2015/07/27

مصطفى الخاني من مسلسل "حرائر"
مصطفى الخاني من مسلسل "حرائر"

السفير - سامر محمد اسماعيل

موسم بعد آخر يثبت الفنان مصطفى الخاني أنه ممثل من نوع خاص للغاية؛ فمنذ ظهوره في مسلسل «الزير سالم» العام 2000 في دور جُحدر مع المخرج حاتم علي، انتزع الممثّل السوري مساحته بأداء عشرات الشخصيات الصعبة. هو صانع أقنعة من طراز رفيع، وممثل يحرّك دمية جسده ووجهه بخفّة ورشاقة الكائن الذي يتقمصه أمام الكاميرا. في رمضان الماضي، أطلّ في ثلاثة أدوار النمس في «باب الحارة» لـعزام فوق العادة وبسام الملا، وسعيد في «حرائر» لـباسل الخطيب، وكريم في «العراب» لـ المثنى صبح. عن أدواره هذه وحال الدراما السوريّة اليوم، تحدّث مصطفى الخاني لـ«السفير».

-لديكَ قدرة عالية على عدم تكرار شخصيّاتك، كيف تنجح دائماً في صياغة شخصية متجدّدة نفسياً وفيزيولوجياً أمام الكاميرا؟
- تكون صياغة أي شخصية انطلاقاً من النص المكتوب، ومن المفترض ألا يكون هناك أي تشابه بين الشخصيات التي أقدمها، لأن القاسم المشترك بينها، هو فقط أني أنا من يؤدّيها. ولكن يجب ألا يكون هناك أي تشابه على صعيد الأداء أو الشكل الخارجي، طريقة التفكير وردود الأفعال، العوالم الداخلية لكل شخصية والتي تنجم عنها ردود فعل خارجية. أحاول في كلّ شخصية أقدّمها، أن أبحث عن خصوصيّة تلك الشخصية، وأسلّم نفسي لها، وأكون خادماً لديها، فلا أسمح أن أحبّ نفسي أو أن أكون وفياً لنفسي أكثر من حبي ووفائي لشخصية أقوم بلعبها أمام الكاميرا ، وبالتالي لا أتوانى عن تقديم أي شيء يكون في مصلحة الشخصية ويخدمها.

-شخصيّة كريم التي قدّمتها في «العرّاب» مع مخرجه المثنى صبح، تبدو أكثر جدةً من حيث تطورها الدرامي، من الضعف إلى المنافسة على الزعامة، ومن التطرّف الأخلاقي إلى التطرف الديني... ما الذي يميز هذه التجربة بالنسبة لكَ كممثل؟
- شخصية كريم ابن العراب، شخصيّة تحمل صراعاً كبيراً في داخلها، ما يجعلنا نراها تائهة وضعيفة في الجزء الأول من المسلسل، لكن لاحقاً ومع تطوّر الأحداث، نرى تحولات كبيرة وانعطافات في مسارها. هكذا ينتقل من التطرّف الأخلاقي إلى التطرّف الديني، إلى الصراع مع أخيه حول زعامة العائلة بعد وفاة العراب الأب. كلّ ذلك يجعل الشخصية أكثر غنى وتنوعاً وبالتالي مغرية أكثر لي كممثّل.

