2017/03/12
الحياة - أمين حمادة
تغيّر شركة «صبّاح إخوان – سيدرز آرت بروداكشن» من استراتيجية المقترح الدرامي الخاص بها في الموسم الحالي، من المسلسل المقتبس إلى العمل الأصلي والملاصق للواقع، بالاستناد إلى نص مسلسل «الهيبة» من تأليف وسيناريو وحوار هوزان عكّو صاحب الأعمال التي تحصد غالباً استحسان نقّاد فنيّين مثل «بنت الشهبندر» (إخراج سيف الدين سبيعي)، مع استمرار التعاون المثمر مع المخرج سامر البرقاوي وثنائية الممثلين تيم حسن ونادين نسيب نجيم في البطولة، إضافة إلى الممثلين منى واصف وعبدو شاهين وكارلا بطرس وأويس مخللاتي ووجيه صقر وباتريك مبارك وناظم عيسى وسواهم.
يكشف الكاتب السوري في مقابلة لـ «الحياة»، بكثير من التكتم، أن أحداث العمل الذي بدأ البرقاوي بتصويرها قبل أيام قليلة، واقعية تجري في مكان وزمان حقيقيين، قائلاً: «أفضل أن تقوم حكايا المسلسل بالتعبير عن نفسها عند العرض، هي دراما اجتماعية معاصرة، تتناول حياة عائلة تعيش وفق نمط أخلاقي معيّن، تدخل إليها شخصية «عليا» (نادين نسيب نجيم)، وهي زوجة شقيق رأس العائلة، آتيةً من مكان مختلف تماماً، فيغيّر وصولها مصيرها إلى الأبد».
ويضيف: «هذا المكان هو منطقة تهريب، يسيطر عليها «جبل» (تيم حسن) الذي يعيش في منظومة أخلاقية محددة تتعرض لمحاولة تغيير، تؤدي حالة صراع بين الثابت والمتحرك، معركة بين ثبات قيم راسخة متأصلة ومحاولة تطويرها أو تطويقها. «جبل» برمزه سيتحمّل أثراً معيناً، هو ما سنشاهده في العمل، الأثر الذي حصل على قرية (الهيبة)». ويلفت إلى أن حتى أسماء الشخصيات لها دلالتها وليست عبثياً، وتستمد معانيها من الجغرافيا، مثل «شاهين» الشخصية التي يجسّدها عبدو شاهين، في إشارة إلى الطير الحر الذي تتميز به سماء منطقة «الهيبة»، و «صخر» الشقيق الأصغر لـ «جبل»، الشخصية الصلبة بأداء أويس مخللاتي.
ويشير عكّو إلى التداخل اللبناني- السوري في العمل، مؤكداً أن «السوري سيتحدث السوري واللبناني سيتحدث اللبناني». منى واصف تجسّد شخصية «ناهد عمران» والدة «جبل» السورية، والمرأة الحديدية التي تزوجت بلبناني ابتغى الحصول على حماية عائلتها، في ظرف معين.
ويكشف الإعلان الترويجي للعمل ومعلومات أن «عليا» السيدة المثقفة وامرأة الأعمال، تأتي مع ابنها من كندا بعد وفاة زوجها إلى مسقط رأسه «الهيبة»، المنطقة التي تسكنها العشائر بقيادة «جبل» شقيق الزوج المتوفى، لتصدم بعمل العائلة في التهريب، وإصرار الأخيرة على حضانة الابن بحكم العادات، فيبدأ الصراع بين الشخصيتين الرئيسيتين، الذي يتحول في مرحلة ما إلى تحالف، ومثيراً حيرة المشاهد حول وصوله إلى حب بينهما من عدمه، علماً أن البرومو يختار فنياً عدم وضع «جبل» و «عليا» في كادر واحد، بل يشير إلى «العروس والعريس» على قالب الحلوى دفعاً للتشويق. وتدفع المشاهد الأولى للعمل قيد التصوير في لبنان، إلى تلمس الواقعية مثل اختيار سيارة «رانج روفر» قديمة لتتقدم موكب «جبل»، في مشهد يحاكي الحقيقة، إضافة إلى إسقاط المشاهد شخصية «جبل» على شخصية نوح زعيتر أحد الفارين من العدالة في منطقة بعلبك- الهرمل اللبنانية، والذي يقول في تقارير إعلامية إنه مسؤول عن عائلات كثيرة بسبب فقرها، في جملة تمر مثيلتها في البرومو.
