2014/03/22
عبادة تقلا – تشرين
قبل سنوات ليست بالبعيدة، كان الممثل السوري يتباهى إن لعب دور البطولة في مسلسل من إخراج واحد من المخرجين التلفزيونيين القلائل المشهود لهم بالكفاءة، أما من حظي بدور و لو ثانوي في واحد من الإنتاجات القليلة لمؤسسة السينما السورية، فلم تكن أبواب التلفزيون تتسع لقامته؛ لكن المعادلة المذكورة تغيّرت قبل عدة سنوات، و تحديداً عندما قام المنتجون المصريون بجذب مشاهير الدراما السورية إلى أعمالهم، مع كل ما يحمله الأمر من شهرة و أجور لم يحلم بها ممثلونا يوماً.
المطلع على واقع الوسط الفني السوري و لو قليلاً، كان يعلم سلفاً من هي الأسماء التي ستهرول للتمسك بأي عرض مصري، و أي هذه الأسماء سيبقى مركّزاً على عمله في سورية، مصراً على تقديمه بأفضل صورة ممكنة؛ فالممثل المنظّر- على سبيل المثال- سيجد في مصر فرصة طيبة لتوسيع نشاطه التنظيري، و إعطاء ممثلي مصر دروساً في طرائق التمثيل الحديثة التي يتقنها جيداً.! كما أن هذا الممثل- المنظّر ذو الجوازات المتعددة سينتقد جيل مخضرمي الممثلين المصريين القديم و يصفهم بما وصف به ممثلي سورية المخضرمين قبل سنوات على هامش أحد المسلسلات، بكلمات أخجل من مجرد تذكّرها.
أتذكر هنا كلمات الممثل الراحل نضال سيجري قبل سنوات: (يا أخي أنا ما بتظبط معي احكي بالمصري، يلي بتظبط معو الله يسرلو). و في السياق ذاته ما قاله رشيد عساف من أن المصريين يريدونك أن تأتي إليهم لا أن يذهبوا هم إليك، في إشارة لموضوع إصرارهم على أن يؤدي الممثل السوري باللهجة المصرية لا بلهجته المحلية. اليوم خفَّ بريق التجربة المصرية، و لم يعد حدثاً ذا شأن أن يحظى فلان ببطولة عمل هناك، أو أن تقف فلانة أمام ممثل أُحيل على المعاش سينمائياً، وصار يتباهى ببطولاته التلفزيونية في بلد كان نجومه في معظم الأوقات، ممثلي سينما، و نجوم شباك التذاكر.و ما دمنا نتحدث عن السينما، فحتى من صار يحظى من السوريين ببطولة سينمائية هناك؛ فلم يعد في الأمر ما يستحق الذكر ما دامت السينما المصرية الجديدة، في حد ذاتها، شبحاً بلا ملامح. في ظل ما تقدم، يبدو أن الموضة القادمة هي التمثيل خارج حدود الوطن العربي، و إلصاق الصفة العالمية بكل إغرائها قبل أسماء بعض الممثلين؛ فبعد تجربة غسان مسعود في « مملكة السماء» قبل عشر سنوات تقريباً، بدا أن الجميع في طريقهم للبحث عن فرصة عالمية، فرحنا نسمع عن ممثل اعتذر عن دور هوليوودي لا يناسب توجهاته.! و آخر يدرس الخيارات المتعددة المطروحة أمامه! إلا أن حط بنا الرحال عند الممثل جهاد عبدو الذي سينال الشرف الهوليوودي إلى جانب نيكول كيدمان.!!؟
لست في وارد مناقشة نوعية الأدوار التي تُمنح للسوريين أو غيرهم في هوليوود، و لكني أحب التأكيد أن العمل في هوليوود لا يمنح صاحبه أية شهادة تميز مسبقة، و هو لا يعدو أن يكون بناء على حاجة معينة لدور بمواصفات محددة ضمن خيارات قد تكون محدودة جداً. الأداء الجيد في أي عمل، و في أي بلد هو الأداء العالمي، و بالنسبة لي فممثلة مثل سمر سامي هي هوليوودية منذ سنوات طويلة، و الراحل خالد تاجا قدم مستويات أداء يرفع لها نجوم هوليوود القبعة، و ممثل مثل بسام كوسا – عندما يحسن انتقاء أدواره- هو أهم من معظم نجوم هوليوود، أما أصحاب الأداء الانفعالي في الدراما السورية على مدى سنوات طويلة، فلن تشفع لهم لا هوليوود و لا بوليوود ولا عروض (الإستربتيز) حتى..