فور إعلان القائمين على مسلسل "فوضى" (تأليف حسن سامي يوسف ونجيب نصير إخراج الليث حجو) تأجيل إنتاجه للموسم الرمضاني المقبل؛ ملأت صفحات الفيسبوك السورية عشرات المنشورات الغاضبة والمنددة بقرار الشركة المنتجة (سما الفن الدولية) والتي تخلت عنه لأسباب مالية؛ بعد أن قرر مديرها فراس دباس استقطاب المغنية اللبنانية سيرين عبد النور للعب بطولة مسلسل ببئة شامية تعتزم الشركة إنتاجه لهذاالموسم (بعنوان "قناديل العشاق")، تتلقى لبطولته أجراً ضخماً يعادل ثلث ميزانية مسلسل "فوضى" تقريباً بحسب مصادر مطلعة على سير إنتاج العملين.
اللافت (والغير مفاجئ) كان غياب ردود فعل حقيقية من جانب الفنانين السوريين؛ المعنيين المباشرين بالمشكلة والتي تعكس بطبيعة الحال أحد أعراض مرض الدراما في بلادهم. مع استثنائات قليلة من ممثلين بادروا بتصريحات خجولة لم تصل حد الإشارة إلى المنتجين والهيئات التي تقف خلفهم أو تحميلهم مسؤولية هذه الدرجة من الانحطاط.
بالمقابل اعتبر المئات من مترقبي العمل أنه كان "فرصة مبشّرة"، وربما تكون "وحيدة هذه السنة"، لـ "تقديم عمل بسوية جيدة يحترم ذائقة المشاهدين"، سيما أن نصه يحمل توقيع الثنائي حسن سامي يوسف ونجيب نصير الذين يعودون للعمل سويةً بعد انقطاع سنوات، قدما قبلها أعمال تعتبر علامات فارقة في الدراما السورية كـ مسلسلي "الانتطار" و" زمن العار" (إخراح الليث حجو).فعدا عن اسم المخرج "صاحب السجل الحافل بأيقونات درامية لا تنسى"، يبدو سبب التأجيل "مثيراً للسخرية والاستفزاز في آن معاً" سيما بعد أن كشف حسن سامي يوسف عن الحيثيات التي رافقت التحضيرات خلال أشهر.
الحملة اشتملت أيضاً على عدد من النقاد والصحفين الذين عبّروا عن استيائهم وغضبهم لما وصلت إليه الصناعة الدرامية في سوريا، منهم ماهر منصور الذي كتب سلسلة تدوينات جاء فيها: "لعل فوضى كان الرهان الأكثر أماناً لتميز مسلسل سوري في رمضان2017 .. أو هكذا تملكنا الوهم وسط فوضى الإنتاج التي نشهدها، إذ كيف للدراما السورية أن تكون بمنأى من الخراب الذي نال من كل شي حولنا"، وتسائل أيضاً : "لو فرضنا ان شركة سما استغنت عن نص فوضى، هل هناك من سيتبرع بإنتاجه فوراً ليحفظ ماء وجه الدراما السورية؟!".
محمد الأزن انتقد استسلام شركات الإنتاج في سوريا لشروط السوق التي تفرض وجود ممثلين لبنانين في العمل لضمان تسويقه على الشاشات العربية و"يبدو أننا سنخسر عملاً نابضاً بالواقعية، كم محزن أن منتجينا يريدون من نجومنا وكتابنا ومخرجينا أن يكونوا مجرد سنيدة وصناعية في حضرة سيرين ونيكول وغيرهن وبأجور أقل هزلت".
رامي كوسا أن الدراما السورية إلى زوال " لا المؤسسة الحكومية استطاعت، خلال سنوات الحرب كلها، أن تنتج عملا واحدا منافساً، ولا الشركات الخاصة، التي يدير أغلبها رأس مال جاهل، عنيت بالدفاع عن المسلسل السوري بصفته صناعة وطنية" وأضاف "حين تبازر شركة ما ممثلاً سوريا قادرا ونجما أولا وصاحب تاريخ فني واسع على ربع ونصف أجره، ثم تدفع ثلاثة أضعاف المبلغ لممثلة لبنانية، لا توازيه قيمة، بعد أن تسوّل المعنيون رضاها، فلا يلومنّنا ناقد إذا أدرنا ظهورنا للمهنة التي نحب وفضلنا عليها الفيديو كليبات."