2013/08/07
لؤي ماجد سلمان – تشرين
ربما يتفق الجميع أن من أهم وظائف الدراما تسليط الضوء على مشكلات المجتمع وسلبياته قبل إيجابياته، حتى إن الجمهور بات يحرص أكثر من القائمين على صناع الدراما على مشاهدة أعمال تطرح مشكلاته العامة والخاصة،
ولاسيما المواضيع التي لم تجرؤ الدراما على طرحها سابقاً، أو التطرق إليها من «جنس، دين، سياسة» أو ما عرفناه بمصطلح «الثالوث المحرم» بترجمة رائدة للمفكر السوري الراحل بو علي ياسين. لكن مسلسل «صرخة روح» -إخراج ناجي طعمي، تأليف مجموعة كتاب سوريين.. فادي قوشقجي، موفق مسعود، رانيا البيطار، لمى ابراهيم، ناديا الأحمر حاول تحطيم التابوهات بطرح مشكلة الخيانة الزوجية؛ البعض عدّها خطوة جريئة تجاوزت الحدود التي اعتاد عليها المشاهد، وأباحت ما لا يجب أن تشاهده بعض الشرائح العمرية بسبب كوادر السرير التي رافقت العمل في أغلب المشاهد، وغرف النوم الفخمة، إضافة إلى العبارات التي لم نعتد سماعها عبر الشاشة الفضية، أما البعض الآخر فرأى فيها صورة واقعية يجب أن تطرح لكسر الجليد مع مشكلاتنا الاجتماعية؛ من دون الوقوف على أعتاب المسموح والممنوع، عادّين أن هذا جزء مهم من ضمن أجزاء يعيشها الواقع العربي ومن الضرورة معالجته.
لكن هل استطاع العمل تحقيق ذلك وكسر الحاجز لمفهوم الجرأة في الدراما السورية؟ المتابع لساعات عرض «صرخة روح» يدرك أن النصوص متشابهة من حيث الفكرة والموضوع والطرح، ومفهوم الجرأة لديها اقتصر على موضوع واحد هو «الخيانة الزوجية» من دون التعمق بمضمونه، حيث نشاهد هشاشة المجتمع وسهولة وقوعه في براثن الجنس والجسد، من دون وضع مسببات أو تسويغات على الأقل لما نشاهد، حتى الأسباب التي شاهدناها كانت سطحية لا ترتقي إلى مسبب للخيانة، إضافة لعدم التعمق في الأسباب النفسية والسيكولوجية التي أدت إلى انهيار بعض أفراد المجتمع، وتسويغ الخيانة الزوجية حلاً بديلاً لعدم الإنجاب كما جاء في أحد الأجزاء.
من ناحية ثانية لم يحاول العمل الاقتراب من مشكلات المجتمع الراهنة واليومية، والتي شاهدناها في بعض الأعمال السابقة، بل اكتفى بتشويه صورة المجتمع اعتبار الخيانة ظاهرة اجتماعية عامة، والجنس هاجس المجتمع، إذ يتكرر موضوع الخيانة مع كل نص؛ فلم نشاهد أي موضوع يطرح إلا لخدمة فكرة الخيانة الزوجية، لدرجة جعل موضوع الخيانة يفقد خصوصيته وأهمية طرحه، متناسين أن هناك أُسراً عربية لها بعض العادات والتقاليد، تمنعها من حضور هذا النوع من الدراما مع بقية أفرادها بأعمارهم المختلفة، وأن ما يميز الموسم الرمضاني عن غيره من بقية الأيام اجتماع العائلة على وجبات بصرية مشتركة، وان تسليط الضوء على مشكلة بعينها تخص فئة عمرية معينة يؤدي لمنع عرض العمل داخل بيوت بعض الأسر تحت سلطة الرقابة الأبوية.
لا يمكن عدّ ما يقدم لنا صورة كاملة عن المجتمع، وفي الوقت ذاته لم يستطع كسر حاجز الجرأة من خلال موضوع واحد مجتزأ عن الجرأة، في غياب مواضيع تعني الشريحة الأكبر من المجتمع منها الفساد الوظيفي، والمتنفذ الفاسد، والتاجر المستغل، وجرأة البعض في التحايل على القوانين، وعلاقة المسؤول بالمواطن، والغني بالفقير الذي يرى أن القانون وجد لمصلحته، ربما يكون السبب في تكرار الموضوع عدم التنسيق بين كتّاب النصوص، أو الاستسهال في اختيار موضوع بعينه، في مرحلة كان من الواجب أن نتطرق فيها لمواضيع المجتمع الأخرى غير موضوع الخيانة الزوجية، والخيانة الجسدية، والعلاقة المتبادلة بين الرجل والمرأة، على طول الموسم، وكان لا بد من تسليط الضوء على مسائل جريئة أخرى «سياسية ، دينية، اقتصادية» إلى جانب الموضوع المطروح، حتى نقول إننا استطعنا كسر المحظور، وكان من الضرورة إيجاد صيغة متوازنة حين الدخول في مواضيع جريئة حتى يكون العمل متكاملاً ولا يجنح عن مهمته الأساسية التي أراد أن يطرحها لكسر المحظور وتجاوز الخطوط التي كانت سابقاً حمراء، لا مكتوبة بأحمر الشفاه.