2014/05/02
لؤي ماجد سلمان – تشرين
رغم تطور المعرفة الدرامية عند الجمهور, بقي المشاهد يثق بالصورة والشخصية التي يؤديها الفنان السوري, لدرجة أن أسماء بعض الشخصيات كانت مؤثرة وراسخة في الذاكرة أكثر من اسم الفنان ذاته, ولاسيما من كان ارتباطه بالشاشة والأعمال الدرامية من خلال الصورة التي يتلقاها من التلفزيون من دون الاقتراب من صحف أو مجلات فنية و ثقافية, فالتلفزيون في نهاية المطاف هو تطور لحالة رواد المقاهي الشعبية الذين كان يقصدون الحكواتي ليخبرهم بانتصار الزير على جساس,
أو يزوج قيس من ليلى, ولا يجوز في حال من الأحوال أن يسيل دم عنترة العبسي؛ هذا تماماً ما عناه البعض عندما رأى أن للفنان القدرة على قيادة الرأي العام, لكن المواطن السوري أُصيب بصدمةٍ كبيرة من الرجولة الزائفة والشوارب المعقوفة, زعيم الحارة صامت, وعقيدها خيّب ظنه, الفران, بائع الخضرة, الكومبارس, اللاغط, حتى «الداية» كلهم تحولوا إلى «صطيف العميل» وبدل أن يكونوا على أرض الواقع جنباً إلى جنب مع جماهيرهم في مواجهة مرتزقة أمريكا من شيشان وأفغان وأتراك وعربان وغيرهم من الجنسيات كما صوروا لنا في الدراما, تركوا وطنهم يواجه مصيره وحده, و بدؤوا يخاطبون الجمهور من المنتجعات وحمامات السباحة ويطلبون منه أن يفتح بيته وصدره للمستعمر, فمنهم من جلس في أبراج خلف شاشة محمولة وبيده فنجان النسكافيه, والآخر اضطر إلى أن يقضي هذه السنوات الحامية في منتجعات «الغردقة» و«شرم الشيخ» أو في شوارع الشانزليزيه حتى لا تتلوث «نجوميته»!. بعضهم أراد أن يشاهده الشعب السوري وهو يتكلم باللكنة المصرية فهو الفنان النجم متعدد المواهب, وبعضهم لا يعنيه إلا ما قبضه من الجنيهات والدولارات مقابل مواقفه العدائية لشعبه ووطنه, و الآخر فخور بأوسمة الشرف وحصوله على جواز سفر سيرلانكي! وما كان ذنب الوطن أو الجمهور إلا أنه احتضنهم وصدّرهم للعالم نجوماً, واليوم حتى الممثلة الكومبارس التي لم تستطع تحقيق نجومية في وطنها تركب الموجة؛ لتنتقل من الدوبلاج إلى الدوبلاج فهي لم تتحدث إلا بلسان كاتب النص التركي, لكنها حققت حلماً في الوقوف أمام العدسة, وهذا المتصعلك تارة يطل علينا داعية إسلامياً, وتارة ناشطاً سياسياً, حتى من تبنتها سورية وشعبها و أمنتها من جوع وعطش, وقدمت لها الهوية والنجومية كانت الأسرع في غدر جمهورها, ولا يمكن لومها أصلاً لأنها لا تعرف معنى الوطن وفاقد الشيء لا يعطيه, بدل أن تشترط بغباء من يكون رب المنزل الذي يستضيفها, و ذاك المسرحي المغمور الذي لفظته خشبات مسارح حلب وصالاتها, لم نذكر أن هناك رقابة منعته من محاولة رحبنة نصوصه, لكن لماذا حمّل الوطن وزر فشله وتحت أي مقابل؟ دعوات قتل مغلفة بعلب حليب ومساعدات إنسانية, وفنانات رهافتهن وحساسيتهن المفرطة جعلتهن يرمين الوطن بتصريح ليبرهن على عدائهن, ويهربن بأطفالهن خارج الوطن الذي رضعن من ضرعه سنوات, فلم تمنعهن «حساسيتهن المفرطة» من المشاركة في قتل أطفالنا, ولم تشفع لديهن دموع الأمهات في موانئ العمر, حتى ذلك المخرج الذي كلف مؤسسة الإنتاج التلفزيوني ملايين الليرات السورية مقابل عمل لا يستحق العرض ما ذنب الشعب السوري حتى يركل هذا اللورانس فشله صوب جمهور أعطاه الفرصة تلو الفرصة؟ وسائق التاكسي لماذا يحاول دهس جمهوره بـ «لكزس خليجية»؟ أولم يصل نجومنا الآفلون إلى قناعة من غرر بهم, بعد ما طالت يد الحرية المزعومة الفنان الشاب محمد رافع, وممثل الشعب السوري ياسين بقوش, هناك فنانون عاشوا داخل الوطن وفنانون عاش الوطن في داخلهم كالفنانة رغدا والفرق طبعاً كبير.