2016/02/21
الحياة - أمين حمادة
يتقاطع عنوان مسلسل «أحمر» مع اللون الحاد بكل مزاياه بين الجذب والتنبيه ومعاني الدم والحب، إذ يعيد إلى الدراما المعاصرة عبّاس النوري بعد ثلاثة مواسم لبس فيها الزي الشامي التقليدي، جامعاً إياه في البطولة مع ممثلين بأدوات خاصة ومختلفة، على رأسهم: سلاف فواخرجي وديمة قندلفت وعبدالمنعم عمايري ورفيق علي أحمد، في أحداث تبدأ بالتصاعد بجريمة قتل القاضي الفاسد «خالد»، التي تكشف عوالم غامضة منذ تولّي ابن حارته القديمة «العميد حليم» التحقيق الجنائي.
وتتولى المذيعة «سماح» في شكلٍ مواز تحقيقاً صحافياً استقصائياً يربك قصة حب تعيشها مع «أدهم»، فترتقي القصة عبر المعالجة والنماذج الإنسانية من «تشويق بوليسي» في الشكل العام، إلى حامل لمضامين درامية تتثق بهوية الدراما السورية من ناحية الالتصاق بواقع أرضها، متجهةً إلى رؤية وتساؤلات عنه في سيناريو وحوار علي وجيه ويامن حجلي، الأمر الذي أغرى المخرج جود سعيد بالتوجه إلى الدراما التلفزيونية في تجربة أولى، بعد مسيرة سينمائية قدّم فيها خمسة أفلام روائية طويلة، هي: «مرة أخرى» و «صديقي الأخير» و «بانتظار الخريف» و «مطر حمص» و «رجل وثلاثة أيام»، إلى جانب فيلمين قصيرين «مونولوغ» و «وداعاً».
يؤكّد سعيد لـ «الحياة»، أن ميزة النص وخاصيته شكّلتا الدافع لخوض التجربة بعد رفضه عروضاً سابقة على الشاشة الصغيرة، لافتاً إلى أن الرفض لم يكن بدافع الترفع «بل لأني كنت في بحث عن مادة تقدم قيمة بصرية بكل جوانبها. كتابة وجيه وحجلي قدمت لي أكثر من 50 في المئة مما كنت أتوخاه»، مشدداً على أن الحديث عن هذه النسبة يأتي بسبب طلبه الدائم الكمال لتقديم أقرب نتيجة إليه.
ويوضح رؤيته في إخراج العمل التلفزيوني بالاستناد إلى تجربته السينمائية قائلاً: «سأصنع صورةً تعبّر عما نشاهد تكون بحجم التلفزيون، صورةً تحمل كل أبعاد الصورة السينمائية بإيقاع العمل التلفزيوني الذي يقوم على الحكاية بنسبة أكثر».
ويشير سعيد متأسفاً إلى بعض ما اكتشفه في التجربة الجديدة، معتبراً أن كلمة «مرقها» (دعها تمر) أساس في صناعة الدراما التلفزيونية التي يحاول فيها الشرط الإنتاجي ابتلاع الشرط الفني في «طاحونه». وعلى رغم ذلك، يشدّد المخرج الشاب على أنه لا يساوم، بل يحرص على بناء العمل باحترام نفسه وجمهوره، الأمر الذي ينعكس أيضاً إيجاباً على الممثلين، مشيراً إلى أنه أتى إلى المسلسل مع فريقه السينمائي، ما يؤمن بنسبة أكبر سلامة الشرط الفني.
وتطرح التجربة الثانية في الكتابة التلفزيونية المشتركة لحجلي ووجيه أسئلة، بخاصة أن عملهما الأول «عناية مشددة» أثار الكثير من الجدل، في شكل صحّي، إذ قدّم نفساً مغايراً، واعتمد على سيناريو صادم داخل حدث الأزمة السوريّة. يقول الكاتب علي وجيه في اتصال مع «الحياة»: «أحمر لا يغوص في النكبة الحاصلة، بل هي موجودة فقط في الخلفية تحقيقاً لشرط الواقعية، إذ تدور الأحداث في الزمن الحالي». ويوضح ما يريد أن يقوله العمل بالدرجة الأولى: «من خلال تاريخ ثلاث شخصيات نشأت في الحارة: «عباس» (نجاح سفكوني)، و «حليم» (رفيق علي أحمد)، و «خالد» (عباس النوري)، نرى التحولات الاجتماعية التي حصلت منذ سبعينات القرن العشرين، كيف كنا وكيف أصبحنا».
ويؤكد وجيه أنه وشريكه مستمران بدراما الحدث ولغة الصدم، باعتمادهما على «المواءمة بين التقنية الجديدة لكتابة السيناريو عالمياً والشرط المحلي». إلى ذلك، يشير إلى أن دور «رشا» لديمة قندلفت لم يعدل، بل ظلّ بعد النقاش يمثل مطربة حريصة على مشروع فنّي، وترتبط بالخطوط الأخرى من خلال غنائها في فندق، إضافة إلى وجود علاقة إنسانية خاصة مع أمها نجمة السينما السابقة المصابة بالألزهايمر. وكانت قندلفت عبّرت عن أن دورها في «أحمر» تجربة جديدة بحس مختلف.
وتوضح فواخرجي لـ «الحياة»، كيف قرأت شخصية «سماح»، قائلةً: «هي شخصيّة جديدة لي قاربتها بتأنٍّ، للمرّة الأولى أؤدي دور مذيعة، لذا على الشخصية التمتّع بكاريزما خاصّة للتأثير في المتلقّي. من حيث الشكل، حرصت على تقديم «سماح» كنموذج للمرأة الجميلة والصلبة والعملية في آنٍ، وبما يتوافق مع تصوّري لملامحها، استعدت لون شعري الأصلي الأسود. ومن حيث الأدوات كصحافية ومذيعة، عليها أن تعتمد في شكل كبير على الصوت والكلمة، وأما من ناحية المزايا النفسية، فهي تتّصف بالروح الشجاعة والفضول الذي لا يعرف الاستكانة قبل الحصول على أجوبةٍ مقنعة». وتضيف: «بدت «سماح» مدخلاً مغرياً لاستكشاف عوالم من يعملون في مهنة المتاعب، الصحافة، بخاصّةً النساء». إلى ذلك، تلفت إلى تأثير عملها في حياتها وهزّه استقرارها النفسي والعاطفي، بينما تعيش قصّة حب عاصفة مع المخرج الإذاعي «أدهم» (عبدالمنعم العمايري)، تكسر حدة السوداوية في العمل.