2014/07/18
محمد الأزن- الأخبار
ثلاث سنوات تقريباً، أمضاها الكاتب رامي كوسا في صياغة عمله الدرامي الأول «القربان»، ليصبح في نهاية المطاف بين يدي المخرج علاء الدين كوكش، بتكليف من الجهة المنتجة وهي «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني». مشروع يحاول الكاتب من خلاله الإجابة على سؤال مفاده: لماذا وصل السوريون إلى ما آلت إليه الأمور اليوم؟ وذلك من خلال حكاية رجل الأعمال الفاسد سالم القابض (رشيد عسّاف) الذي يتلاعب بأقدار الناس، ويسخّر حاجات كل من يقع في محيط نفوذه لتحقيق مصالحه.
كما يتحوّل الكل في فضائه إلى قربان، ومنهم رشيد (سامر اسماعيل) الآتي إلى العاصمة من بيئته الريفية لتحقيق حلم الثروة بأيّ ثمن. وفي محيط إقامة هذا الشاب في أحياء دمشق الفقيرة، يُشّرح الكاتب مكوّنات المجتمع الذي يعيش حياة موازية ملؤها الشقاء والخيبات والعقد. و بهذا المعنى، يكون الجميع قرباناً، تُسفك دماؤه جزافاً على مذبح المال والسلطة والقهر والفساد.
سيناريو قيل كثير عن التقاطاته الذكيّة وإشاراته وإسقاطاته الحسّاسة بشهادة مَن قرأه من أبطال العمل، لكن كيف بدت النتيجة على الشاشة؟
حتى الآن، عُرِض حوالى ثلثي العمل، من دون أن يُفلح في بناء علاقة مع المتلقّي، تكون أبرز مقوّماتها عادة الدهشة والحبكة والصورة. وهنا، تكمن المشكلة الأبرز إذ يجد المشاهد نفسه أمام صورة تعود به إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، أيام الإرهاصات الأولى للدراما السوريّة، واجتهادات القطاع العام بتقديم شيء مختلف. وهو واقع يبدو مغايراً اليوم. من أطرف التعليقات على ذلك ما ورد في أحد المنتديات التي تتابع المشاريع الدرامية حول الرؤية الإخراجية لـ«القربان»، وجاء فيه بما معناه أنّ «كوكش يشعرك أحياناً بأنّه نسي كاميراته «دايرة» بعد انتهاء المشهد، لكثرة ما يطيل في الانتقال بين مشهد وآخر».
أكد رامي كوسا حذف مشاهد كاملة ونشرها على فايسبوك
كذلك، ثمّة ملاحظات لا تنتهي حول تقطيع المشاهد، ونمطية وبرود أداء الممثلين، أي أنّ إدارة الممثل غائبة تماماً. لكن الصورة ونمطية الأداء والإخراج ليست العوامل الوحيدة التي أفقدت العمل أفضليته المتوقعة بين الأعمال الاجتماعية، فالرقابة كانت له بالمرصاد. مسألة اشتكى منها رامي كوسا عبر فايسبوك. أشار الكاتب السوري مراراً إلى حذف مشاهد بكاملها، مثلما حدث في الحلقة العاشرة، حين حُذف مشهد تخاطب فيه والدة الشابة المغتصبة «ريما» القاضي، بعد إسقاطه تهمة الاغتصاب عن الجاني، قائلةً: «هاد القانون اللي بدّو ياخدلي حقّ بنتي؟ هاي الدولة اللي بدها تحمينا؟ هاد القضاء اللي شادّين ضهرنا فيه؟».
كثرة المشاهد المحذوفة من «القربان» التي ينشرها كوسا يومياً على الموقع الأزرق، دفعت إحدى صديقاته إلى التساؤل: «كأنّه المشاهد المحذوفة صارت كتيرة لدرجة إنّ بينعمل منها مسلسل؟».
هذا الواقع، يحيلنا على أسئلة أخرى: أين تعرّض «القربان» للفلترة القاسية التي أفرغته من محتواه، مقارنةً بما قرأناه على الورق، وما انتظرناه منه؟. وهل تمّ ذلك في أروقة الرقابة السوريّة، أم على أيدي الجهة المنتجة على مبدأ تجنّب الاحتكاك مع الرقابة؟
في حديثة لـ«الأخبار»، استبعد رامي كوسا مبدئياً أن تكون للجهة المنتجة يد في الاقتطاعات، لكنّه لم يخف استغرابه مما حدث، قائلاً: «هناك حلقة مفقودة، اخترت القطاع العام حتّى لا يحيد العمل عن سوريّته، خصوصاً أنّ هناك تقارير رسمية صدرت عن قرّاء العمل ولم تحمل أيّ علامة استفهام حول وطنية المضمون». وأضاف: «اطلع المعنيون في المؤسسة المنتجة على النّص بشكله النّهائي، ولم أحضر أثناء المونتاج، بل شاهدت العمل على الفضائيات المحلية، وصُدمت بحجم الحذف.
وأكمل كوسا مؤكداً أنّ «هذه الذهنية الاتهامية ليست أقلّ خطراً على مستقبل بلدي من إرهاب السلاح. كفانا إقصاءً، لا يحقّ للرقيب الادعاء أنّه أكثر حرصاً منّا على سوريّته. كتبت عن جياع بلدي، ومظلوميه، ومقهوريه. وإذا كانت هذه خيانة لقيم الوطن، فأنا حفيد الكاتب محمد الماغوط وسوف أخون وطني!».
أعاد كوسا فتح الجدال حول ما يُثار عن «مقصّ الرقيب» إلى نقطته الأولى: «الازدواجية، وعدم وضوح المعايير». وقال: «المقصّ الرقابي غير نزيه. أشاهدُ أعمالاً أخرى صوّرت في سوريا، ولا أخفي إعجابي بها وامتناني لصنّاعها ولصدق خطابهم، لكن لا أجد نفسي على أعتاب الدّهشة حين أتلمّس حجم الجرأة، ومباشرة الطرح الذي تنضوي عليه».
واختتم الكاتب الشاب متسائلاً: «ما هي امتيازات هذه المسلسلات حتّى تحظى برأفة الرقيب، وتعبُر من تحت ساطوره بسلام، في حين يقسو جلّاد الحذف على أعمال أخرى ليس «القربان» أوّلها ولا آخرها؟، ما زلت أبحث عن إجابةٍ وافية»!
* القربان» 21:00 على «سورية دراما»، و 00:00 على «تلاقي»، و 02:00 على الفضائية السورية
قصّة حب
في الحلقات المقبلة من مسلسل «القربان»، نشهد صداماً عنيفاً بين سالم (رشيد عساف) وأحد الضبّاط، وينتهي بنتيجة غير متوقعة. كما يعود طوني (محمد حمادة) إلى الحياة في كنف أهله، ويخلق رجوعه مجموعة من الاضطرابات في حياة العائلة. من جهة أخرى، تعيش يارا (أمل عرفة) قصّة حب مع سامي (يزن السيد)، فما الذي ينتج من هذه الحكاية الرومانسية؟ وهل تكون النهاية سعيدة؟