صبايا 4... تتعددُ الأجزاء ويزدادُ البعد عن جوهر الفكرة

خاص بوسطة- محمد الأزن

في الجزء الرابع من "صبايا"، عادت "نور" ديمة بيّاعة  بطلة الجزء الأول من العمل، لكنّ المكان غاب بالكامل، إذ ابتعدت دمشق عن الواجهة تماماً، ليكون تصوير المسلسل في دبي،  وتم تقديم المبررات لذلك على النحو التالي: " نور" كانت قد سافرت لتعيش مع والدها في دبي، ولذلك قررت أن تدعو صديقتيها "ميديا" جيني إسبر و"سميحة" كندة حنا لتعيشا معها، حيث ستؤمن لهما عملاً مناسباً.

وربما أفلحت "ميديا" في الحصول على فرصة عملٍ تناسب ميولها الفنيّة،  إلا أن العمل الذي حصلت عليه "سميحة" ككاشير (محاسبة) في مطعم، يدفع المشاهد للتساؤل عن السر في مغادرة فتاة سورية من أسرة متوسطة الحال لبلادها، لتعمل في مهنةٍ أقل من مستواها الاجتماعي بدبي، وإذا كان الأمر لا يبدو منطقياً في حالة "سميحة"، فكيف يمكن تصديقه مع "قدري" الذي يلحق ببنت جيرانه ليعمل معها في نفس المطعم – رغم الأداء الطريف والمميز لمحمد خير الجرّاح بدور قدري-

ثمّ ماذا عن أسرة "نور" التي بدا غيابها مبرراً في الجزء الأول، بفعل سفر والدها، إلا أنه لا يبدو كذلك في حالة الجزء الرابع طالما أنها – أي نور- توجهت إلى الإمارات أصلاً للالتحاق بوالدها...!!!

وبغض النظر عن أداء "ليان"؛ الخليجية رؤى الصبّان، و"نانا"؛ اللبنانية بريجيت ياغي في "صبايا4" ومدى إمكانية تصديق المشاهدين لمبررات وجودهما في حياة "نور"، وصديقتاها السوريتان، فإن قصّة المسلسل بنسخته الرابعة أكثر بعداً عن جوهر الفكرة في الجزء الأوّل،  كما أن الأحداث لا تعدو كونها فانتازيا اجتماعية، أما الصبايا فيبدون  أكثر غربةً عن الواقع والمكان  في قصة كانت تتناول بالأصل فتيات سوريّات تشكّل تجربة الحياة المستقلة بعيداً عن الأهل تحدياً خاصّاً بالنسبة لهن لا يخلو من المصاعب، لكنها تتحول إلى سلسلة مغامراتٍ خفيفة الظل مع خمس صبايا جميلات لفتنَ أنظار المشاهدين العرب بقوة في الموسم الرمضاني 2009.

أربعة مواسم مرّت على ولادة فكرة مسلسل "صبايا"، حينما قدّم المسلسل لأولّ مرّة من تأليف الكاتبة رنا حريري، وإخراج ناجي طعمة، وحقق وقتها نجاحاً جماهيرياً لافتاً بنجماته الخمس: "ليلى" نسرين طافش، "نور" ديمة بيّاعة، "لبنى" ديمة الجندي، "سميحة" كندة حنّا، و"ميديا" جيني إسبر، وضيوف العمل، ويروي المسلسل بنسخته الأولى حكاية قصة خمس فتيات يعشن في منزل واحد، وتمر في حياتهن الكثير من المفارقات والمغامرات الطريفة، ويقدّم نموذجاً لعدة شرائح اجتماعية وتفاعلها مع بعضها البعض عبر الشخصيات التي تلتقي بها الصبايا، وما يرافق ذلك من مواقف تأتي انعكاساً حقيقياً للحياة الواقعية.

النجاح الجماهيري اللافت لـ "صبايا1"  دفع الشركة المنتجة "بانة" ومحطّة روتانا خليجية إلى تقديم نسخةٍ ثانية من المسلسل بتوقيع المخرج فراس دهني،  والكاتبين مازن طه ونور شيشكلي، بعد أن انسحبت رنا حريري من المسلسل وهاجتمه في الصحافة، واعتبرت أنّه خرج عن مساره، وفي الجزء الثاني الذي لم يحظَ بما حقّقه الجزء الأوّل من نجاح، غابت نسرين طافش عن بطولة المسلسل لتكتفي بظهورٍ بسيط كضيفة على إحدى الحلقات، وانضمّت إلى "صبايا" بنسخته الثانية الفنّانة قمر خلف بشخصية جديدة هي الصحفية "نسمة"، وفي "صبايا2" حافظت الفتيات على ذات المنزل "منزل نور"، وعلى أسلوب الحياة ذاته تقريباً، إلا أنه أصبح أكثر مضيّاً في الاعتناء بالمظهر الخارجي للصبايا إلى حد الإبهار بعيداً عن القصّة والمضمون.

النسخة الثالثة من "صبايا" أتت بتوقيع المخرج ناجي طعمي أيضاً، من تأليف الكاتبين مازن طه ونور شيشكلي،  وفي "صبايا3": غادر الصبايا منزل نور ولم يبق منهن سوا "ميديا" جيني اسبر، و"سميحة" كندة حنّا، فيما انضمت ثلاث ممثلات جدد لقائمة نجمات الجزء الثالث من المسلسل ديمة قندلفت "هنادي"، نادين تحسين بك "مايا"، وميريام عطا الله "رانيا"، وشددت أسرة مسلسل "صبايا" وقتها على أن تغيير البطلات هو جزء من طبيعة المسلسل الذي يبدو العمل فيه مفتوحاً على كل الاحتمالات، فـمن الممكن أن تعود أي من بطلات الجزء الأول، والجزء الثاني في جزء جديد، ويمكن أن يكون هذا الجزء بتوقيع مخرج ومؤلف جديدين، وأن تدور أحداثه في بيت آخر وسط أناس آخرين، وفي كل مرة يبدو صبايا مشروعاً فنياً لكل من عمل فيه، وعلى المستوى الجماهيري مرّ "صبايا3" بسلام، بعد أن استعاد القليل من ألق الجزء الأوّل بإدارة المخرج ذاته، لكنّ الصبايا ظهرن كمن يعشن في كوكبٍ معزول عن المكان الذي يعشن فيه، وبدا المسلسل على مستوى المضمون أكثر تكريساً لفكرة "اللايت- كوميدي"، ويبدو أن خروج "الصبايا" إلى بيروت، وتصوير العمل بين لبنان وسورية، كان مقدّمةً لما سيأتي في الجزء الرابع حينما تم تصوير العمل كاملاً بدبي.

ولا ندري إذا كانت فكرة "صبايا" ستظل قائمة، أم تحتاج إلى مراجعة جذرية بعد النجاح الذي تحصدناه تجربتان تقدّمان عن عالم النواعم في الموسم 2012، هما: المسلسل السوري "بنات العيلة"، والمصري "حكاية بنات".

يذكر أن "صبايا4" من تأليف نور شيشكلي، ويعرض على قناة "روتانا خليجية"، الساعة التاسعة مساءً.