2012/07/04
خاص بوسطة - يارا صالح
شابة نشيطة عصامية، ورغم أنها دخلت المهنة بالصدفة، إلا أنها طورت نفسها بنفسها، وكونت لنفسها اسماً مهماً في عالم الماكياج الدرامي، مستفيدة من حبها للرسم، وللإبداع في آن واحد..
الماكييرة سلوى عطالله، التي تشارك في مسلسل "الهروب"، والذي تقوم فيه لأول مرة بمكياج كامل لوالدتها الفنانة عزة البحرة، وهو الأمر الذي يسعدها كثيراً..
التقتها بوسطة على هامش تصوير المسلسل، وكان لنا معها هذا اللقاء..
حدثينا عن بداياتك في المهنة..
الذي أدخلني إلى الوسط الفني لم تكن والدتي، بل الفنان الراحل لاوند هاجو، وكانت خطيبته صديقتي، فاضطروا في عرض من العروض لمساعدتي لأن الماكيير الذي كان متعاقداً معهم تركهم نتيجة ظرف معين، وكان الاتفاق الأولي أن أعمل معهم لعدة أيام فقط كمساعدة، إلا أن الراحل أعجبه عملي، فسألني إن كنت أحب أن أتابع في هذه المهنة، ووافقت.
هنا جاء دور والدتي الفنانة عزة البحرة، كي تساعدني في أمور الماكياج بحكم خبرتها من المسلسلات التي قدمتها، فأنا أرسم فقط، لأن جدتي كانت رسامة وخريجة كلية الفنون الجميلة، وقد أعطتني الخطوط الأساسية للرسم، وبمساعدة والدتي عرفت الماكياج، وعملي أعجب لاوند، وقدمنا عدداً من العروض في المسرح، وأصبح المخرجون في العروض المسرحية يطلبونني للعمل بناءً على عروض لاوند.
في التلفزيون استفدت من الماكييرة ستيلا خليل عندما شاركت كمساعدة لها في مسلسل "الموؤودة" من إخراج ثائر موسى، وهكذا بدأت.
أنت لم تدرسي المهنة، فكيف اكتسبتِ معلوماتك فيها؟
بالنظر، فأنا أحب هذا الموضوع، ودائماً كنت أضع المكياج لصديقاتي أو لنفسي، وأراقب أمي كيف تضع الماكياج، كما كنت أراقب التلفزيون لأرى كيف يضعون الماكياج للعارضات في البرامج، إلا أنني لم أقم بأي دورة ولم أدرس المهنة بداً، ففي رأيي المعهد يعطيك الخطوط الأساسية، وأنت عليك أن تطور نفسك بنفسك، وهذا ما أقوم به.
وكيف تتعاملين مع الأدوات؟
أنا أواكب كل التطورات الجديدة، فأنا أذهب دوماً إلى الوكالات وأشتري كل ما هو جديد ويناسبني، ومن هذه الوكالات وكالة الماكياج السينمائي.
عملت مع خبراء إيرانيين في الماكياج في الجزأين الثاني والثالث من "الحصرم الشامي"، كما عملت مع فريق إيراني آخر في فيلم للمخرج حاتم علي "الليل الطويل"، وكانوا لطيفين كثيراً، وقد استفدت منهم، فهم مستعدون أن ينفذوا كل شيء أمامك.
نحن نعلم أنا الماكياج ليس تجميلاً للوجه فقط، فهناك بعض الخدع، كيف تتعاملين مع هذا الموضوع؟
في موضوع المؤثرات، استفدت كثيراً من الإيرانيين، وأمي تساعدني عن طريق تصوير بعض حالات الماكياج المميزة التي تصادفها في أعمالها بالفيديو، وأنا أشاهده وأتعلم، فالقصة كلها تتلخص في حب المهنة، والاجتهاد الشخصي، وأنا أشعر أنني أتطور، وفي خمس سنوات تمكنت من بناء اسم جيد.
وماذا عن المواد التي تستخدمونها، كيف تؤمنونها بالكمية والسعر المناسبين؟
في الفترة الأخيرة منذ عام تقريباً، والحمد لله، تم افتتاح وكالة "كيريولاند" في سوريا، وهي وكالة متخصصة بالماكياج السينمائي والتلفزيوني، وهم يقومون بخصم 30% من سعر المواد للماكير لأنه يشتري كميات كبيرة، وبهذا بصبح السعر مقبولاً لأن أسعار هذه المواد باهظة.
