2013/07/09
(CNN)-- محمد الأزن
في وقتٍ بدت فيه مسألة اختيار مواقع تصوير آمنة تحدياً صعباً بوجه صنّاع الدراما السورية في موسم 2013، ذهب المخرج نجدة أنزور إلى "داريا" إحدى أكثر المناطق سخونة بالريف الدمشقي ليصور إحدى ثلاثيات مسلسله الجديد عن الأزمة السورية الذي يحمل "تحت سماء الوطن،" ويتألف من عشر ثلاثيات، عن نصوص لمجموعة كتّاب.
وقال أنزور في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية: "إن هذا العمل يجمع أفراد المجتمع السوري بكافة أطيافه، ومذاهبه، ومعتقداته، وتوجهاته الفكرية، ويأتي في سياق أعمالي الدرامية التي تحمل في طياتها جانباً وطنياً عالياً، وتعكس النسيج الاجتماعي السوري المتجانس، وما عشناه من حالة تعايش فريدة في سورية لقرون طويلة."
وأكد على كون أحداث مسلسله "تعكس نبض الشارع الحقيقي، فهي مستقاه من تفاصيل الأزمة السورية، بحيث تغطي ما أمكن من جوانب مختلفة للأزمة، في مناطق عديدة من تراب الوطن."
ولدى سؤاله عن إمكانية تناول مسلسل الأزمة السورية خلال هذه المرحلة ويتم تصويره داخل البلاد وأن يقدم ما يجري بحيادية؟ أجاب نجدة أنزور: "طبيعة النصوص المكتوبة في ثلاثيات تحت سـماء الوطن، تؤكد أن المواطن الســوري ضد العنف وضد التطرف بكل أشكاله، فنحن نحيا في وطن واحد له دين كبير في أعناقنا ويجب الحفاظ عليه موحداً قوياً، فهو بيتنا كسوريين، وأرضنا، وليس جواز السفر الذي نحمله, من يفقد وطنه يفقد كل شيء."
ولم يتفق أنزور مع الرأي القائل بأنه من المبكر تقديم أعمال تتناول ما يجري في البلاد، حتى يتسنى لصنّاعها إعادة قراءة الأحداث بموضوعية، معتبراً أن دور الفنّان ينبغي أن يكون ريادياً دوماً، ودلّل على كلامه بأعماله السابقة، قائلاً: "ما قدمناه في - ما ملكت أيمانكم- هو قراءة استباقية لجانب من الأحداث المؤسفة التي تمر بها البلاد، الفنان يجب أن لا يبقى على الحياد، وينتظر من غير أن يرسم له حدود تواجده ومكانه في المجتمع والوطن، وعليه المساهمة بفعالية في خلق مناخ يساعد على الحوار، وتخطي الأزمة، التي ستعصف بالجميع إن لم نتدارك آثارها السلبية."
وبالعودة إلى قضية تصويره لأحدى ثلاثيات عمله الجديد بمنطقة "درايا" الساخنة، والتي قوبلت بجدلٍ كبيرٍ في الصحافة، سألنا المخرج السوري المثير للجدل هل فكّرت في شعور من يمكن أن يرى منزله المدّمر في خلفية مشهدك الدرامي؟ فأجاب: "لقد ذهبت إلى داريا لأبحث بين الأنقاض عن أمل.. هذه المنطقة جزء من الوطن ومصابها، هو مصابنا جميعاً."
وأشار إلى: "عندما ذهبنا لتصوير بعض مشاهد العمل هناك هوجمنا إعلامياً بشكل غير مسبوق، وهنا أقول الموضوعية تتطلب التريث، ومتابعة العمل عند عرضه، وليس الهجوم المسبق عليه."
واعتبر أنزور أن ما تعرض له من هجوم إعلامي على حد وصفه يصب في إطار الحملة الإعلامية المتطرفة التي يتعرض لها الوطن، وهذا ما أرفضه بشدة.
وحول القلق من احتمال تعرضه مع فريق عمله للمخاطر أثناء التصوير بتلك المنطقة، وفيما إذا كان هناك بعض الفنّانين أو الفنيين امتنعوا، أو ترددوا قبل الإقدام على هذه الخطوة، قال أنزور: "الخطر موجود والحذر مطلوب... ولكن أجواء التصوير كانت قريبة من الواقع ومرت بسلام، وحققت الهدف المطلوب، وفي النهاية خيار مشاركة الفنانين في العمل بشكل عام أمر شخصي لا نتدخل فيه، ولكن معظم مَنْ طلبناهم للمشاركة في العمل لبوا النداء بمهنية وحرفية, ولا يخلو الأمر من بعض المترددين، ولكن من حق الفنان القبول أو الرفض."
وألقى أنزور الضوء على إلى أن أجواء التصوير كانت إيجابية، وساهمت في خلق مناخ حقيقي يتناسب مع الأفكار التي حاولنا تقديمها في العمل، ورفع سوية أداء الفنان، وخلقت عوامل تحفيزية لديه دفعته للتألق.
ويشار إلى أن نجدة أنزور كان من بين واحد وعشرين مخرجاً اختاروا تصوير أعمالهم في سوريا، رغم كل ما يجري، لكنّه قد يكون الوحيد الذي وجّه سهام نقده بصوتٍ عالٍ تجاه زملاء المهنة من الفنّانين الذين غادروا البلاد، واعتبر أنزور أن "مسؤولية تاريخية تقع على عاتقهم تجاه وطنهم الذي احتضنهم، ورعاهم، وصنع منهم نجوماً، وتساءل: "أين هو المشروع الثقافي الوطني للفنان؟، حتى المتطرف له مشروع ما... رغم قبحه، فأين مشروع الفنان.