2013/09/30
لؤي ماجد سلمان – تشرين
حتى هذا التاريخ لم يستطع الإعلام المرئي والمسموع أن يحرر ممثل الكومبارس من القيود التي فرضتها عليه الدراما العربية،
مع أن سلسلة «بقعة ضوء» حاولت تسليط الضوء على هذه المهنة في لوحة «الكومبارس» التي صورت مشهداً تاريخياً في الصحراء والخلاف الذي ينشب بين أحد الكومبارس وبعض النجوم، ليعلن مجموع الكومبارس التضامن مع الممثل والإضراب عن تصوير المشهد، ليستمر الخلاف حتى تقع الحرب بين الجموع والنجوم المحاصرين في الصحراء، وليتبين المشاهد أن الكومبارس هو عامل أساس في إنجاز العمل الفني حتى يتم الاتفاق في النهاية على كتابة أسماء الكومبارس على تترات العمل، هذا المشهد أثار حنق البعض حينها على اعتبار أن تلك اللوحة من شأنها «تكبير» رأس الكومبارس، كما أن بعض المعنيين في الشأن الفني والثقافي يستخدم المفردة ذاتها بصيغة نعت بعض الممثلين أو النجوم بقصد الإساءة له فيقول «فلان كومبارس ناطق»! مع أن وجود الكومبارس في الأعمال التلفزيونية يوازي وجود الشخصيات الرئيسة بل ويمكن الاستغناء عن إحدى الشخصيات؛ لكن من المستحيل الاستغناء عن مجموعة الكومبارس في الأعمال والمسلسلات التلفزيونية خارج حدود الأعمال المونودرامية، إضافة لتدني أجورهم واستغلالهم من بعض المنتجين؛ فلا يمكن لأحدهم مهما بلغت مهارته في فن التمثيل أن يخرج من هذا اللقب إلا بإثبات قدرته في التوسل؛ والتزلف و«الواسطة» وشبكة العلاقات التي ينسجها مع المخرجين في مقاهي دمشق وتجمعات الفنانين للحصول على دور، أو عدة مشاهد في عمل ما؛ إذ يمكن أن يساعده الشكل في حجز مكان له في الأعمال المكتوبة كالطول أو القصر، النحول، أو العضلات المفتولة، وفي المرتبة الثانية يكون البحث عن الموهبة التي يتم توجيهها من مخرج العمل.
هناك أيضاً كومبارس لا نعرفهم أوجدهم ضعف الفرص المتاحة والحاجة المادية؛ منهم كُتاب النصوص، أو المخرجون الجدد، فلا أحد من أصحاب الأموال مستعد للمغامرة مع مخرج جديد، لكنه مستعد تسليم العمل إلى اسم ذائع الصيت وبدوره يقوم المخرج صاحب الاسم الرنان باستقدام «مخرج كومبارس» ليقوم كل العمل على عاتقه مقابل أن يمنحه فرصة كتابة اسمه على شارة المسلسل بصفة مساعد مخرج! لكن الكومبارس الأدبي لن يعرفه أحد داخل أسرة العمل ولا من المشاهدين؛ ولا يمكن أن يظهر اسمه على الشارة، أو في المشاهد؛ فهو مجرد كاتب نص مغمور تستغله بعض الأسماء اللامعة مقابل القليل من المال؛ فلا يمكن أن يصل كاتب أو سينارست بنصه إلا عن طريق بعض الحيتان الذين يرغمونه على تمزيق الصفحة الأولى من النص؛ وهي الطريقة ذاتها التي يسعى إليها عدد كثير من المخرجين الذين يضعون أسماءهم على بعض الأعمال السينمائية والمسلسلات، ككتاب نصوص وأفكار ومخرجين منفذين! ليبقى صاحب النص الأدبي الأساس في الظل منعاً للفضائح وحرصاً منه على الحفاظ على مورد رزقه! وأحياناً إذا انكشف الأمر بسبب طموح البعض، وللخلاص من سيطرة وهيمنة الأسماء اللامعة يوضع اسم الكاتب الكبير على العمل كمشرف، أو يعد كاتب النص مجرد كاتب نص أدبي فقط أو صاحب الفكرة. وأغلب الأحيان يتم تزويد كاتب السيناريو صاحب الخيال المبدع بالموضوع الذي يريد أصحاب الأموال أن يشاهدوه أو يسوقوه على شاشات المحطات الفضائية، وعليه تكوين الأفكار وخلق الشخصيات والأحداث وتقديم نص فيلم أو عمل تلفزيوني من دون أن يكون له حق حتى ذكر اسمه على السيناريو؛ إضافة لبعض الشركات التي تعلن عن ورشات كتابة يتم من خلالها استغلال الأفكار من الأشخاص الباحثين عن فرصة كتابة السيناريو لإثبات مهاراتهم الأدبية، أو شركات منتجة تعلن عن حاجتها للوحات كوميدية، لكن اللوحات لا تُعرض في وقتها، أو يقوم القائمون على تلك الشركات بتحويرها بشكل كامل مع استغلال روح النكتة أو الكوميديا الموجودة في عصب النص؛ وذلك من دون التعويض لصاحب النص الأصلي؛ ومن دون أن يقدم للكومبارس الأدبي الذي أجبرته ظروف الحياة, وطبيعة العلاقات الفنية ما يوازي جهده، مستسلماً على مضض لشروط حيتان الدراما ومتنفذيها الذين ينقبون في المناجم البشرية عن المواهب الفقيرة مادياً والغنية فكرياً لزيادة أموالهم وتلميع أسمائهم الكومبارسية!.