من المرجّح أن ينطلق تصويره في مطلع شهر كانون الثاني (يناير) المقبل في الساحل السوري (ريف طرطوس). تجري أحداث الشريط في عام 2015، حيث يحاصر «داعش» إحدى البلدات السورية ويحاول سكانها النجاة بحياتهم، لنشهد صراع أبٍ (أيمن زيدان) يحاول إخراج عائلته من البلدة، وإنقاذها من الموت، في حين سيلعب بقية الأدوار الأساسية كل من: يحيى بيازي، وروبين عيسى، وحلا رجب، وعلاء قاسم، ورنا كرم.
بالعودة إلى شريط أنزور، فإننا سنشاهد فيه مكاشفة تفضح التستّر وراء الدين لخلق الإرهاب المستشري في سوريا، الذي وصلت حدوده إلى قلب أوروبا.
بحسب أنزور، فإنّ الفيلم يوجّه رسالة «أنّ الدين الذي يدفعك إلى قتل الناس من أجل رفع رايته ليس ديناً، والإله الذي يدفعك إلى القتل لكي تنال رحمته ليس إلهاً. حتى أولئك الذين يصنَّفون على أنّهم وسطيون في فهمهم للدين، يحملون مفاهيم مغلوطة عنه، رغم أنّنا نتطرّق أيضاً إلى المواجهة في ما بينهم، وبين أصحاب الفكر المتطرّف، الذين أحلّوا هذه الإيديولوجيا المتوحشّة محل العقل الإنساني، لنصل في النهاية إلى ما وصلنا إليه» (الأخبار 19/11/2015).
هكذا، يبدو أننا سنكون أمام حالة محاكمة نقدية لاذعة في الشريط الأول، لكنها غالباً لن تدخل في ميدان البحث عن القوة الضاربة التي يمتلكها هذا التنظيم، والقدرات التكنولوجية والفنية الهائلة التي ظهرت تباعاً في أشرطة الفيديو التي يحمّلها على مواقع التواصل الاجتماعي ومقدراته الإعلامية الخاصة التي جعلته يصدر مجلة «دابق».
أما في فيلم «الأب»، وبحسب الخبر المقتضب الذي حصلنا عليه، فستتجه البوصلة فيه نحو حالة نضال إنسانية للنجاة من براثن «داعش»، وهي حالة واقعية عايشتها العائلات السورية في الرقة ومناطق أخرى. وسنكون أمام سبر حسّاس لعائلة يجرّب ربّانها إنقاذها قبل فوات الأوان. وتوحي المعطيات أيضاً بعدم اعتراض الفيلم طريق السطوة الهائلة التي سلكها التنظيم بسرعة مذهلة، وربما عدم طرحه أسئلة عن السرعة الصاروخية التي تربّعت فيها «دولة الخلافة» على سلّم أولويّات المجتمع الدولي!
التجربتان السينمائيتان لن تكونا الوحيدتين، وغالباً سنتابع تجارب جديدة، علماً بأنّنا سبق أن شاهدنا مسلسلات تلفزيونية تحكي عن الجماعات التكفيرية، منها «حلاوة الروح» لرافي وهبي وشوقي الماجري، و«عناية مشددة» لـعلي وجيه ويامن الحجلي وأحمد إبراهيم أحمد، إضافة إلى إحدى ثلاثيات مسلسل «الحب كلّه» لمجموعة كتاب ومخرجين.
وبالنسبة إلى التناول الأكثر براعة، فكان في الكوميديا من خلال إحدى حلقات «ضبوا الشناتي» لـممدوح حمادة والليث حجو، وبعض لوحات «بقعة ضوء» في أجزائه الأخيرة.
فهل هذا الزخم يذهب نحو تكريس واضح للتنظيم الإرهابي على الشاشة لتسير الدراما التلفزيونية والسينما السورية نحو حالة تمدّد إعلامي ربّما تسجّل في مصلحة التنظيم، حتى ولو كان التناول نقدياً لاذعاً؟
يجيب الممثل السوري أيمن رضا، وهو نجم لوحات «بقعة ضوء»، بالقول: «على الإطلاق. ليس هناك أيّ ترويج أو خدمة للتنظيم في حالة تناوله المكثّف في الدراما، لأنّه لا يمكن لفنّ ناجح أن يبني قواعد سليمة من دون أن يكون في جزء منه مجرّد مرآة تعكس آفات المجتمع. لن يكون تناول الدراما لجرائم «داعش» إلا جزئياً بسبب فظاعة وقساوة ما يصنعه». ويشرح رضا: «تلك التنظيمات هي بالأصل موجودة قبل أن تتوسّع في سوريا والعراق، وفي قسم كبير منها هي صنيعة أنظمة عربية، قبل أن تستغل حالة الفوضى وتستقل بهذه الصورة. هكذا، أتت الفرصة للغرب لينظّف نفسه من كل من يحمل فكراً تكفيرياً مشابهاً ويُرسله إلى الحريق السوري، فيكون الخاسر الأكبر هو سوريا وشعبها».
من جانب آخر، يقول النجم السوري إنّ التقنيات التي يملكها «داعش» تؤكّد أنّه «يُدار من قوى كبرى لا بدّ من البحث فيها عند تناوله درامياً»، معتبراً أنّ التطرّق إلى كوارث «داعش» بأسلوب كوميدي ساخر أمر ناجع أكثر من تقديمها بالشكل التراجيدي الذي تعكسه أيضاً نشرات الأخبار والفيديوات التي يصدرها هذا التنظيم.
فالكوميديا تخفّف من وطأة المشهد وتخلق فسحة للمتابع المحاصر أصلاً للتواصل مع معاناته بطريقة تحقق وظائف الفنّ. وربما تكون رسالة لـ«داعش» نفسه حتى ينتبه قادته إلى المهازل التي يرتكبها وكيف ننظر إليها.
لكن مهما فعلنا، يبقى هؤلاء بسبب تبنّيهم الكاذب للإسلام يستحوذون على نسب تعاطف عند بعض الشعوب العربية، وإن كانت نسباً قليلة لكنها موجودة». لا تقف الأعمال التي تتناول «داعش» عند هذا الحدّ، بل تصل حتى إلى التجارب الطلابية ومشاريع التخرّج. حالياً، يصوّر سدير مسعود فيلماً سينمائياً بعنوان «كرامة»، سيكون مشروع تخرّجه من قسم الإخراج في «الجامعة اللبنانية الدولية»، ويتناول فيه الأوضاع الإنسانية في سوريا. كذلك يعرّج بشكل صادم على اقتحام «داعش» لإحدى المناطق، ثم يسلّط الضوء على الممارسات التي يرتكبها هناك.