2013/11/08
باسم الحكيم – دارالخليج
بعد نحو ثلاثة أشهر من التصوير، أنهت المخرجة اللبنانية غادة دغفل تصوير المسلسل الكوميدي الجديد “ضيعة ولقيناها” (30 حلقة متصلة- منفصلة مدة الواحدة نصف ساعة)، من كتابة وإنتاج فارس فضل الله في أولى تجاربه الكتابيّة والإنتاجيّة، هو الآتي من علم الكيمياء، يعتبر المسلسل من نوع الكوميديا السوداء، تدور أحداثه في إحدى القرى اللبنانية، ويعتمد على كوميديا الموقف حيث يقدّم في كل حلقة رسالة من واقع المجتمع اللبناني تتمثل في منطقة القليعات حيث جرى التصوير الخارجي .
على امتداد نحو شهرين من 22 يوليو/تموز، حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضيين، استمر التصوير . ويشرح فضل الله: “كنا نبدأ صباحاً وننتهي بعد منتصف الليل” . لافتاً إلى أن “الضيعة في المسلسل حالها كحال لبنان، تمثل بلداً ضائعاً نجده في نهاية المطاف” . وقد اختار لعمله الأول، عنواناً يذكر بعمل كوميدي سوري هو “ضيعة ضايعة” . ويوضح: “بلدية “الضيعة” تمثّل الجهات الرسميّة في هذا البلد، والقهوة تمثل الشارع العام، وهناك مواقف تصوّر الإنسان اللبناني العادي ومعاناته، لكننا نعبّر عنها في أجواء كوميديّة، بعيداً عن التراجيديا” .
ويبدو أن المنتج يتكل على نجوميّة الممثل السوري محمد خير الجرّاح لتسويق المسلسل على الفضائيات العربيّة، بعد مشاركات هذا الأخير الناجحة في عدد من الأعمال السوريّة أبرزها شخصيته الشهيرة “أبو بدر”، في “باب الحارة”، وأدواره الكوميديّة الطريفة في مجموعة من المسلسلات الكوميديّة آخرها “صبايا” . يطلّ محمد خير الجراج من خلال شخصيّة “زيبق”، وهو مواطن سوري قصد لبنان بحثاً عن عمل، وهو يدعي معرفته بكل شيء، فيقع في قبضة “عبلة” (ختام اللحام) التي ستريه النجوم في عز الظهر . ويؤكد فضل الله أن العمل ليس مرتبطاً بأي شكل من الأشكال بالأزمة السوريّة الحاليّة، قائلاً: “حرصت على أن أكون بعيداً عن السياسة، والمواطن السوري يقصد لبنان في الظروف العادية، أي أنه ليس نازحاً أو مهجراً من أرضه بسبب الأوضاع في بلده” .
الممثل المخضرم جورج دياب يلعب شخصية شاعر “أخوت”، الرجل المتفلسف الذي يعبّر بطريقته عن كل شيء، ويرى الأمور من زاوية مختلفة عمّا يراها الآخرون، إضافة إلى شخصيّة عارف العقدة، التي يقدّمها الكاتب والمنتج في أول تجربة تمثيليّة له . ويراهن الرجل على عمل من نوع “لايت كوميدي”، ويعتمد في شق منه اللعب على الكلام عن طريق ممثلين معروفين . ويشرح عن الشخصية التي يؤديها قائلاً: “عارف العقدة، يفترض أنه اسم على مسمى، رجل سافر ابنه بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، بعدما صادرت البلدية منزله”، لافتاً إلى “أننا نتعرف إلى أحد النواب (جورج حران) الذي يغدق الوعود على الناس، من أجل الفوز في الانتخابات لكنه لا ينفّذ شيئاً منها بعد الفوز” . ويشدّد فضل الله أن العمل يركّز بشكل أساسي على الأوضاع الاقتصادية والمعيشيّة .
