2013/11/05

مسلسل سوري طويل..
مسلسل سوري طويل..

 

سامر محمد إسماعيل – تشرين

 

 

لم يعد في الإمكان تجاهل الدراما التلفزيونية للأزمة السورية، أساساً لم يعد مقبولاً إنتاج أعمال جديدة لا تأخذ بالحسبان متغيرات عميقة حدثت في معادلة ظروف المشاهدة الراهنة،

لكن ما الذي تغير فعلاً في هذه المعادلة المبنية أصلاً على تحقيق الترفيه والتسلية قبل كل شيء، ولاسيما إذا أخذنا بالحسبان أن الأعمال الدرامية في معظمها نحت هذا المنحى، بل بالغت أحياناً في تعقيم الحياة السورية وتقديمها في مئة لبوسٍ ولبوس كان أبرزها النمط الاستهلاكي المتأمرك؟ النمط الذي أحال المرأة السورية إلى «سبايا» المال النفطي وديكورات وأزياء الفاشن؟ نسأل فعلاً: ما الذي تغير في صيغة العرض التلفزيوني الراهن؟

 

الواضح أن من تغير هو جمهور هذه المسلسلات، وبشكل دقيق تغيرت لحظة التلقي، فعلى الرغم من أن ذائقة المشاهدة معقدة وهائلة في اختياراتها وبحثها اللاهث عما يسد رمقها إلى صورةٍ تحكي عنها وتمثلها بصرياً، فإنه من الواضح أن الناس أمسوا ميالين أكثر نحو تلك الأعمال التي تأخذ ظروفها الجديدة والصعبة في ظل الأزمة بالحسبان، لا من باب المباشرة الفنية الفظة كما حدث في أعمال الموسم المنقضي التي حاولت تصوير الصورة الإخبارية بكامل دسمها الدموي العنيف، بل بمحاكاة إنسان الأزمة، ظرفه، هاجسه، مخاوفه على وطنه وأهله ووجوده. من هنا يبدو أن الأعمال التي ستتصدى الموسم القادم لنقل الأزمة السورية إلى كوادرها  سيكون فيها الكثير من الجرأة الفنية والاجتماعية، إن لم نقل السياسية، فمقاربة الصورة التلفزيونية قد تكون من المقاربات الأكثر سهولةً ويسراً عند بعض المخرجين أو الكتاب السوريين، لكنها ليست كذلك على الإطلاق؛ نظرة خاطفة على براح المشهد المأسوي ستقول لنا كم تحتاج الدراما اليوم هدوءاً وتروياً في خياراتها الفنية والإنتاجية، ولاسيما بعد نهوض محترفات بصرية جديدة في الدراما المصرية لموسم 2013، محترفات أعلنت تميزها وفرادتها في بناء صورتها وعمارتها الدرامية المحكمة.

 

أعتقد أن الأمر ليس سهلاً كما يظن بعض القائمين على صناعة المسلسل التلفزيوني السوري، فملامسة الجمهور الجديد تتطلب كتابة شجاعة ومتأنية، كتابة لا تصب الزيت على النار، ولا تعمل على تأجيج المؤجج وإذكاء لهيبه، بل تذهب بعيداً في تشريح هادئ للشخصية السورية التي تبدو اليوم أمام مواجهة حاسمة ونهائية تريد شطبها من المخيلة الإنسانية الحضارية، وتحويلها إلى مجرد ركام بشري يفتكُ ببعضه، ركام لا تمكن إزالته  من الصورة المعاصرة؛ لكن يمكن توطينه نمط كوارث نهائياً في نشرات الأخبار اليومية، نمطاً يمكن الرجوع إليه كلما أرادت شبكات التلفزة أن تقول لمشاهديها: « ويستمر المسلسل السوري الطويل من دون أمل يذكر بإعادة وحش الدراما  من الشوارع إلى الشاشة»..