2014/03/08
روز سليمان – السفير
تحكم مفردات مشوّشة التعريف الدقيق لما صار يعرف بأعمال «البيئة الشاميّة»، وتربطها بفترة زمنيّة بعيدة وغامضة الملامح. ولنفترض أنّ مسلسلاً اجتماعياً معاصراً يحمل في أحداثه الشام وناسها، ألا يصحّ تصنيفه كـ«بيئة شامية» أيضاً؟ يبدو أنّ الترويج للمصطلح، بت جزءاً من محاولة تعويم الفضائيات لما تراه مناسباً من تعريفات. يبقى سؤال «الغربلة» من دون حسم، أمام وجود عدد لا بأس به من أعمال البيئة الشامية، التي تصوّر حالياً في دمشق استعداداً للعرض في رمضان 2014.
في هذا الإطار، لا شيء يضمن أن يحمل مسلسل «الغربال» تعريفات جديدة للنوع، خصوصاً أنّ حكايته لن تبتعد عما سبقها من حكايات دارت في فضاء البيئة. فبحسب بيان صادر عن الشركة المنتجة «غولدن لاين»: «يجسد العمل صراع الخير والشر، وتدور الأحداث في حي الشاغور الدمشقي العام 1927».
يقول مؤلّف العمل سيف حامد لـ«السفير»: «يقدّم النصّ حكاية شعبيّة في شكل الجديد الأقرب إلى التوثيق، ويبتعد عن الشخصيات السياسية مركّزاً على الاجتماعية، معتمداً على مراجع من بينها كتاب مذكرات ساطع الحصري، وتتناول الأحداث تدخلات الفرنسيين في محاولة لتفتيت أحياء دمشق اجتماعياً».
في حارات دمشق القديمة تدور كاميرا المخرج ناجي طعمي إذاً، لتصوير «الغربال»، وأمام أماكن تصوير أعمال تحمل الطابع ذاته، ما قد يسيء إلى خصوصيّة صورته في العرض الرمضاني. ولكن، يمكن التعويل بشكل أوّلي على قدرة صناع «الغربال» في جمع نجوم، مثل بسام كوسا، وعباس النوري، ومنى واصف، وأمل عرفة، وعبد المنعم عمايري، وعبد الرحمن آل رشي، وأندريه اسكاف، في عمل واحد. ويشارك في البطولة أيضاً ليليا الأطرش، ومحمد خير الجراح، وأكرم الحلبي، وأمانة والي، وليلى سمور، وعلي كريم، وتولين البكري، وعادل علي، وناهد الحلبي، وجيانا عنيد، وعلي سكر... وغيرهم.
يلعب عبد المنعم عمايري دور سعيد المرادي، الملاحق من قبل السرايا، فيختار الهرب، ومعه خطيبته، وتؤدّي دورها الممثلة جيانا عنيد. وتقول الأخيرة لـ«السفير»: «حتى بعد وصول خبر وفاة سعيد أثناء سفره، إلا أنها تبقى بانتظاره، رغم محاولات الخالة زوجة الأب تزويجها من غيره. ويعود سعيد ويرفضه الأب كزوج لابنته فتهرب معه».
ويجسّد علي سكر دور زينو شخصية مرافقة لسعيد. ويقول: «تعتبر زينو شخصية منظمة وضابطة لشخصية سعيد، إيجابية لكن يقتصر فعلها الواضح ضمن حكاية سعيد المرادي لا أكثر».
تناولت أعمال أخرى الفترة الزمنيّة ذاتها التي يتناولها «الغربال». لذلك، لا يمكن التعويل إلا على الانتظار، لنرى ما إذا كان هذا العمل الدرامي سيعيد الاعتبار لـ«البيئة» في الشقين التاريخي والاجتماعي، العادات، الأخلاق، والموروث الشعبي، والذاكرة الشفاهية، وحكايا الجدات أيضاً كعوامل جاذبة. إلا أنَّ ما يجب أخذه في الحسبان، هو أن إعادة الاعتبار لـ«البيئة الشامية» لا تعني بالضرورة، إعادة الاعتبار لـ«دراما البيئة الشامية».
يرى بعض النقاد أن مذكرات ساطع الحصري (1880ـ 1968)، تميّزت بابتعادها عن أهواء السياسة، متضمّنة رؤية تاريخية ومواقف من الدولة في تلك الفترة. ولكن سرعان ما يخرج من ينقض تلك النظريّة، مشيراً إلى احتواء تلك المذكرات على عدّة مغالطات. يقول سيف حامد: «المشكلة تكمن في اعتماد المشاهد في التقييم على أعمال درامية سابقة، دون محاولة الاطلاع أو البحث في المراجع». فهل سينجح «الغربال» في فرض تمايزه عن باقي أعمال البيئة الشاميّة؟ السؤال مفتوح بانتظار العرض، رغم أنّ العمل كسب منذ الآن على الأرجح رهان نسب المشاهدة العاليّة، نظراً لوجود عدد لا بأس به من النجوم في أدوار البطولة.