2013/05/29
لميس علي – الثورة
بوابة الصوت.. هي الرابط بينهم.. بها.. منها.. و عبرها.. سيجتمعون، و يتنافسون على لقب الحلاوة المزعومة و الموهومة.
لبرهة.. ربما تخيّلتَ أن المنافسة انقلبت.. فتحوّلت من كونها ما بين متسابقين، على لقب (أحلى صوت) في البرنامج الذي يُبث حالياً على قناة (mbc).. لتصبح ما بين الفنانين المشرفين (عاصي حلاني، صابر الرباعي، شيرين عبد الوهاب، كاظم الساهر).. أساتذة صوتيون سحبوا بساط المنافسة من تحت أقدام المتقدمين.. و دعموها بأضواء نجوميتهم..
هل أبقوا شيئاً من انتباه المتلقي ليلحظ به و يتذوّق عبره حسن الأصوات المعروضة على مسمعه.. ؟
نجوم يحضرون، على أساس، أنهم أساتذة (بروفيشينال) ينتقون أصواتاً (ماحصلتش).. مميزة.. باهرة.. ماهرة.. ساحرة.
و بينما هم يبحثون عن ضالتهم الصوتية (الساحقة الماحقة) يتوه المشاهد في دوّامة الأضواء المنفلتة (صوتياً و نجومياً) من فضاء (تابلو) البرنامج المنقسم إلى حيّزين، أول هو خشبة مسرح (stage) يقف عليها المتسابق، و ثانٍ يضم الفنانين و هم يجلسون بطريقة معاكسة، بحيث لايشاهدون المتسابق ليركّزوا بالتالي على الصوت و فقط.
و للصراحة..
أسلوب و طريقة التنافس بين الفنانين، في انتقاء كل منهم فريقه، من مناكفات و من لهجة تحدٍّ، كما حدث بين عاصي و كاظم لدى ترغيب كل منهما المتسابقة السورية نور عرقسوسي للانضمام إلى فريقه، أو في حركة فعلتها شيرين بالوقوف على كرسيها لجذب ذات المتسابقة.. كل ذلك يبسط، و لو قليلاً، أمام المتلقي شيئاً من شخصية الفنان، و كما لو أن البرنامج وسيلة لاختبار شخصياتهم و ليس لانتقاء أحلى صوت. و هي بالوقت نفسه حركات (أكشنة)تمارس دور الشد و الجذب لعين المتلقي.
و فيما تدور على شاشة (mbc) عجلة البرامج ذات الأصل الغربي الممسوخة عربياً و (الأمسخ)فكرياً.. و في الوقت الذي يبدأ به عرض (أحلى صوت).. يتزامن ذلك مع إعلان على محطة أخرى للبرنامج ذاته لكن بالنسخة (الأورجينال- الأصلية).. الأمر الذي يجعل فكرة البرنامج (فاقسة.. ناكتة)تنضم إلى لائحة التفقيس والتفريخ البرامجي المواهبي غير المحدودة.
لاحظوا.. أن أكثر البرامج، كانت في الفترة الأخيرة، تكرّس موهبة الصوت (Arabs got talent، Arab Idol، The voice «أحلى صوت)..
لكن.. و للتدقيق فيما وراء غبار الفضاء الذي ينثرون، هل يكرّسون مواهب (الصوت) أم يزرعون (وهم الصوت).. ثم عن أي أصوات يبحثون..؟!
تبدو حالة بذر (الأصوات) على شاشات فضاء (البترودولار)و كما لو أنها تعبيرٌ عن حاجة غير مشبعة..
هل في ذلك ملمح إلى جعل الصوت (الفيزيولوجي) تعبيراً و تعويضاً عن فقدان الصوت (المعنوي).. عن فقدان صوت الفرد كقيمة إنسانية في فضاء البترودولار..
هل أدركوا أن البهرجة المادية لا تصم الآذان عن نشاز يمارسونه على مقامات الفضاء العربي.. تعويضاً عن نقص في خامات الصوت و الحس الإنساني لديهم..؟
و البشرى السارة، في كل ما تقدّم، أن تفكير العربان ارتقى لدرجة تجعلهم يسخّرون الميديا و يجعلون فنونها تعويضاً عن شيء مفتقد.. لم يجربوه.. لم يختبروه.. ولو عَلَت أصوات مواهبهم (زعيقاً).