-عاد النمس إلى «باب الحارة 7» بعد غيابه في الجزء السادس، حيث أدّيت دور الواوي البعيد كلّ البعد عن دور النمس الذي اشتهرت به. هل يعكس ذلك عدم تقبل الجمهور للتجربة مع الواوي، أم أنّه حنين إلى شخصيّة قريبة جدّاً من قلوب المشاهدين العرب؟
- الأمر ليس كذلك على الإطلاق، لأننا صوّرنا الجزء السادس والسابع في الوقت نفسه. كنَّا قد انتهينا من تصويره قبل أكثر من عام، أيّ أنه كان قرارنا مخرج العمل وأنا، منذ ما قبل تصوير الجزء السادس. ذلك كان تحدياً كبيراً لي، أن أقدّم شخصية ثانية في العمل نفسه، وألا يكون هناك أي تقاطع أو تشابه بينها وبين الشخصية الأولى التي سبق وقدّمتها. وأعتقد أنّنا وفِّقنا في هذا التحدي، واستطعنا تصدير شخصية مختلفة تماماً، وبعيدة كلّ البعد عن شخصية النمس. فاستطعت من خلال لعب دور الواوي أن أقدّم جانب آخر وزاوية مختلفة من أدواتي وأدائي كممثل عبر مسلسل جماهيري مثل «باب الحارة».

-لعبت في مسلسل «حرائر» شخصيّة سعيد الشاب الدمشقي المتنوِّر والخلوق، إلى أيّ مدى قدّمت لكَ هذه الشخصية الإيجابية مساحة لاستخدام أدواتكَ كممثل؟
- من دون شك هي شخصية جديدة بالنسبة لي، ومختلفة عن الشخصيات التي سبق وقدمتها، وغالباً تكون مساحة اللعب في الشخصيات الإيجابية أقل منها في الشخصيات الأخرى. أعتقد أن سعيد شخصية من نوع السهل الممتنع، فهي شخصية تعتمد كثيراً على عوالمها الداخلية وأحاسيسها، وحاولنا أنا والمخرج باسل الخطيب أن نقدّمها بكل بساطة من خلال صراعاتها الداخلية التي تنعكس على نظرة عينيها وصدق مشاعرها، أكثر مما تنعكس عبر ردود أفعال خارجية. وقد استمتعتُ كثيراً في هذه التجربة، وأعتقد أنني استطعتُ أن أقدّم من خلالها نوع مختلف عن شخصياتي السابقة.

-كيف ترى اليوم واقع الدراما السورية في ظلِّ دخول البلاد العام الخامس من الحرب؟
- من دون شكّ تأثّرت الصناعة الدراميّة بالأزمة التي تمرّ بها سوريا، مثلها مثل أيّ مجال آخر في بلدنا، ومن الظلم أن ننظر إليها ونحاكمها بمنأى عن الظروف غير الطبيعية التي تُنتج فيها. لكن من الإنصاف القول أن الدراما السورية في العام 2015 أفضل بكثير من الأعوام الثلاثة الماضية، سواء على صعيد الكمّ أو النوع، وفي القطاعين العام والخاص. فهذا العام لدينا أكثر من 30 مسلسل مقارنة مع حوالي 20 مسلسلاً في العام الماضي، ولاحظنا هذا العام أنّ مساحة حضور المسلسلات السوريّة في القنوات العربيّة كان أكبر من الأعوام الثلاثة الماضية. وحاول العديد من العاملين في المجال الدرامي الاستفادة من الأزمة التي تمرّ بها بلادهم على صعيد توظيفها لرفد الدراما بمواضيع أكثر غنى وتنوعاً، ونتمنى ونعمل على أن يكون حضور الدراما السورية أكبر وأهم، وأن تكون على قدر المحبة والثقة التي استطاعت أن تبنيها مع المشاهد العربي، ولذلك طموحاتنا تبقى أكبر بكثير مما قدمناه.

-وبرأيك هل زادت هذه الحرب ظروف الشلليّة الفنيّة أم أنها حدّت منها، ولماذا؟
- أعتقد أن الحرب على سوريا لم تؤثر في موضوع الشللية الفنية، فهي موجودة سواء قبل أو بعد الحرب، ولكن من المؤكد أننا نرى في الوسط الفني انقساماً أو اختلافاً، لم نكن نراه سابقاً، وهو بكل الأحوال انعكاس للانقسام والخلاف الموجود في الشارع السوري، خلاف فكريّ وأحياناً سياسيّ، وفي ما ندر وطني.