2014/01/16
لميس علي- الثورة
على الكرسي ذاتها جلس عديد فنانين سوريين.. رفيق سبيعي.. ديمة قندلفت.. ومؤخراً دريد لحام..
شيء من شجن.. وأشياء من ألم جمعت ووحّدت ضيوف “بيت القصيد”.. طيف الحاصل خيّم على الجلسة.. ومهما اختلف شخص الجالس قبالة زاهي وهبي فإن حضور الوجع السوري كان الأبرز والأكثر تواجداً.. إنه (الضيف- الوجع).. الوجع النجم.. سيد اللحظة.. وبطل الموقف..
والسؤال.. ما السر الذي تحمله تلك الكرسي.. وما الهالة الخفية التي تجعل ممن يمتطي صهوتها يذرف دموع تأثره.. تأملاً لصورة وطن “كان”.. ؟
مع زاهي وهبي.. ينجلي غبار نجومية.. لنرى صورة إنسان حقيقي شفاف.. أصيل.. ألم يبدُ كل من دريد لحام ورفيق سبيعي وديمة قندلفت على هذا النحو.. بأكثر الهيئات شفافيةً ومحبةً وإنسانية.. ؟
بعد مسلسل (سنعود بعد قليل) حضر الفنان دريد لحام في أكثر من برنامج، مثل “بعدنا مع رابعة، نوّرت مع أروى”.. لكن لم يظهر لحضوره وهج الفيض العشقي لوطنه كما بدا مع وهبي..
هل لدفء المكان والسؤال.. وحميمية الكلمة المؤثرة الصادرة من قلم شاعر، كما وهبي، الدور الأكبر في نبش حالة شجن وتأثر بالغين بدت على محيا ضيفه الكبير.. ؟
بكل الأحوال.. ومهما اختلفت شدّة التأثر ودرجة الألم.. إلا أن ثبات الموقف والكلمة كان ما ميّز لحام في مختلف ظهوراته التلفزيونية.. لأنه مستمدٌ من عشق أصيل لتراب وطنه.. ومن أستذة فنية طويلة.. قادرة على قول كلمتها بكل وضوح ومباشرة.. وحتى لو كانت مغلّفة بالكثير من الدبلوماسية إلا أنها جليّة المقصد.
بأسئلته السياسية يمعن وهبي.. وحتى عندما يخرج من سياقها إلى آخر.. يردّه إليها الفنان دريد لحام.. هكذا عفو الخاطر بكل تلقائية، حال الألم الذي وصلته البلاد أكبر من أن يغادر وجدان أحدنا.. فكيف له أن يغادر وجدان من كان سفيراً للنوايا الحسنة يوماً.. ؟
ينتهي مضيفه من الجانب السياسي.. فيعود لحام مرة ثانية وثالثة حديثاً عن الوضع السوري.. والسؤال الأكبر الذي يشغل فكره: (لماذا سورية.. ماذا فعلت لهم سورية.. ؟).
ولدى سؤال قصي خولي للكبير لحام عمّا سيكون موضوع فيلمه القادم فيما لو أُتيح له فرصة المشاركة بفيلم جديد، يجيب: موضوع الفيلم سيكون عن السبايا السوريات.. القاصرات السوريات في المخيمات كيف يتم تزويجهن ببضعة دولارات.
الوضع السوري.. والأزمة السورية.. كانا محور الحلقة.. إذ لم يستطع لا الضيف ولا المضيف لملمتها ببضع دقائق من الحوار الحاصل بينهما.. لأنها هاجس كل سوري جُبلت دماؤه بتراب أرضه.. وكذا هو حال لحام.. الذي يذكره قصي خولي، عبر مداخلته في فقرة “الكلام يوصل”، بأغنية (يامو).. فإذا بـ(لحام) يربط بينها وبين سورية.. “فالأم والوطن لا يُكافآن” على حد قوله.
يسأله وهبي عن دور الفنان.. فيربط هذا الدور بوجوب التصاق مطلق الفنان بأرض بلاده.. ويتحدث عن حاله: “لا تسألني لماذا لم أزل في سورية.. عندما أغادرها سأشعر باللجوء.. لو ذُبحت فكرامتي في بيتي وحارتي ووطني”.. يختلط حديث لحام بالكثير الكثير من الصدمة مستنكراً: “لم أتوقع أن تدمر سورية من قبل بعض الأشقاء”..
في (بيت القصيد) مساحة للحديث المستمد من فقرات أُعدت خارج الأستوديو.. تأتي وكما لو أنها محاولة لنشل الفنان، وعموم الحلقة، من الاستغراق الكامل بحال الشجن الذي طبع كامل الحوار مع لحام.. وكأنها فسحات خروجاً من انطباع الديكور الواحد.. وكسراً لروتين سؤالٍ وجوابٍ ينحصران بشخص المقدّم.. الذي لم يستطع إلا تعريجاً على شخصية (غوار الطوشة) الأبرز في المشوار الفني لـ(لحام)..
دريد لحام لم يعد فحسب إلى مجرد تراث شعبي بالتقاطه تلك الهيئة لشخصية “غوار”.. إنما يؤكد ويعيد التأكيد على أصالة انتمائه لأرضه وبلاده.. فـ(كاسك دريد لحام.. وكاس غوار الطوشة) المنتميين إلى ذات الجذر الإنساني.