2013/07/22
امين حمادة – السفير
شكّلت الأزمة السوريّة نقطة قياس في مقاربة الأعمال الدرامية التي تمّ إنتاجها للعرض في رمضان هذا العام. ومنذ انطلاق الموسم، بات تقييم كلّ عمل سوري معروض، ينطلق من مقاربته للأحداث في سوريا. معظم الإنتاجات السوريّة لهذا العام، تحمل إسقاطات بالحدّ الأدنى، في حين تذهب أعمال أخرى، وفي مقدّمتها «الولادة من الخاصرة ـ منبر الموتى» (سامر رضوان/ سيف الدين سبيعي) إلى تقديم محاكاة كاملة للصراع الدائر، بدءاً من شرارة التظاهرات الأولى. الحلقات الماضية من العمل، حملت ما يشبه رواية المعارضة لأحداث درعا الأولى.
لم تكد تعرض الحلقات الثلاث الماضية، حتى بدأت حملات التخوين على صفحات التواصل الاجتماعي المؤيدة، ضدّ أسرة المسلسل، داعيةً إلى «تأديبهم». ودار على شبكات التواصل سؤال تحريضي: «هل توافق على محاسبة كل من شارك في «الولادة من الخاصرة» بتهمة الخيانة العظمى؟»، ووصل البعض حدّ وصف فريق العمل بـ«الساقطين»، و«القتلة» و«السفلة»، خصوصاً الكاتب سامر رضوان، وأبطال العمل الممثلون باسم ياخور، وعابد فهد، وقصي خولي. وهدَّد الناشطون في صفحة «سوريا خط أحمر ممنوع الاقتراب» على فايسبوك فريق العمل، قائلين: «سيضمن لكم المسلسل إقامة طويلة ومن دون رجعة إلى سوريا».
الحملة صوّبت سهامها على باسم ياخور خاصة. وهذا ليس بجديد، إذ سبق أن قامت حسابات فايسبوكيّة بانتحال شخصيّته، ونشر مواقف سياسيّة باسمه لا تعبّر عنه. كما رفعت أخيراً دعوات لسحب الجنسيّة السوريّة منه. وكان قد أضيف في السابق إلى لوائح العار، وأعلنت جهات متطرفة تكفيره، ولم ينجُ من حملات التخوين. والغريب اليوم أن وسائل إعلام خليجية عدة ترفض تغطية باسم ياخور إعلامياً بأي خبر، لأنه «موالٍ» بنظرها، في حين تتجنّب وسائل إعلام أخرى استضافته، لأنّها تصنّفه في خانة «معارض».
ويبدو أنّ بعض من هاجم ياخور، لا يستطيع الفصل بين الشخصية التي يؤديها كممثل، ومواقفه كفنان. للمفارقة، فقد حُمِّل ياخور كامل المسؤولية عن مضمون «الولادة من الخاصرة»، وازداد الضغط عليه من مختلف الأطراف السياسية بسبب شخصية أبو نبال. مع العلم أنّه لم يتخذ يوماً موقفاً سياسياً مجرّداً، بل كان دائماً «تحت سقف الوطن»، وكان موقفه الوحيد «الانتماء إلى سوريا»، كما ردّد في أكثر من مناسبة. وفي كل تصريح صحافي له كان يترحّم على «شهداء سوريا من أي اتجاه ومهما كان رأيهم».
يقتبس ياخور في حديث لـ«السفير» موقفه بتصرف عن الكاتب محمد الماغوط قائلاً: «مثلّتُ كإنسان جريح وليس كصاحب تيّار أو مدرسة». يقول إنّ ألمه على ما يعصف بسوريا، «أكبر من أي رغبة أو قدرة على إبداء رأي سياسيّ». يتأسّف على الهجمات الموجّهة ضدّه: «القضية أصبحت أكبر بكثير من أن تكون مع أو ضد، سوريا تحترق والدم السوريّ يسيل من دون توقف. نحن بأمسّ الحاجة إلى التسامح والحوار، وإن لم نفعل ذلك فوحدنا الخاسرون، وسوريا ستكون الضحية».
يؤكّد ياخور أن التنوّع في الآراء أمر طبيعي لا بدّ منه، لأنّ «الاختلاف لا يفسد في الود قضية. لكن المشكلة أن يعمينا اختلافنا ويدفع بنا إلى التصادم والتحارب، ويجعلنا ننسى أننا أبناء وطن واحد، ونصبح أعداء».
نبرة خطاب التحريض الموجّه ضدّ ياخور وغيره من الممثلين والفنانين السوريين، تتصاعد في كلّ يوم، وتأخذ مناحي غير مسبوقة، لا تهدّد حياتهم كأفراد فحسب، بل مصير الفنّ السوري بأكمله. فالفنّ لا يموت بالتحريم والتكفير فقط، بل بالتخوين أيضاً.