2012/07/04
سامر محمد إسماعيل – تشرين دراما
بعد حبكة التمهيد الضرورية لكتابة السيناريو، والتي قد يتجاهلها الكثيرون، تبدأ حبكة المواجهة في النص الدرامي، وهي حبكة ذات تفرعات عديدة ومعقدة، يلجأ من خلالها الكاتب إلى صناعة مصائر شخصياته فهو لا يقضي عليها، بل يحاول أن يفهمها، يحاول تصويرها في السيناريو على أنها تقوم بما يجب أن تقوم به، بما يتوجب عليها فعله، هاهنا لا ينعدم المنطق في إدارة أزمات الشخصيات، حيث كل شخصية تبحث عن نجاتها، عن خلاصاتها الفردية، ها هنا يصير الكاتب تحت إمرة شخصياته، طبعاً بعد أن يفهمها تمام الفهم، حيث ليس من الممكن قتل تلك الشخصية أو انتحار تلك، بل
المطلوب أن تستوفي شخصيات العرض التلفزيوني الدائر حججها و قائمة مرافعاتها في الدفاع عما تصبو إليه، فالجميع في هذه الموقعة أصحاب منطق، الزوجة والعشيق، الأم والابنة، الأب والابن الضال، القاتل والضحية، جميع هؤلاء وسواهم يمتلكون الوقت الكافي الآن لتنفيذ الدراما، ولزيادة التشويق ربما يلجأ الكاتب إلى استطالات دراماتيكية هنا وهناك عبر مشاهد ليلية ونهارية، خارجية وداخلية، مع تأخير بعض الأحداث وتقديم بعضها، جنباً إلى جنب مع رفع وتيرة الصراع المحتمل، وقبل الوصول إلى حبكة الحل يكون الكاتب قد شربك الخيوط تماماً عبر كتابة لمصائر جماعية، المهم
هنا ألا يكون هناك شيء على حساب شيء آخر، والأهم هو الخلاص إلى ما يشبه حياة، أو مقطعاً من حياة، فالمنزل والحارة والشارع وأماكن العمل وتدبير الدسائس، كلها مطلوبة من المؤلف حتى في مسلسلات «السيتكوم» كل العناصر فاعلة في العقدة الدرامية المرجوة، فكل شخصيات العمل يجب أن تكون بمعنى من المعاني فاعلة ومؤثرة، وذات نكهة
ووظيفة، حيث لا وجود في الكتابة لبطل مطلق، الجميع يرتكبون الأخطاء، الجميع ضد الجميع، الجميع مع الجميع، وهكذا يحصل السيناريست الحقيقي على صدامات لم تكن تخطر حتى على باله، المهم بعد هذا السجال ألا تفلت الخيوط من يد الكاتب، وأن يتمكن من إدارة صراعاته بعد أن تبرر الشخصيات المكتوبة أفعالها وردود أفعالها، فلا وجود لشخصيات سكونية عائمة مادامت الحياة هي كنز حقيقي يجب الدفاع عنه، ما يتطلب من الشخصيات قدرة إقناعية للمشاهد بمعقولية ما تنوي فعله، أو ما فعلته للدفاع عن كياناتها الذاتية.
برأيي الدراما هي مساحة واسعة للعب، وللمداورة والمحاكاة، لكن في غياب النص الجيد المتقن، نصبح أمام بروفات خلبية لمقطع غير متجانس يفتقد المتعة، فالكاتب يستطيع تنفيذ كل شيء بشخصياته، يستطيع قتل أبطاله في نهاية العرض كما في معظم مسرحيات شكسبير، أو كما في التراجيديا التلفزيونية العربية «الزير سالم» لممدوح عدوان، على أن يكون القتل منطقياً و بتوقيت الشخصية، وليس الكاتب..