2014/07/09
ديالا غنطوس – الوطن السورية
عندما يمتلك الحبيب جميع المقومات التي ترغب بها المرأة عادة من مال وجاه ورخاء، هل تمتلك المرأة بعد ذلك عذراً مبرراً للخيانة؟ وعندما يكون الرجل كريماً لدرجة السخاء ومحيطاً امرأته بجميع وسائل الرفاهية البراقة، هل تجد الزوج أي باب لتدخل منه عالم الخيانة المحرم؟ وبالمقابل هل تكفي الأشياء المادية لتغني قلب المرأة وحساسيتها وحاجتها للحب؟ هل تعوض المجوهرات عن دقة القلب.. وهل يحل المال مكان العشق؟ جميع تلك التساؤلات نجد لها جواباً في مسلسل «لو» الذي يعرض الآن على عدد من المحطات التلفزيونية والذي تقول شارته إنه مقتبس عن عدد من القصص الأجنبية، إلا أنه من الواضح لمتابعي الأفلام السينمائية الأجنبية أنه ليس مقتبساً بقدر ما هو مستنسخ من الفيلم الأجنبي «الخائنة» 2002 من بطولة ريتشارد جير ودايان لين، الفيلم الذي يروي قصة أسرة سعيدة مكونة من أم جميلة وأب ناجح ووسيم وطفل مصاب بعارض صحي يدفع بالعائلة للانتقال إلى الريف طلباً للشفاء، حياة الريف الهادئة كانت مملة للزوج التائقة للحياة، لتجد ما تبحث عنه في نهار خريفي عاصف، فيقودها القدر للقاء شاب وسيم، وجدت فيه ما لم تجده في زوجها المنغمس في العمل، هي علاقة تنشأ بين أم أربعينية وشاب مقتن وتاجر للكتب وما يتخلل ذلك من تشعبات تؤدي لمعرفة الزوج بخيانة زوجه بعد أن تملّك الشك منه ليرسل شخصاً ويلتقط الصور التي تؤكد فعل الخيانة، زيارة خاطفة يقوم بها الزوج المخدوع لمنزل العشيق، كل زاوية كانت تفوح منها رائحة الزوج، الفوضى والسرير الذي فضح ما أخفته عن زوجها، حتى الكرة البلورية التي أهداها لزوجه يوماً، يجدها ماثلة جانب سرير العشق، أمام ذلك المشهد لا يتمالك الزوج نفسه فيقوم بضرب الشاب على رأسه ليسقط أرضاً ميتاً، الزوج الذي يستفيق لاحقاً على صوت زوجه التي تهاتف الحبيب معلنة الندم والأسف ورغبتها بانتهاء العلاقة، صوتها جاء متأخراً أمام الزوج المصعوق مما فعلته يداه، فيهرب لتبدأ التحقيقات بعد العثور على الجثة في مكب للنفايات وبحوزته هاتف الزوجة، تتوالى الأحداث باكتشاف الزوج صورها مع العشيق في معطف زوجها وتواجهه بالأمر، ينتهي الفيلم برغبة الزوجين بإنقاذ ما تبقى من استقرارهما العائلي بالسفر إلى المكسيك والبدء من جديد هناك. في نهاية الفيلم، نجد سرداً في ذاكرة الزوجة للقاء الأول مع العشيق وترسم في مخيلتها صورة افتراضية عن الأحداث لو أنها لم تذهب إلى شقته، ولو أن التكسي توقف لها، ولو أنها لم تغرم بصاحب السحر الذي لا يقاوم، هي أسئلة تطرح في نهاية الفيلم لتترك المجال لمخيلة المشاهد لاختيار ما يحب من نهاية لعلاقة نشأت في برهة من زمن، فدمرت حياة هانئة وأسرة كانت سعيدة.
