2016/10/06
الوطن - وائل العدس
نجحت الدراما السورية بتوثيق حرب تشرين التحريرية عبر العديد من الأعمال التلفزيونية، ركزت فيها على بطولات الجيش العربي السوري في ميدان المعركة، وحرصت في طياتها على إحياء روح البطولة والانتماء والتضحية من أجل الوطن والشعب، وخاصة أن ذلك الانتصار كان وسيبقى معلماً على الطريق، ومؤكداً أن الأمة العربية قادرة على صنع المعجزات.
تبدو الأعمال التي رصدت حرب تشرين تحديداً، أن بعضها لم يصل إلى مستوى هذا الحدث التاريخي الذي غير في ضمير الأمة وفي خريطة الصراع العربي الإسرائيلي.
وأما عظمة هذا الحدث التاريخي، فلم تعط الدراما السورية بكل إمكانياتها ما يجب منحه لحرب قلبت الموازين، فاقتصرت الإنتاجات على أعمال تعد على أصابع اليد الواحدة، في حين لم تنجح في ترسيخ أفكارها إلا عبر عمل واحد هو «عواء الذئب» بالأبيض والأسود الذي مازال شاهداً على حكاية واقعية تهتز لها الضمائر.
قصة واقعية
لا يمكننا الحديث عن الدراما الوطنية من دون التطرق إلى الفيلم التلفزيوني «عواء الذئب» والجملة المشهورة التي يصدح بها الفنان الراحل صلاح قصاص «ألف حبل مشنقة ولا يقولوا بو عمر خاين يا خديجة».
يتحدث هذا الفيلم عن «أبو عمر»، المهرّب الذي يقتل شرطياً والهارب من العدالة والمحكوم بالإعدام، لكنه في أثناء حرب تشرين يتمكن من الإمساك بطيار إسرائيلي سقطت طائرته بالقرب من مكان اختبائه عن أعين الشرطة بعد تعرضها لصاروخ من سلاح الطيران السوري، فيحاول إغراءه بالمال ليساعده على الهرب، لكنه يرفض ويذهب به إلى الشرطة ليسلمه ويسلم نفسه بآن واحد.
الفيلم من إخراج الراحل شكيب غنام وتأليف خالد حمدي الأيوبي عن قصة واقعية حدثت في بلدة الزبداني في الريف الدمشقي، وقد نفذته دائرة الإنتاج السينمائي في التلفزيون العربي السوري.
يجسد الفيلم شهامة الإنسان السوري وانتماءه العميق لوطنه وأرضه، راصداً قدرته على المواجهة وحبه للمقاومة حتى في أحلك الظروف.
وأصبحت الجملة التي نطق بها «أبو عمر» أيقونة درامية ما زالت تتردد حتى الآن على ألسن الأجيال السورية بمختلف أعمارها لما لها من آثار دغدغت المشاعر الوطنية.
ويعرض الفيلم مقاطع صوتية من إذاعة دمشق تجمل أخباراً مدوية بتفوق الجيش السوري وتكبيد العدو الإسرائيلي خسائر فادحة، وصاحب ذلك مشاهد حية من أرض المعركة ومعشقة بصوت فيروز وأغنيتها الشهيرة «خبطة قدمكن عالأرض هدارة» التي تثير الطيار الإسرائيلي مطالباً بتغيير التردد والاستماع إلى الإذاعة الإسرائيلية فيرد عليه أبو عمر ضاحكاً «إسرائيل ما بتطلع بهادا الراديو».
مزج مترابط
بعد حرب تشرين التحريرية بعامين، أنتج التلفزيون السوري سهرة تلفزيونية حملت عنوان «العريس» للمخرج شكيب غنام أيضاً.
وترصد هذه السهرة قيمة الشهادة العليا واعتبارها عرساً وطنياً يعكس روح التضحية للمواطن السوري واستعداده لتقديم أغلى ما يملك فداء للوطن.
أما تمثيلية «حكاية من تشرين» للمخرج هاني الروماني فاختلفت شكلاً ولكنها تشابهت مع سابقتها مضموناً، حيث وثقت قصصاً ميدانية من أرض المعركة في مزج مترابط بين مشاهد الدراما وواقعية الشريط الوثائقي.
وتميزت تمثيلية «الولادة الجديدة» للمخرج غسان باخوس بإبراز عمق العلاقات الاجتماعية بين السوريين ووقوفهم بعضهم إلى جانب بعضٍ ونسيانهم لكل الخلافات؛ مع رصد معارك حقيقية ضارية بين الجيش العربي السوري وقوات الاحتلال؛ موثقاً بذلك لذاكرة بصرية لافتة في تعاطيها مع حرب تشرين؛ مصوراً تلك الروح الأصيلة للجندي السوري؛ والتي جسّدها الفنان رشيد عساف في أثناء أدائه لدور قائد كتيبة دبابات تتعرض لقصف الطيران الإسرائيلي ليحمل بعد ذلك رفيقه معيداً إياه إلى أهل قريته.
بعد وطني وقومي
قدم المخرج نجدت إسماعيل أنزور مسلسل «رجال الحسم» عن بطولات الجيش السوري في حرب تشرين من خلال حبكة جاسوسية يقوم عبرها ضابط سوري في متابعة شبكة للموساد في أوروبا.
وتدور أحداث المسلسل الرئيسية حول الشاب «فارس» ويتطرق بطريقة إنسانية إلى قضيته التي دفعته للانتقام لعائلته عبر القيام بعملية فدائية في الأرض المحتلة، ولكن الظروف تحول دون تحقيق ذلك… غير أن إصرار (فارس) على القيام بعمل ما يدفعه للسفر إلى دولة أوروبية والعمل في مطعم يرتاده أشخاص من المافيا الإسرائيلية بعد أن يغير اسمه.
كما يتخلل المسلسل عملية تجسس فيها سلسلة من الأحداث التي سقطت من خلالها الأقنعة عن حياة ضباط الموساد الذين اختبؤوا وراء ستار ولائهم لدولتهم.
ويكسر العمل حجر الجدار الذي اختبأ وراءه جبروت رجال الموساد ليضعهم أمام عاصفة العدالة السماوية التي لابد أن تطبق في الأرض مهما رفض المعتدي.
ويحمل العمل بعداً وطنياً وقومياً وهو يتحدث عن معاناة يعيشها أبناء الشعب السوري في الجولان المحتل وانتشار ثقافة المقاومة ويصور جرائم الموساد.
في المسرح
كانت بداية المسرح عن حرب تشرين بقلم كوليت خوري التي كتبت «أغلى جوهرة بالعالم»، ثم مسرحية «نقطة دم شهيد» التي مولتها المرحومة «سامية المدرس» المدرسة في مدرسة أبناء الشهداء في العام 1974، حتى كانت رائعة الماغوط و«دريد لحام» «ضيعة تشرين».
في مصر
يعد العمل الأول والأكثر نجاحاً في مصر هو «رأفت الهجان» بأجزائه الثلاثة، حيث بدأ عرض جزئه الأول في نهاية الثمانينيات، واستمر عرض باقي أجزائه حتى منتصف التسعينيات، ويدور حول ملحمة وطنية من ملفات المخابرات المصرية تحكي سيرة الجاسوس المصري رفعت علي سليمان الجمال الذي تم زرعه داخل المجتمع «الإسرائيلي» للتجسس لمصلحة المخابرات المصرية، وكان له دور فعال في الإعداد لحرب تشرين على الجانب المصري، وأدى بطولته محمود عبد العزيز وإيمان الطوخي ويسرا ومحمد وفيق ومن تأليف صالح مرسي وإخراج يحيى العلمي.