يهتم بالأصوات فقط بغض النظر عن شكل أو حركة أو ( كاريزما) المشارك فلماذا بتنا نشاهد القبل المجانية من شيرين لصاحب الشعر المجدول المدعو فريد غنام؟!. هو ليس حسداً مني شخصياً مع أن صوت المشارك جميل ولكن لتكن التعليقات على الصوت بدلاً من كل هذه الهيصة التي تفرِغ التعليق من محتواه وكلنا يعلم أن النقد يجب أن يكون مستقلاً ونزيهاً وخالياً من عبارات توقعه في مطبات لا فائدة منها !
وطالما أننا نتحدث عن الصوت الذي يجب أن يكون هو العلامة الفارقة للحكم بين متسابق وآخر فأسمح لنفسي بالسؤال عن جدوى رفض صوت مغنية اعتدنا عليها تبدع في أغاني الطرب لصالح مغني آخر صرّخ وتمايل وتحرّك في كل اتجاه على المسرّح وهو يغني أغنية أجنبية وأعتقد أن فارس الأغنية العربية عاصي الحلاني قد أوقع نفسه في دوامة علامات الاستفهام والتعجب من هكذا حكم !
أنا شخصياً معجب بالرائع كاظم الساهر لأنه الوحيد الذي يتحدث بحيادية شبه مطلقة وبجدية لفتت أنظار كل من يتابعه بعكس تلك التعليقات التي تأخذ من وقت البرنامج والتي تدور بين شيرين وعاصي الحلاني إذ تبدو المجاملات والابتسامات التي لا تخدم البرنامج ولا تضفي عليه شيئاً من الجديّة هو بأمسّ الحاجة إليها.
بقي أن نذكر أن المشاركات الخليجية في البرنامج أيضاً كانت ملفتة ولكن في ضآلتها مقارنة مع القوة الطربية التي جاء بها الآخرون كما أصغينا إلى مشاركات غنين لأسمهان إلى جانب آخرين اختاروا أغاني طربية لأم كلثوم وسيد درويش ووديع الصافي وغيرهم من آباء الطرب العربي الأصيل في حين أن المشاركين الخليجيين دخلوا المسابقة بأغنيات شعبية كحال المغنية العمانية التي خسرت بعد أن شاركت بأغنية أحلام (والله أحتاجك أنا) ذات النغمة الواحدة في حين أن أغلب المشاركات العربية في البرنامج دخلن بأغنيات صعبة ومتعددة المقامات ما يكشف حجم الثقافة الغنائية المتدنية لدى المؤدين الشباب في الخليج حيث لا تزال الذائقة الشعبية تهيمن على الفن الغنائي هناك على ما يبدو!
برنامج أحلى صوت كان يمكن أن يحتل مرتبة متقدمة بين البرامج الترفيهية لو بقي وفياً للحكم على الصوت وبالتالي لو بقي وفياً لعنوانه !