2015/11/21
الأخبار - وسام كنعان
ند بدايات التأسيس للدراما السورية، تشارك عدد من النجوم السوريين بطولات أولى المسلسلات التي حققت نقلة نوعية. كانت بداية تحول هذه الدراما إلى صناعة كاملة مع «غضب الصحراء» (1989 لـهاني السعدي وهيثم حقي)، و«البركان» (1993 لهاني السعدي ومحمد عزيزية)، ومن ثم «نهاية رجل شجاع» (1993 عن رواية حنا مينه لـحسن م يوسف ونجدة أنزور) و«خان الحرير» (1997 لنهاد سيريس وهيثم حقي) و«الثريا» (1997 لنهاد سيريس وهيثم حقي)... ومع دخول القطّاع الخاص ميدان الإنتاج الفني، تبوأ عدد من النجوم مهمة إدارة بعض شركات الإنتاج، فراحوا يستفردون بالبطولة المطلقة، بل فصّلت بعض أعمال تلك الشركات على مقاساتهم.
عندها، تكرّست موضة النجم الأوحد للأعمال التلفزيونية، وتمكّنت حفنة من النجوم من حمل أعمال كاملة بسبب وجودهم في صدارة المشهد منهم: أيمن زيدان، وسلوم حداد، وعباس النوري، ورشيد عسّاف وبسام كوسا.... وصار يندر أن يجتمع اثنان من هؤلاء النجوم في عمل واحد، حتى أنّ عداوة الكار الواحد أخذت مجدها. لكن مع مرور الزمن، تغيّرت الأحوال، بخاصة بعد اندلاع الأزمة في سوريا والانقسام الحاد الذي لاحق أهل البلد الواحد، على رأسهم نجوم الفن والدراما، ومن ثم هجرة عدد كبير من هؤلاء خارج البلاد، وبقاء النجوم المؤسسين لنهضة الدراما داخل سوريا أو سفرهم وعودتهم إلى بلادهم... كل ذلك جعل الخيارات ضيقة أمام شركات الإنتاج، وفرض على هؤلاء النجوم العمل مجدداً وجهاً لوجه.
هكذا، لعب النجم أيمن زيدان بطولة «جوري» (كتابة فتح الله عمر وإخراج مروان بركات) أمام زميله بسّام كوسا بعد انقطاع عن العمل معاً لزمن طويل. كذلك شاهدنا زيدان في مواجهة سلوم حداد وعبد الهادي الصبّاغ ورشيد عسّاف في «زمن البرغوث1» (لمحمد الزيد وأحمد إبراهيم أحمد). لكن الموسم الحالي سيشهد حدثاً فارقاً على هذا الصعيد، إذ يتقاسم النجمان رشيد عسّاف وعبّاس النوري بطولة مسلسل «أحمر» (كتابة علي وجيه، ويامن حجلي وإخراج جود سعيد، إنتاج «سما الفن») بعد جفاء دام أكثر من ربع قرن، على المستويين الفني والإنساني، رغم انطلاقتهما معاً من المسرح الجامعي، ثم تحولهما إلى نجمين عربيين بتاريخ حافل من الأعمال الناجحة. إلا أنهما لم يلتقيا في أي عمل منذ فترة طويلة. وربما تكون المرة الوحيدة التي ظهرا بها في عمل واحد كان عام 1988 في مسلسل «الطبيبة» (كتابة زهير براق ورياض نعسان آغا وإخراج فردوس أتاسي).
في «أحمر» المقرر عرضه في رمضان، يلعب عباس النوري دور «القاضي خالد عبد الله» الذي انقلب على أحلامه المثالية أيام الشباب، وتحوّل إلى قاضٍ فاسد متناغم مع المافيات والحيتان الكبيرة، ويتضّح لاحقاً أنّه متورط في الكثير من الحكايا والأسرار. هكذا، تفجّر جريمة قتله الماضي، ليلقي بثقله على الحاضر، فاتحاً كل الاحتمالات على المستقبل.
أما رشيد عساف، فيجسد شخصية «حليم» عميد في الأمن الجنائي، وصديق عمره لخالد. يقضي «حليم» آخر أيام خدمته، ويستعد للتقاعد والانعزال في بيته الريفي. هو طوباوي، نقي، يعيش على مبادئ نبيلة، وحبّ قديم ما زال ينبض داخله. رغم القطيعة بينهما، فإنّ مقتل «خالد» يدفعه إلى تأجيل التقاعد، وفتح تحقيق رسمي، لتكون هذه قضيّته الأخيرة التي يعاونه فيها النقيب عاصي (يامن الحجلي). هذه الجريمة تتعاظم من قتل فرد لتطال تحوّلات الشخصية السوريّة بكل تعقيداتها وتقلّباتها، وتأثّرها بالتحوّلات الحادة عبر عقود.
في حديثه معنا، يقول النجم رشيد عسّاف حول مشاركته للنجم عباس النوري «الأمر طبيعي بأن أتشارك مع أي من الزملاء بطولة مسلسل، حتى لو حكمت الظروف بأن لا نعمل معاً، ولا يستحق الموضوع الحديث المطوّل والإضاءة الإعلامية المكثفة. أهمية التجربة تأتي بالتعاون مع جود سعيد، وأظن أنها مغامرة محسوبة النتائج لأننا أمام مخرج متميز على صعيد السينما. والرهان الآن حول كيفية تقديمه عملاً تلفزيونياً، وكيفية العمل على شرط التلقي المختلف للتلفزيون، والسرعة في الإنجاز، ومحاولة الابتعاد عن تقليد مخرجي التلفزيون والعمل بتفرّد، مستفيداً من أحدث المعدات والتقنيات التي أّمنتها الشركة المنتجة».
بدوره، يقول النجم عبّاس النوري عن شراكته مع عسّاف في هذا العمل بعد سنين طويلة: «أسعى دوماً إلى المهنية التي تقتضي عدم النظر إلى الأشخاص بصفتهم الشخصية، بل من خلال وجودهم كشركاء لا بد من التعاطي الإيجابي معهم أمام الكاميرا. شخصياً أركز على النتائج من دون التفاصيل الثانوية، والنتائج تقتضي أن نكون إيجابيين إلى الحد الأقصى مع شركائنا أمام الكاميرا أياً كان هؤلاء الأشخاص. وأعتقد أن التنافس في الدراما والعمل الواحد أمر غير مطروح، فعندما يفوز شخص ما بجائزة أفضل ممثل عن أحد أدواره، تكون النتيجة حتمية لتضافر مجموعة جهود، وثمرة تعاون أكثر من شخص. التمثيل لعبة تبدأ بالتعاون والانسجام الكلي، ولا بد للممثل من فصل أي مسائل شخصية بمجرد وصوله إلى موقع التصوير».