2015/12/28
الحياة - أمين حمادة
لا يؤجل انفجارٌ يقع على طريق بيروت - دمشق أو تساقط بعض قذائف هاون على العاصمة السوريّة، موعداً مع النجمة والممثلة السوريّة ديمة قندلفت. تغريك شمس الشام الهابطة على بردها، بزيادة جرأة الأسئلة المسجّلة على الورقة لمقابلة «عروس الدراما» منذ اقترانها بوزير الاقتصاد السوري همام الجزائري، في منتصف «عام الطلاق». تصل قندلفت على الموعد وحدها، سيراً على أقدامها إلى المقهى الدمشقي القريب من منزلها. مشهد لا يشبه ما حدث في الليلة عينها في أحد مطاعم باب توما، حيث وقف مسلحون يحرسون طاولة زوجة أحد المسؤولين وصديقاتها.
تؤكد قندلفت لـ «الحياة»، أن شيئاً لم يطرأ على حياتها الفنية بعد زواجها، ما عدا شعورها بالاستقرار والاطمئنان، وأنها باتت أخف تعباً مع وجود شريك «يجعلك تتنفس الصعداء»، مضيفةً: «زواجي لم يؤثر أبداً على نوعية الأدوار، قد أقدم أي دور مناسب لي، وقد أرفض أي عمل لأي سبب خاص بي. كل شيء له علاقة بمهنتي هو من خياراتي الخاصة منذ أن بدأت المهنة، ولكن قد تختلف نظرتي إلى ما أريد تقديمه وتجسيده، وخصوصاً مع الوقت، وهو أمر طبيعي لكل ممثل».
تستعد قندلفت حالياً للموسم الدرامي المقبل بأعمال عدّة، من أبرزها «سيف بلا غمد» (كتابة عثمان جحا وإخراج فهد ميري) و «أحمر» (كتابة علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج جود سعيد)، بعد اعتذارها عن عدم المشاركة في بطولة «خاتون» (كتابة طلال مارديني ومعالجة درامية لسيف رضا حامد وإخراج تامر إسحاق)، بسبب «التباين في وجهات النظر الفنية فقط من دون أي سبب آخر» مع الشركة المنتجة «غولدن لاين»، مؤكدةً أن لا خلاف مع الشركة المنتجة. وتابعت: «هم يجدون الشرط الفني مناسباً للشخصية، ولكن أنا لم أجده كذلك».
وتعكس تحضيرات قندلفت أعمالها الحالية، بالإضافة إلى بصمتها الخاصّة في أدوارها في الموسم الماضي، لا سيما في شخصية «نجوى العسّاف» في «24 قيراط» (كتابة ريم حنّا وإخراج الليث حجّو) وتحكّمها بتفاصيلها الدقيقة - كالصوت والطول - بالاتفاق مع المخرج، تطوُّرَ نضج الفنّانة الدرامي وحرصها على المشاركة في أي عمل تختاره مشروعاً فنياً متكامل الأدوات والعناصر. مثلاً، هي لم تكشف بشكل كامل عن دورها في «أحمر»، لأن «الشخصية قيد التعديل. إنها مكتوبة باتجاه محدد وبطريقة لطيفة ولكن ليست لي، وهي مكررة وجسّدتها من قبل، ولأنّ ثمة تعاوناً في فريق العمل وإصرار من الطرفين على تقديم تجربة جديدة بحس مختلف، وأنا متحمسة جداً للعمل مع جود سعيد الذي يخوض تجربته الدرامية الأولى على الشاشة الصغيرة بعد نجاحه في السينما».
أما عن بطولتها بدور «خولة» في «سيف بلا غمد»، فتكشف ملامح الشخصية: «هي امرأة متمردة، مثقفة ومختلفة عن بيئتها، تقف بوجه زوجها (وائل رمضان) الذي انقاد إلى السلاح والمشروع المتطرف»، مشيرة إلى أن الأحداث تدور خلال الأزمة، وتتطرق بشكل مباشر إلى تداعيات الأزمة التي تعيشها سورية. وتفسر قندلفت الحالة التي تمثلها «خولة» قائلةً: «هي الأنثى الوحيدة في الحارة التي لم تستسلم، هي المقاومة التي رفضت هذا التحول العنفي والفكري وغسيل الدماغ، بخاصة أن الحارة تبدأ بالاستسلام بسبب العنف والخوف من زوجها، إلا خولة، التي تحاول الاستفادة من سلاحها الوحيد، حبه لها».
وتوضح قندلفت في هذا الإطار موقفها من كيفية تناول الدراما المحلية الأزمة، مشددةً على أنها ليست مع «تناول الأزمة في أعمالنا اليوم بشكل إحاطة، بسبب الإشكاليات الكبيرة والاختلاطات، بل من الأنسب تناول شريحة معينة تبرز التداعيات، في النهاية إذا أردنا تقديم دراما واقعية في ظل ما يحدث، لا يمكننا أن نتجاهل ما يحصل، لأن أثره على الأرض والمواطن. يجب تقديم أعمال تدور أحداثها في الأزمة ولكن ليس عن الأزمة بشكل مباشر».
وتكشف قندلفت عن معاييرها الخاصة عند اختيار أدوارها: «اختيار الدور والتدرب عليه وتقديمه يعد رحلة طويلة. أولاً إمّا أن أحب الدور أو لا، وذلك بناءً على رأي شخصي. إذا أحببته أخدمه، فأفكر بتاريخه وبصفات الشخصية وتفاصيلها وأطرح الكثير من التساؤلات وأبحث عن إجاباتها فأصل الى تحليل الشخصية وطباعها وطريقة كلامها وعوالمها وما تحب وما تكره، وعندما أجد الصفات أخرج بها إلى الخارج وأعيشها بلباسها وحركاتها وصوتها. لا يهرب مني أي تفصيل، وأسعى لذلك جيداً».
إلى ذلك، لا يمكن إغفال رأي قندلفت، المولودة من أم لبنانية، بالدراما المجاورة لبلدها. ترى أن «الدراما اللبنانية تحقق نجاحات في الآونة الأخيرة وتطورت كثيراً، بعين المشاهد أيضاً وليس فقط بعين الناقد»، لكنها تلفت من جهة أخرى إلى أنها ما زالت بعيدة من الواقع المحلي، لأن المجتمع اللبناني له تركيبة جداً خاصة لا يمكن تناولها إلا بتراكم طويل من الأعمال كي نخرج من التصوير دائماً في فضاء سمته خمس نجوم.
تنتهي المقابلة مع غياب الشمس عن دمشق فيبدأ سحر ليلها بعد نهارها. وتستعد قندلفت المتمردة لشمس يوم آخر في المدينة الوحيدة التي ينسل فيها صوت «الهاون» إلى أوركسترا عبد الحليم حافظ وأنت تستمع الى «زي الهوى»، لكنك تكمل طريقك وأنت تائه من الباب الأول إلى السابع، وفرح جداً...