2017/12/13
بوسطة
بتاريخ 07/12/2017 نشر "بوسطة" خبراً عن اعتذار المخرج "هشام شربتجي" إخراج الجزء الرابع عشر من سلسلة "بقعة ضوء"، والسبب الذي دعاه للاعتذار حيث قال: "هذا ليس مشروعي منذ البداية، عدا عن أنني تابعت الاجزاء الأخيرة منه وأعتقد بأن السلسلة أصبحت أشبه بشخص يحتضر في العناية المشددة.. وليس لدي قدرة على إنعاش الأموات".
الأمر الذي دعا "بشار عباس" المعد والمشرف على نصوص العمل لهذا الموسم للرد على المخرج "هشام شربتجي"، وجاء فيه التالي:
لو كان المسلسل جيّداً لَمَا اشتغلنا عليه
أوردتْ صحف ومواقع عديدة أنّ المُخرج التلفزيوني هشام شربتجي رفض إخراج بقعة ضوء 14 لهذا الموسم 2018، قائلاً "أعتقدُ بأنّ السلسلة أصبحت أشبه بشخص يحتضر في العناية المشدّدة،وليس لديّ القدرة على إنعاش الأموات".
ثمّ إنّه يوغلُ أكثر،فيُضيف "إنّ أيّ تنازل من قبلي هو بمثابة تنازل عن الأخلاق الشهام ... إذا بدّي موت من الجوع ما بشتغل أيّ شي"!!
الكلمات السّابقات يستدعينَ الردّ عليهنّ،من غير أن يُركَن إليهنّ شيئاً قليلا.
أوّلاً:بقعة ضوء حقّاً يُعاني من انخفاض المستوى في المواسم الأخيرة،وعلاجُ ذلك يكون أوّلاً وقبل كلّ شيء بالاعتناء أكثر بالنصّ،وهذا ما نجهد عليه آناء الّليل وأطراف النّهار،لو كانت جيّدة لما اقتربنا منها،فالأجمل من النّجاح،هو تحويل الفشل إلى نجاح.
ثانياً:الاعتماد على الأجزاء الأخيرة الضّعيفة في الحكم على الجزء القادم وتقييمه،هو رأي يُشبه كثيراً – في انعدام دقّته وتحيّزه وظلمه - أن نكون الآن في عام 2005 عندما صدر الجزء الخامس من السلسلة،والّذي كان من أضعف الأجزاء،فنقول اعتماداً عليه بأنّ العمل لن ينجح بعد الآن.
ثالثاً: الأماني النّبيلة التي ظهرت في التصريح " أي تنازل من قبلي هو بمثابة تنازل عن الأخلاق الشهام .. وإذا بدّي موت من الجوع ما بشتغل أيّ شي"هي نوايا نقدّرها،ونشكر لها،يحدونا أملٌ أن تتفشّى بين المشتغلين بالدّراما المحليّة،لأنّها نوايا رائعة تكشف عن فارس نبيل يُشهر سيفه ويهزّه إذْ يقولها،وربّما انحنى جاثياً على ركبة واحدة،ومدّ سيفه إلى الأمام لينعكس على نصله ضياءُ شعاع نور مجد الفنّ فيتوهّج، وفي هذا الصّدد نتوجّه بأطيب الأماني ألّا يتطور الانفعال أكثر،فالسّيفُ خطير حتّى عندما يُشهر للاستعراض.
كما أنّ الموقف لا يُتّخذ معنا،ولا يُقال عندنا،ليس فقط لأن الاشتغال ضمن فريق بقعة ضوء14 يُشرّف ويرفع من شأن أي مُشتغل في الدّراما المحليّة،بل أيضاً لأنّ تصريحاُ دونكيشوتيّاً من هذا العيار يعطي إيحاء بأنّ ما نشتغل عليه بعيد عن" الأخلاق الشّهام" الّتي لا يُريد القائل أن يتنازل عنها؛وهُنا لا بدّ من التأكيد على أنّ المُشتغلين حاليّاُ على المشروع،لديهم الاستطاعة والكفاءة على توزيع مراويل،وقراطيس،وأقلام على الأخلاق لتعليمها كيف تكون راسيات القيم.