فيلم «الخائنة» يتقاطع في تفاصيله مع أحداث المسلسل منذ لحظة البداية وحتى أحداثه الجارية، مشهد اللقاء بين البطلة ليلى (أدت الدور الممثلة اللبنانية نادين نجيم) وبين الرسام الوسيم جاد (أدى الدور النجم اللبناني يوسف الخال)، في حين كانت تحاول إيقاف سيارة أجرة وتصطدم بالفنان لتقع اللوحات التي كان يحملها على الأرض وتسقط هي فوقه في لقاء بين عينين تبحثان عن الحب في ذلك النهار الخريفي، حبذا لو اختار الكاتب مشهدا مغايراً لما حدث سابقا في الفيلم وعلى سبيل المثال لو كانت تحاول الذهاب إلى سيارتها التي تمتلكها أصلا ولم يكن مبرراً أن تركب سيارة أجرة حتى عندما قالت إن السيارة في آخر الشارع كان من الأسهل أن تمشي إليها بدلا من التوقف لسيارة الأجرة، من ناحية لم يكن مبرراً للزوج أن تذهب إلى منزل إنسان غريب لا تعرفه حتى لو شعرت بطمأنينة داخلية، ربما كان ذلك مقبولاً في بيئة أجنبية، إلا أنه لم يكن مألوفاً لمجتمعنا الشرقي، البيت الريفي الذي كانت تسكنه ليلى مع زوجها غيث (أدى الدور الممثل عابد فهد) يشبه إلى حد كبير المنزل في فيلم الخائنة، الاختلاف الوحيد أن الزوجين في الفيلم كان لديهما صبي في حين في مسلسل «لو» لديهما ابنة بعمر السادسة تقريباً. كما اختلفت مهنة العاشق بين مقتن للكتب في الفيلم ورسام في المسلسل والذي يتقاطع هنا مع فيلم آخر بعنوان «جريمة مثالية» والذي أدى بطولته النجم العالمي مايكل دوغلاس والنجمة غوينيث بالترو، فالعاشق هنا رسام وسيم والزوج الخائنة سيدة فاتنة.
سير أحداث المسلسل تسير ببطء شديد حتى اللحظة مع إقحام أحداث جانبية وتفاصيل غير ضرورية بقصد الإطالة لتتناسب الحلقات مع العدد ثلاثين لأيام الشهر المبارك، أما في الفيلم فنجد تكثيفاً مركزاً يشد المشاهد وهو ما تتطلبه القصة التي تتناول الخيانة والشك في كثير من الحماس والتشويق، على خلاف التمهل الممل أحياناً الذي تأخذه أحداث مسلسل «لو» والبرود الشديد الذي يعتري علاقة ليلى بزوجها، الأمر الذي يعول عليه هنا هو الإخراج الأكثر من جيد والذي اعتمد تقنيات جديدة نوعاً ما، بغض النظر عن بعض الأخطاء كقيام ليلى بالاتصال بجاد تمام الساعة 12.15 ليرن هاتف جاد مشيراً إلى الساعة11.35، «لو» هو عنوان لمسلسل مستنسخ عن قصة أجنبية، وأظن أن الهدف من العنوان هو استعراض جميع الأحداث بطريقة مغايرة لو أن أمراُ لم يحدث بين الزوجة والحبيب، ولو أنها لم تذهب إلى بيته ذاك النهار واستقلت سيارتها، ولو أنها اكتفت بشكره على شهامته وذهبت في طريقها إلى منزلها، ماذا لو أن الكاتب اختار تغيير الأحداث قليلا، ألم نكن لنجد أنفسنا أمام قصة تشبهنا وتشبه مجتمعنا الشرقي الذي لا أظن أنه يضم رجلاً من طراز غيث المتفهم، الواثق، الشديد البرود، المانح زوجه كامل الاستقلالية والحرية لنكون أمام علاقة زوجية أشبه بزملاء السكن؟ بجميع الأحوال سنتابع المسلسل حتى نهايته، لعلنا نجد مفترقاً لطريق الأحداث يأخذنا إلى مكان نتمناه ولم ندركه حتى اللحظة.