يساق المدير العام المتنكّر إلى قسم الشرطة بتهمة تزوير توقيعه من دون أن تجد حججه آذاناً صاغية عند المساعد المناوب. حتى عندما يظهر المسؤول بطاقته الشخصية، تصبح التهمة أكبر حسب رجل الشرطة «الحربوق» لأنه يعتقد بأن المتهم وصلت به الوقاحة إلى حد انتحال شخصية هامة! يحاول المدير العام أحمد عبد الحق إغلاق الباب وشرح ملابسات القصة وحقيقة تنكّره للمساعد، فيتأهب الأخير بقامته القصيرة وبدلته العسكرية، وبطريقة كوميدية ملفتة.
ما سبق لم يكن سوى ملخّص بضع مشاهد من الحلقة الأخيرة من مسلسل «يوميات مدير عام1» (1996 تأليف زياد الريّس وإخراج هشام شربتجي)، أحد أشهر أعمال الكوميديا السورية حتى اليوم. الحوار في تلك المشاهد، دار بين النجم أيمن زيدان (المدير العام) والممثل سليم تركماني (25/8/1958-18/5/2016) الذي استطاع أن يحضر في ذاكرة كل من تابع هذا العمل من خلال حفنة مشاهد قليلة، كانت بمثابة ختام لقصّة تنكّر مسؤول نزيه أوقفت لدى عرضها الشارع السوري. وعلى سبيل المصادفة، ستنتهي محطة «سما» السورية من عرض حلقات هذا العمل قبل ثلاثة أيّام، لنشاهد تركماني في آخر إطلالاته، قبل أن يغّيبه الموت صباح اليوم. وبالطريقة ذاتها التي حضر في هذا العمل، اختصر حضوره الفني على مدار 23 عاماً.
بدأت حياة تركماني الفنية بتاريخ 11/10/1988 يوم انتسب إلى «نقابة الفنانين- فرع دمشق» ليلعب لاحقاً عدداً كبيراً من الأدوار التلفزيونية والمسرحية والسينمائية منها فيلم «دمشق مع حبي» لمحمد عبد العزيز، وفي التلفزيون «الدبّور» و «يوميات مدير عام1» و «رجال الحارة» من دون أن تصنع له تلك الأدوار شهرة واسعة، إلى درجة أن جميع مشاهدي الدراما السورية يعرفون شكله من دون أن يحفظ أحد اسمه!
في اتصال مع «الأخبار»، لا يتمكّن نجل الراحل وراقص الباليه جمال تركماني من تمالك نفسه، لكنّه يخبرنا بأنّ والده رحل صباح اليوم إثر أزمة قلبية، وقد تمت الصلاة عليه في مسجد «غزوة بدر» في حي «الميدان» الدمشقي ووري ثرى مقابر الشام. على أن يقام العزاء بين الخامسة والسابعة من مساء اليوم ولغاية ثلاثة أيّام متتالية في «صالة الأشمر» في حي «الزاهرة الجديدة» في دمشق. النعوات والتعازي انحصرت في نطاق ضيّق بالنسبة إلى صفحات الوسط الفني، لكن أبلغ مَن كتب عنه هو زميله الممثل والمخرج السوري مهنّد قطيش الذي كتب على صفحته على الفايسبوك تحت صوة للراحل: «سليم تركماني... تاريخ في الظل ... وظلُّ التاريخ ظالم!».