2013/08/22
هزار عبود – الثورة
غوار الطوشة....شخصية كوميدية بامتياز حفرت لنفسها مكاناً لا ينسى في ذاكرة الأجيال.. المخلصة في حبها.. الظريفة والعفوية بتصرفاتها..
ملامح خطها الفنان دريد لحام بتقمص كلي لشخصية عاشت و مازالت تدرس أدواتها في مدرسة الكوميديا......... سنوات مضت على الطوشة الذي اغرق الشاشة بمقالبه و ملاحقته لحسني البورظان لتستقر رحاله في أحياء دمشق القديمة و يغدو مسنا يروي بأدائه حكاية عشق لمدينة لا تزال ترسل عطر الياسمين رغم الموت المحيط بها....
ينسج في دكانه الراكن على إحدى زوايا أحياء الشام صورة مزخرفة بنقوش الموزاييك التي تصفها أنامله على القطع الخشبية لأولاده الذين طاروا من عشهم العائلي إلى دروب الحياة الشائكة حيث نفضوا عنهم غبار مبادئ و أخلاق زرعها بذوراً بداخلهم....فأخذتها رياح الزمن العاثر...
و لأول مرة...خلع الفنان الكبير دريد لحام عن نفسه عباءة غوار ليدخلنا معه ضمن عوالم شخصية جديدة بسلوكياتها و عاداتها و طقوسها في موزاييك درامي محترف (لسنعود بعد قليل).....
فكما هو دائما يدخلنا إلى عوالم كل شخصية يؤديها ..بأدق تفاصيلها و حركاتها..كالنظرة العميقة التي تلمع حزنا على قطار الحياة الذي وصل لمحطته الأخيرة.....أو لطاولة الزهر التي تصبح مصب البطولات و تنافس لمن افرغوا جعبة عمرهم في دروبها المختلفة...واللحام لم يكتف لإذهالنا بذلك بل حرص على الغوص إلى أدق التفاصيل في مشيته..علاقته بأحواض الورود في ارض الديار ..وصولا إلى الجملة الشهيرة التي يكررها الآن الكثيرون من كبار السن (خير ان شالله...بلشوا اليوم على بكير) وهم يتهيئون للنوم إما ليوم قادم...أو لنهاية يوم فقط ...
بأدائك شممنا رائحة الياسمين الدمشقي.....وبحرفيتك أوجعتنا عندما بكيت دمشق على فراش المرض....جعلتنا نغوص معك في تفاصيل الحياة ...وبسحر قدراتك جعلتنا نرى انه ليس الدمار فقط في لهيب الإرهاب الذي يلسعنا بل بعلاقات إنسانية بدأت تنحل في ماء الحياة العكر لتذوب في المصالح و الخيانات و بيع المبادئ و المساومة عليها.....
ياسمينة دمشقية....أضحكتنا كثيراً ولسنوات من تحت طربوشها..وهاهي الآن تبكينا على أنفسنا و على شامنا ...عطر أدائك أعطى لدراما رمضان هذه السنة نكهة خاصة .فترفع القبعة لموهبة عظيمة ظلت تهب الدراما لمسة فنية مبدعة ومغرقة في خصوصيتها......
بتعرف ليش عزيزي القارئ ...ما سألتني ليش.....لأنه العتق الدمشقي دريد لحام.