2013/08/03
هفاف ميهوب – الثورة
يا تُرى, هل بات من الواجب علينا أن نتقبَّل ما يفرضه صنّاع الدراما ومجسِّدوها ومروجوها, وفقط لكي ينالوا ما نالوه من شهرةٍ وأضواء,
وبما يدرُّ عليهم المزيد من الأموال دون أن يدرّ علينا إلا ضياعِ الوقت في متابعةِ ما أصبحنا نشعره مهزلة بائسة الإقناع في الأداء؟..
حتماً لم يعد ذلك مفروضاً علينا, وخصوصاً بعد أن عشنا وتابعنا ما أوجعنا و أفجعنا, ومن "دراما الموت" ذات المضامين الأكثر من بشعة, والتي جسدت اقترافات عصابات الإجرام والحرام المدعومة من قِبل فضائياتٍ وجهاتٍ استشرى حقدها في حياتنا وعلى شاشاتنا, وإلى أن أجادت بحقٍّ وتمكَّنت من أن تفرض علينا متابعة ما لا يمكن أن نسمّيهِ إلا "دراما الوباء"..
هذا ما بات عليه حالنا, وكمشاهدين نزفت أبصارنا مانزفت, ومن الحقد والغباءِ والكذب والبهتان والضلال وسوى ذلك مما أغرقتنا به فضائيات العمالة والبثِّ الرجيم.. هذا ما بات عليه حالنا, وكسوريين رأينا بعينِ فجيعتنا, كيف تمَّ استهدافنا وخطفنا وتعذيبنا وتفجيرنا وذبحنا والتمثيل بأجسادنا وإلى أن فقدنا كل قدرة على متابعة مالا يعكس الوجع الذي لا نزال نعيشه وبأثرٍ سيبقى يحزُّ على ذاكرتنا إلى أبدِ الآبدين..
إذاً, هل نحتاج وبعد كل ما عانيناه, إلى "منبر للموتى".. منبر كل من شيَّعنا إليه كان غائباً أو مغيَّباً أو متجاهلاً للحظات التي عشناها وكان تراب الوطن أغلى هواها؟.. نعم تراب الوطن.. منبرُ البطولاتِ الذي وحده من له الحق بأن يشيِّع أرواحنا إلى حيث خلودها, وبعد أن افتدته بالمقدَّس من دماها..
أيضاً, هل نحتاج لمن يذكرنا بـأن "صرخة روح" واحدة لا تكفي, وبأن كلّ حاسة من حواسنا باتت تصرخ: كفّوا يا تجَّار الغرام عن تصويرِ علاقاتنا خيانات وحراماً.. كفوا يا صنَّاع الكلام عن التلاعبِ بالمشاعرِ ودون أن يكون أي منكم مسؤولاً أو مدركاً لما يفترض أن يجعل منه ساعي المحبة وصوت القلب والحبِّ والحقِّ الهادر؟..
بعد كلِّ هذا, أليس من حقنا التأكيد على أن إحجامنا عن متابعة درامانا, يعود أولاً كوننا أصبحنا نعيش "في قلبِ اللهب" لكن, اللهب الذي سنجعل من احتراقنا فيه درساً لكلِّ من لا يريد أن يعي بأن نار حقده وفتنته وإجرامه ووحشيته, لم ولن تكون أبداً إلا برداً وسلاماً على سوريتنا التي ستردُ على المتآمرين كيدهم مصحوباً بجحيمٍ من اللعنة والغضب.. أيضاً, درساً لمن يُصرُّ على تقديمِ "مرايا" جديدة في انعكاساتها التي لم تعد تثيرُ فينا إلا الرغبة بالإشاحةِ عما فيها من تهيؤات. التهيؤات التي كانت سبباً في تهشّم المرايا وبأيدي من أهدانا إياها معتقداً أنه بإهدائها لنا, سيذكِّر بأنه لازال حياً حتى وإن كان بالنسبة لنا قد مات؟..
كل ذلك, جعل منَّا شعباً لا يمكن له أن ينسى بأنه سيبقى إلى أبد العشقِ يسهرُ لا ليراقبُ عبث ولهو الـ "صبايا" وسواهنَّ من "حائرات" وإنما, ليذكِّر "قمر شام" الهوى والمجد, بأن ذاكرته و مثلما ستبقى مشحونةٍ ومجروحةٍ مما "حدث في دمشق", ستبقى أيضاً تتضوع بـالـ "ياسمين العتيق" .. ياسمين السرِّ والسحر في قدرته على جعلِ كلِّ الذين غادروه يعلنون معتذرين: "سنعود بعد قليل"..
أخيراً, ومثلما عليَّ التوقف عن الحديث عما لم أتابعه مع كلِّ أبناء سوريتي ممن لا يعنيهم إلا متابعة ما يحدث "تحت سماء الوطن", عليَّ أيضاً, أن أسأل كل من تخلى عن سوريته ووزع أعماله وأدواره على فضائياتٍ ما أكثر ما أغمدت فينا أباطيلها وحقدها وتضليلها: يا ترى هل أحصيتَ ووعيتَ ما أحصيناه ووعيناه, قبل أن تباغتنا بأعمالٍ لا ندري إن كنت تريد منّا أن نحصي بمتابعتها, أعمالك أو أدوارك أو شهرتك أو حتى وهو الأهم مردودكَ منها وجوائزك؟...