إنّ بقعة ضوء بحلّته الجديدة يبتعد عن جميع أمراض واحتيال الكوميديا التلفزيونيّة المحليّة؛لن ينطوي على ما يُسمّى كوميديا ال( غروتيسك) ولن يكون فيه كوميديا الفيرس The farce المسرحي المتمثّلة بمسرح دبابيس،ولا تهريج Clowning لأنّه للسيرك،فنحنُ لا نُحبّذ فنون البهلوانات،ولا كوميديا " الزحلطة" في استجداء لضحك الجمهور،شخصيّاتنا الّتي نعمل عليها حقيقيّة،محليّة،يحدث معها وتفعل ما يجعل الجمهور يضحك - ليس عليها وإنّما- معها ومنها،يحبّها الجمهور لأنّها تُضحكه،وتُضحكه لأنّه يتعاطف معها ومع أفعالها ومفارقاتها، يحترمها إذْ يرى نفسه فيها على الشّاشة،هذا الجزء يسعى إلى وضع الكوميديا السّوريّة على طرق جديدة،عندما بعد عرضة يكثر المقلّدون،فالسّامي إذا ظهرَ مرّة،يظهرُ في كلّ مرّة.
رابعاً:الاشتغال أو حتّى الدّنو شيئا من بقعة ضوء14،هو فُرصة مهنيّة وأخلاقيّة كبيرة لأي مشتغل بهذه الصّناعة المحليّة لكي يسمو بنفسه كثيراً،وإنّ مُخرجاً تلفزيونيّاً لديه في مسيرته المهنيّة 20 أو 30 مسلسل،لا يعني أنّ لديه الحقّ في إطلاق الكلام على عواهنه،ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ وهم القيمة الفائضة الّذي يتسبب به عدد الأعمال لا يعني لنا الكثير،فالفنّ ب" الكيف" وليس" بالكمّ" ب" النّوع" وليس" بالعدد"،تستطيع شركة اسمنت أن تفخر بزيادة انتاجها آلاف الأطنان،وإنّ مصنعاً للغسّالات قد يعتبر نفسه أفضل من مصنع آخر يُنتج قطعاً أقلّ،ولكن الفنون مسألة مختلفة؛والإبداعُ خَلقٌ آخر؛أورسون ويلز تربّع على عرش هوليود والتّاريخ الفيلمي بفيلمه الأوّل،ولم يشفع لإدّ وود عدد أفلامه الّتي يصعب أن تُحصى،فحصل على جائزة الدّيك الرومي كأسوأ مخرج على الإطلاق؛إنّه مما لا شكّ فيه بأن القول " أي تنازل من قبلي هو بمثابة..إلخ" يُعتبر: هراء كالكلامِ بلا معانِ.
خامساً وأخيراً:لا نُقرّ ولا نعترف ولا نقبل بأنّ للدّراما التلفزيونيّة المحليّة تقاليد وآداب ومعايير تؤهّلها لأن يُطلق عليها – مجازاً- تسمية كار،ولا نعرف لهذا الكار الخلّبي شيخاً،لو كان ثمّة كار أو شيخ لهذه" الملْطَشة" إذاً لَما تردّت إلى أسفل الدّركات؛ألا فليُنزع هذا التّاج الورقي إذا كان قد سقطَ سهواً على غير موضعه،ولتُخلع تلك الملابس الفضفاضة؛إنّنا نحاول أن نرتقي بهذه الصّناعة يوماً إلى كار،وحتماً – إذا اتّسع الأجل - سننجح،عندها ننظر فننتخب من بلقب "شيخ الكار"هو جدير،أمّا الآن فليُخبر الحاضر الغائب بأنّ الكرسي شاغر،وصاحبه مفقود.