2014/04/24
بوسطة- تقرير: علي المحمد
لدى حضورك في مسرح "الحمراء" لمشاهدة العرض المسرحي "نبض"؛ أول ما يطالعك مشهد جبل "قاسيون" الدمشقي، مشرفاً على مدينةٍ خاوية، متصدراً خشبة المسرح، ويعتليه برج الإرسال الذي يومض موحياً بمرور الوقت مع استمرار الحرب.
تدور أحداث العرض في حديقة دمشقيّة، تملؤها أوراق الخريف، موحيةً بكآبة الأزمة، ويقطع سكون الحديقة ثلاث سيدات، يمثلن أمهات سوريا، يتحدثن بلسانهن ويجسدن آلامهن؛ أم فقدت اثنين من أبنائها وتخشى أن تخسر الاخير، والأم الثانية خائفة على وحيدها الذي يقاتل في جبهات القتال مع الجيش العربي السوري، والثالثة فقدت زوجها وابنتها، وتسكن في الحديقة، تجر حقيبةً تختصرما تبقى لها من حياتها.، جسدّت شخصيات السيدّات الثلاث، الممثلات: رنا جمول، هناء نصور، ونسرين فندي، تحت إدارة المخرج مأمون الخطيب
بدأت عروض المسرحية في 17 نيسان/ إبريل 2014، ولاقى العرض الأول نجاحاً كبيراً، حيث امتلئ المسرح عن آخره، وبدا التأثر واضحاً على معظم الحضور، وكانت الممثلة وفاء موصللي من بين الحضور في أول أيام عروض "نبض"، وعبرت لـ"بوسطة" عن انطباعها إزاء ما شاهدت بالقول: "المسرحية نقلت الشارع على خشبة المسرح، بكل آماله وآلامه، وتحول الجمهور لجزء من العرض المسرحي، من خلال شخصيات السيدات الثلاث"، وأضافت موصللي: "المخرج مأمون الخطيب لامس أرواحنا كلنا"، واعتبرت أن هذا العمل يمثل "العودة لمسرح المشاهد، بعد أن كان حكراً على النخبة."
أما الممثلة لينا حورانه، فقالت لـ"بوسطة" عن "نبض": "مهما كان ما نسمعه في الأخبار، أوما نعايشه، أونراه على أرض الواقع مؤلماً، إلا أن خشبة المسرح تقدمها بطريقة مختلفة تشعرك بالحالة بشكل أكبر"، وأضافت: "تمثل هذه المسرحية حياتنا، وواقعنا المؤلم جداً، و تذكرنا جميعاً بأن أمنّا سوريا تبكي، لنوقف هذه الحرب، فنحن أخوة. "
مسرحية "نبض" اعتمدت على المباشرة في تمرير رسائلها، على لسان شخصياتها الثلاث، وهذا ما لم يعتبره الناقد سامر اسماعيل "عيباً فنياً"، وعلق على ذلك لـ"بوسطة" قائلاً: "أعتقد ان المباشرة مطلوبة، خاصّةً أننا لازلنا في عين العاصفة." ، وحول تكامل العرض المسرحي قال اسماعيل: "ليس هناك عرض مسرحي كامل، ربما كان بإمكان المخرج أن يحقق عناصرا حركة أكثر ديناميكية، أتوقع أن هذا النوع ينتمي لمسرح الحكي، أكثر منه إلى مسرح الحركة، لكن هذا بالنهاية خيار فني للمخرج، وأنا احترمه".
ونوّه سامر اسماعيل إلى جمالية "السينوغرافيا" في العرض، وختم بالقول: "أعتقد من الانطباع الاول أن هذا عمل له علاقة بالهمس بالظلام، لإختراع فسحة أمل في هذه المدينة، التي تخيّطُ فيها الاكفان، أكثر مما تخاط أثواب العرس."
من جهته اعتبرالمخرج مأمون الخطيب أن الاسلوب المباشر الذي انتهجه في بناء الحوار في عرضه المسرحي "نبض": "الطريقة الأفضل لإيصال هذا النوع من الافكار التي تمثل ما نعيشه كل يوم"، وأضاف الخطيب في تصريحٍ خاص لـ"بوسطة": "المباشرة مقصودة، فأفكارنا في الحياة العادية مباشرة، ونحن أردنا اتباع هذا الأسلول لنوصل رسائل معينة." وأيّد المخرج المسرحي وجهة نظره بعبارة "شكسبير" الشهيرة التي قالها على لسان "هاملت": "أكون أولا أكون"، واستدرك قائلاً: "تلك هي المباشرة، الأفكار مباشرة، ولكن طريقة تقديمها تخفف المباشرة"
ولم يتفق مأمون الخطيب مع الرأي القائل بأن ماقدّمه في "نبض" ينتمي إلى مسرح "الحكي"، موضحاً:"طالما هناك رسالة، فثمّة حكي، الجمهور العربي جمهور نصي يحب الكلام، ولكن في (نبض) ركزنا أيضاً على العناصر المسرحية الأخرى كالسينوغرافيا، والإضاءة، وخاصّةً الأداء."
وعن سؤالنا له ما إذا كان قدم كل ما يريد قوله في "نبض"؟؛ أجاب الخطيب:"حاولت أن أخفف من الألم والقسوة فقط، ولكنني سعيد بما حققته المسرحية وسعيد بان الجمهور السوري يثبت بأنه يحب الفن والمسرح، والسوريون كما نبضاتنا حاضرون دوماً."
مسرحية "نبض" قدّمت ستةً من عروضها خلال أسبوع، واستقطبت إلى جانب الجمهور العادي، نخبةً من وجوه الفن السوري لمشاهدتها، ممن أبدوا إعجابهم بها في تدويناتٍ لهم نشروها عبر صفحاتهم الخاصّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو بالنشرعلى صفحة "الفيسبوك" الخاصّة بـ"نبض"، وكان من بينهم النجم السوري أيمن زيدان، الذي كتب عن المسرحية: "طوال العرض كنت أقاوم سطوة الفجيعة، وانتابتني رغبة محمومة أن احمل أمهاتي الثلاث بعيداً، إلى فسحة أقل ألماً، وأكثر دفئا، تباً للحرب المجنونه، وطوبى لكل أمهاتنا الثكالى، شكراً هناء، ورنا، ونسرين، وطاهر، وكل الكادر الفني والتقني ....شكراً للصديق مأمون الذي شاطرنا معه وجع الوطن ... نبض .... بوح حقيقي في ثناياه جرعة مدهشة من الصدق، وسحر التأثير"
ولازالت عرض "نبض" مستمراً، على خشبة مسرح "الحمراء" بدمشق، يومياً... ماعدا الجمعة، الساعة الخامسة مساءً... وحتى 1 أيّار/ مايو 2014.
"نبض" من إنتاج وزارة الثقافة السورية- مديرية المسارح والموسيقا ... سينوغرافيا أحمد روماني... موسيقا طاهر مامللي... أزياء هشام عرابي... دراما تورج حازم عبد الله... إضاءة ريم محمد.