2014/05/03
الحياة
قبل عشرين سنة من الآن، حـــازت المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون على السعفة الذهبية في دورة ذلك العام من مهرجان «كان»، وها هي اليوم تعود الى المهرجان مرة جديدة ولكن على رأس لجنة التحكيم الأساسية، اي لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، ومن المعروف ان آخر مرة أطلت فيها صاحبة «البيانو» - الفيلم الذي فاز بالسعفة عام 1994 وأطلق كامبيون عالمياً بعدما كانت حققت نجاحات نخبوية ومهرجانية بثلاثة أو أربعة أفلام سابقة -، على مهرجان الجنوب الفرنسي العريق، كانت قبل سنوات قليلة حين عرضت، سينمائياً بعض حلقات مسلسل تلفزيوني بوليسي حققته آنذاك.
أما اللجنة التي ترأسها جيـــن كامبيون فيمـــكن منذ الآن اعتبـــارها واحـــدة من اكثر اللجان التحــكيمية تنوعاً من الناحية الجغــرافية - انتماء اعـــضائها - كما سيمكن اعتبـــــارها «نسوية» بامتياز حيث من المعروف ان من بين عضواتها الخمس النســـاء، مقابل اربعة رجال، هناك ثلاثاً عرفن بتوجههن النسوي سينمائياً ونضالياً في الحياة ايضاً، والاثنتان الأخريان الى جانب كامبيون التي تتمحور أفلامها في معظمها حول شخصيات نسائية تخرج عن المألوف، هما الممثلة الفرنسية كارول بوكيه التي أدارها لوي بونيال في واحد من اجمل افلامه الأخيرة «سحر البورجوازية الخفي»، هي التي كانت ذات مرة نجمة جيمسبوندية، والمخرجة الأميركية صوفيا كوبولا ابنة فرانسيس فورد الكبير وصاحبة أفلام لا تقل نسوية عن افلام كامبيون مثل «ضاع في الترجمة» و«ماري انطوانيت»... وفي الجانب النسائي من اللجنة هناك ايضاً الممثلة والنجمة الإيرانية الكبيرة ليلى حاتمي التي شوهدت عالمياً في بعض اجمل الأفلام التي صنعت في ايران في السنوات القليلة الماضية كما جربت حظها بالإخراج، إضافة الى الكورية الجنوبية جون - دو يوان.
هاته السيدات البارزات سيكون عليهن ان يتقاسمن مع اربعة من زملائهن السينمائيين العالميين، الحكم طوال أيام المهرجان وعروضه، على ثمانية عشرة فيلماً آتية من انحاء العالم للاختيار في ما بينها ما هي تلك الأفلام القليلة العدد السعيدة الحظ التي ستنال جوائز «كان» الرئيسية، من جائزة السعفة الذهبية التي من المؤكد ان كل مخرج في العالم يتطلع الى الحصول عليها، الى جائزتي التمثيل النسائي والرجالي وجائزة السيناريو والإخراج ناهيك بالجائزة الكبرى للجنة التحكيم - التي تعتبر من أرفع جوائز المهرجان وقد يفضلها بعضهم احياناً على السعفة الذهبية نفسها لأن منحها يكون بقرار خاص للجنة التحكيم لا يأخذ في اعتباره اية ابعاد او حسابات على عكس مع ما قد يحدث احياناً بالنسبة الى اختيارات السعفة الذهبية - وجائزة لجنة التحكيم الخاصة... أما السينمائيون الأربعة الذين نعنـــيهم هنا والذين سيرضون بكل سرور ان ترأسهن جين كامبيون، فهم المخرج الصيني الكبير جيا جانكي، صاحب «سيتي 24» و«طبيعة ميتة» بين أعمال أخرى لعل افضلها حتى اليوم فيلمه الروائي الطويل الذي عُرض في دورة «كان» الماضية ونال إحدى الجوائز المهمة، وزميله نيكولا ونــدنغ ريفن صاحب ما لا يقل عن عملين مميزين عرضا في «كان» خلال الأعوام الأخيرة - «قيادة السيارة» و«ليسمح الرب» -، إضافة الى الممثل دانيال دافو الذي عرفه «كان» قبل سنوات قليلة من خلال دوره في «عدو المسيح» للارس فون ترير الى جانب شارلوت غينسبور، وكذلك إضافة الى الممثل المكسيكي غائيل غارسيا برنال الذي عرض له «كان» قبل سنوات ذلك الفيلم البديع عن رحلة تشي غيفارا في بلدان اميركا اللاتينية بعنوان «يوميات سائق دراجة بخارية» من إخراج والتر ساليس.
خمس نساء وأربعة رجال إذاً في لجنة تحكيمية من البديهي أنها سوف تعيش طوال دزينة من الأيام - هي فترة المهرجان - بعيداً من الصخب المهرجاني المجنون، حيث تنزوي راصدة أفلام المسابقة متمعنة فيها، لتتحول في سهرة اليوم الأخير الى لجنة من النجوم - القضاة، معلنة اسماء الفائزين، حاصدة كالعادة ثناء بعضهم ولعنات بعضهم الآخر، قبل ان يسدل الستار ولسان حالهم جميعاً يقول: تلك هي اللعبة السنوية لعبناها... وإلى اللقاء في العام المقبل.