يؤكد عكّو أنه من الطبيعي أن يشعر أي متفرج أن الشخصية التي يراها، لها مقابل في الحياة الحقيقية، وهو شيء لا يمكننا منعه أو وقفه. ستكون هناك سلسلة من الإسقاطات في العمل، والناس لديها رغبة في مشاهدة ما يشبهها وتعرفه»، مشيراً إلى أن الشارة ستوضح أن «أي تشابه مع أي شخصية هو غير مقصود وبمحض الصدفة». ويتابع: «النص يقترب من الحقيقة من دون قصد محدد لأي شخص، ولكن لا يمكننا أن نمنع المتفرج من إجراء أي إسقاط، ليس مصادفةً بل حقيقة، هناك رغبة في أن يكون العمل قريباً زمنياً وبصرياً للمشاهد، لذلك لن يكون الأخير بعيداً من الأحداث المعاصرة التي يعيشها الناس، كجزء من محاولات توطين النص في زمان معاصر وأمكنة تكاد تكون حقيقية».
ودخول عّكو إلى منطقة جديدة في الدراما المنتجة في لبنان، ومعالجة الواقع درامياً في نصه، يتكئ إلى بحث عميق في البنية العشائرية وعاداتها، إضافة إلى مخزونه الثقافي وتجربته الخاصة، كاشفاً أن جزءاً مهماً من عمله كان حول المنطقة البقاعية. يقول: «الجزء الأكبر من الحكاية موجود في موروثي الشخصي، هذه البيئة أنا غير غريب عنها، وهناك مساحة في البحث شملت منطقة بعلبك- الهرمل، وعلى طول الحدود مع سورية، وجزء من الموضوع متعلق بالتهريب، لذا تعيّن دراسة طباع البيئة والمكان»، مشدداً على أن «الموضوع ليس عن العشائر بمقدار ما هو عن المنظومة الأخلاقية في هذه البيئة، والتي تستحق أن يسلّط الضوء عليها، وتحمل الكثير من القيم والمعاني، مثل الصلابة والأصالة واللحمة، ولكن نحن لا نصوّر البيئة كما هي، إنما جزء من هذا الإرث الذي تعيشه، من دون تعميم أو إغفال أن لكلّ منها خصوصيتها، كما أننا لا نحاكم الناس ولا قيمهم ولا مفاهيمهم».
ورداً على سؤال حول تغييب هذه المنطقة وواقعها في شكل جدي عن الدراما اللبنانية، يجيب عكّو: «هذه من عوامل القوّة في العمل، نطرح بيئة جديدة في الدراما اللبنانية، ستكون هناك مشاهد كثيرة في بيروت، بمعنى المدينة، ولكن الأهم سيكون على لبنان الهامش، والذي هو غنيّ جداً، وأكثر غنى من أي بيئة تمّ طرحها. منطقة غنيّة لم تُقارب فعلياً ولم تُدرك ولم تُشبع في الدراما التلفزيونية».
وفي خيار لافت، يؤدي الممثل اللبناني الشاب عبدو شاهين، ابن مدينة الهرمل، دوراً بارزاً في أحداث «الهيبة»، إذ يعيش صراعاً بين جبه (فخذ من العشيرة) و «جبل» ابن جّب آخر، لاتهامه بأنه السبب وراء دخول والد «شاهين» السجن، في تجسيد لواقع حقيقي وصراع داخلي يعيشه أبناء منطقته، بين قناعاتهم الشخصية وإثبات ولائهم العائلي أو العشائري حتى على حساب أنفسهم، باستفزازات غالباً ما تقوم على شعارات «النخوة» و «إثبات الرجولة»، ولكن في غير مكانها