أن تحذف قناة «أبو ظبي» مشاهد من مسلسل «حارة المشرقة» لأيمن الدقر وناجي طعمي (إنتاج «المؤسسة العامة للتلفزيون») أثناء عرضه قبل رمضان، فذلك ليس مشكلة كبيرة طالما أن المسلسل نموذج صارخ عن الدراما الفاشلة الخالية من أي قيمة فنية. لكن أن تباشر المحطة ذاتها بقص مشاهد تعتبرها جريئة من مسلسل «غداً نلتقي» (تأليف إياد أبو الشامات ورامي حنا وهو مخرج العمل الذي أنتجته «كلاكيت» بالتعاون مع قناة «أبو ظبي») فهنا تكمن الكارثة.
المشاهد التي باشرت المحطة المعروفة بمنتجتها بطريقة ساذجة هي لقطات نموذجية تحمل في عمقها حالة رمزية تكثّف بؤس المعاناة السورية ومحاولة التأقلم مع أهوالها لدى الشريحة المسحوقة التي لجأت إلى بيروت. هكذا، قصّت القناة الخليجية مشاهد رقص وردة (كاريس بشار) التي تعمل مغسّلة أموات تسكن في تجمع للاجئين السوريين في لبنان، لكنها تجرّب أن تتعاطى مع صباها وجمالها وأنوثتها، فترقص أمام المرآة. الشخصية تقول بأن السوريين مستمرون في العيش مهما سحقت المعاناة يومياتهم. لكن المحطة لم تفهم ذلك، بل أرادت تعقيم الدراما التي تعرضها، فراح رقيبها يقص المشاهد وبعض المفردات التي تحكى في الشارع العربي بغزارة!
حذف مشاهد من «غداً نلتقي» بطريقة عشوائية
على طرف مواز، قرّرت قناة NBN أن تبرز عضلاتها في تغيير شارة مسلسل «عناية مشددة» (تأليف الزميل علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج أحمد ابراهيم أحمد). من دون سبب، أعادت المحطة اللبنانية بناء شارة جديدة خاصة بها غير التتر الأصلي الذي صنع بمزاج عال منسجماً مع الإمكانيات الصوتية الباهرة للمغني آدم الذي يؤدي أغنيتها. خطوة القناة اللبنانية اتسمت بقلة ذوق فنية، لا سيما أننا نشاهد الشارة الجديدة وهي تكرّر لمرّات عدة اللقطات نفسها، وتمرر أسماء الممثلين بشكل جماعي وبخط أبيض غير مقروء، يحمل الكثير من الإساءة للجهود المبذولة لإنجاز عمل سوري خالص صوّر داخل دمشق ومر فريقه بمحاذاة الخطر اليومي الذي تعيشه العاصمة. ولم تتلق اتصالاتنا بالقناة اللبنانية أي رد لتوضيح سبب ما أقدمت عليه، فيما أصدر المخرج السوري أحمد ابراهيم أحمد بياناً توجّه فيه إلى NBN قائلاً: «إنّ تغيير شارة «عناية مشددة» من قبل محطتكم الموقرة من دون الرجوع إلى مخرج العمل أو المسؤولين عن صناعته، فيه عدم احترام لصنّاع العمل، خصوصاً أنّ هذا التغيير يقلل من قيمته الفنية، ويخلق إرباكاً عند من يشاهده على محطّات أخرى.
أيضاً، يحدث شرخاً بين فناني العمل من جهة، وفريق إدارته من جهة أخرى، لناحية ترتيب الأسماء وطريقة تقديمها بالجملة، إضافةً الى «الفونت» المختار (نوع الحرف وشكله). كل هذا يؤثّر على مهنية وحرفية محطتكم». في اتصاله معنا، قال أحمد ابراهيم أحمد: «من المستغرب أن تؤلّف القناة شارة بشعة بهذا الشكل. فقد جرت العادة أن يحذف رقيب المحطات الأخرى الشارة كاملة في حال لم تناسب مقاييسه الدينية مثلاً، لكن لا نفهم ماذا حصل هنا، ولو طلُب منّا تغيير مشاهد محددة في الشارة لما توانينا عن ذلك، لكن ما قاموا به يحمل إساءة واضحة للمسلسل وصنّاعه». ويلفت إلى أنّ «القنوات السورية تحذف بعض المشاهد رغم أنّ جهوداً مضنية بذلت حتى مرّ المسلسل على شاشتنا الوطنية، لذا لا نعرف أين يمكن لمسلسل مثل هذا أن يمر من دون رقابة سطحية ومونتاج أبله».