رغم أن الجمهور سيتعرف قريباً عبر الشاشات اللبنانيّة والعربيّة بفضل الله ممثلاً وكاتباً ومنتجاً، هو الذي عمل زمناً في مجال الكيمياء، فإن هذا العمل لا يعد أول كتاباته، ويقول: “أكتب منذ زمن، لكنني احتفظت بما كتبت لنفسي ولم أطرق باب منتج، ولم أقدم على خطوة تنفيذها، علماً أنني قدمت مسرحيّة كوميديّة بعنوان “بالنص” العام الماضي، توزعت بطولتها بيني وبين جورج حريق وسامي ضاهر، واستمرت عروضها ثلاثة أشهر تقريباً على خشبة مسرح “كاب سور فيل” في منقطة الدكوانة في بيروت” .
لا يطرح المسلسل مشكلات مهمة، بل الهدف منه على ما يبدو هو الترفيه والضحك فقط، من دون رسائل استراتيجيّة وعميقة . فالحلقة الأولى مثلاً تنطلق من منزل قروي يؤدي دوره جورج حريق، ويعالج مشكلته بعدما نطحه الثور، ويخلص في نهاية المطاف إلى أن نطحة الثور وما تسببه له من وضع صحي مترد، أسهل بكثير من دخول المستشفى والتكاليف الباهظة التي يفرضها العلاج . وتنطلق بعض الحلقات الأخرى، من مشاكل تبدو بسيطة وتافهة إلاّ أن انعكاساتها على المجتمع أساسية .
يدرك فضل الله أنه يخوض من خلال مسلسله الأول امتحاناً خطراً، إذا نجح فيه فهو سيدخل عالماً يحتاجه العالم العربي في ظل الأوضاع المتأزمة التي يعيشها، أما فشله فيه فسيعرضه إلى دراسة خطواته ومراجعة حساباته جيداً قبل الإقدام على الخطوة المقبلة . غير أن فضل الله يعتبر أن أول خطوة ستكون ناجحة جداً، مؤكداً استمراره على هذه الطريق . ويضيف: “ما شجعني على الإنتاج، هو أنني أرى كتاباتي قريبة من الناس، وأقدم الكوميديا بأسلوب عميق وراق وتحمل في الوقت نفسه رسالة وفكر وعمق، وليست مجرد كوميديا من أجل الإضحاك، كما أننا لا نصطنع الضحكة ولا نعتمد على الألفاظ الإباحية والابتذال من أجل أن نستجدي الكوميديا ونضحك الناس” .
يلفت فضل الله إلى أنه يتابع الأعمال الكوميديّة التي تعرض محليّاً وبعض الأعمال العربيّة: “لكنني لا أراها بالمستوى الذي يجب أن تكون عليه، لذا فكرت جيداً قبل أن أكتب، وأعد بأن هذا العمل سيكون متميزاً وناجحاً” . ومما يجعله متأكداً بأن نصه جيد، هو قبول محمد خير الجراح المشاركة فيه، “فهذا الممثل لا يقبل كل النصوص التي تعرض عليه، ولو لم يجده جيداً لما وافق على القيام ببطولته، كما أنني قمت باستشارة الكثيرين كجمهور عادي وبعض الأشخاص العاملين في الوسط الفني، وكانت الآراء إيجابيّة، كما أن المخرجة غادة دغفل كان لها رأي إيجابي جد عنه، تعرفت إليها من خلال أحد العاملين في المجال الفني، وكنت أحد المتابعين لأعمالها، وأراها أبدعت في الكوميديا” .
ينتظر فضل الله الجواب الحاسم في شأن القناة اللبنانيّة التي ستتولى عرض العمل خلال نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ويوضح أنه عرض العمل على معظم القنوات اللبنانيّة ومنها “الجديد” و”المؤسسة اللبنانيّة للإرسال”، و”ام تي في”، كما سيعرضه على بقيّة القنوات، لكنه لن يكتفي بالشاشات المحليّة “لأن العمل يحمل صيغة عربيّة”، ويرى من الحكمة التريث قليلاً للحديث عن جديده، فأنا أتعرف كل المراحل التي يجب أن أمر بها، وبعد نجاح العمل الأول، أبدأ بتنفيذ الثاني” .