كما أنني أضطر أحياناً أن أستورد بعض الماكياجات من الخارج عن طريق بعض الأصدقاء الذين يسافرون، أو عندما أسافر أنا، وعلى الرغم من ارتفاع أسعارهم، إلا أنني أحتاجهم.
حدثينا عن مشاركاتك المسرحية والتلفزيونية..
في البداية شاركت في عروض مسرحية مع الراحل لاوند في عرض "انعكاسات" من منتصفه، بعد ذلك استلمت عرضاً كاملاً اسمه "رحلة شغب" وهو الذي ساهم في نشر اسمي، بعده قدمت "تمرد العقل"، "ستلمس أصابع الشمس"، "سكون"، كما قدمت عرضاً حمل عنوان "حلم ليلة صيف" مع الأستاذ فايز قزق، وكان حفل تخرج لطلاب السنة الرابعة في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان فيه أخي سعد الغفري الذي تخرج في هذا العرض، وقدمت عرضاً آخر في قطر اسمه "طبل وطارة"، مع الأستاذ حمد رميحي، ولكن للأسف لا أملك أي صورة فوتوغرافية له.
وفي التلفزيون؟
أول من أعطاني فرصة في التلفزيون هو هيثم زرزوري في عمل كان اسمه "أزواج"، وحمل لي ذكريات جميلة، إلا أنني عانيت فيه قليلاً فبعض الممثلات كانوا يخشون من التعامل مع ماكييرة لا يعرفونها، فكانت بعض الممثلات تأتين بالماكياج الكامل، البعض جربوا، وأعجبهم، فأكملوا معي.
بصراحة، من تشعرين أنه يتعبك أكثر في المكياج، الصبايا الصغيرات في العمر، أو الأكبر سناً؟
لا علاقة للعمر بذلك، الأمر يتعلق أكثر بالشخصية، وبنفسية الشخص، فقد يكون الوجه مريحاً للعمل أو لا، وقد تحب الشخص الذي تقوم له بالعمل أو لا تحبه، هذا يختلف من شخص لآخر، وبصراحة، أنا أقوم بعمل أفضل مع الناس الذين لا أحبهم من الناس الذين أحبهم.
وماذا عن الإشكاليات الأخرى في المهنة بين الماكيير والممثل؟
إذا كان ثمة إشكالية بين فسببها أننا لا نقوم بتجربة قبل العمل، هذا الأمر يقومون به في الخارج، الإيرانيون والغرب يقومون بها، ويعني التجريب أن أقوم بعمل مكياج للفنانة لكي أعرف ما الذي يليق بها أو لا، ونتفق على كل شيء قبل التصوير.
نحن لا نقوم بذلك، فوراً نبدأ في المكياج للتصوير، فقد لا يعجب الممثلة أو لا يكون ما خططت له، فتغضب وترفض، وبالتالي يخلق الموضوع حساسية، إلا أن هذا الأمر لا يحدث معي، لأنني أحاول أن أمتص الكثير من المواقف، وأنا بالعموم لطيفة مع الناس، وأحاول استيعابهم، وإذا شعرت بالغضب من موقف أذهب إلى صديقة وأقول لها ما يزعجني.
هل فاجأتك إحدى الممثلات الكبيرات بأنها سلمتك وجهها بسهولة؟
كثيرات، فمثلاً الفنانة سمر سامي، في البداية خوفوني من العمل معها وقالوا لي إنها صعبة في التعامل مع الماكيير، والتقيت بها في مسلسل "مطر الربيع" وهو أول عمل لي مع الأوربت، وكان لها عشرة أيام من التصوير، وعندما جاءت كنت مرعوبة، وبدأت تسألني على مدى ساعة من الوقت، ما هي أدواتك، وماذا تستخدمين، وهكذا.. وهنا ازداد خوفي، وعندما بدأت في العمل كنت آخذ رأيها في كل ما أقوم به، إلا أنها لم تعترض، وفي النهاية أعجبها، وقالت لي إنها أحبت عملي، وهكذا تنفست الصعداء.
الأستاذ غسان مسعود، أعجبه أيضاً، واخبرني أنني أقوم بخطوط صحيحة، بحكم خبرته في المسرح فهو يعرف.
وهل تحبين المسرح أكثر أم التلفزيون؟
كلٌّ منهما مختلف عن الآخر، لكنني أستمتع في العمل في المسرح، لأنني أستطيع أن أرتاح كما أريد في الرسم والألوان والشخصيات، فكل ما نقوم به في التلفزيون شخصيات واقعية أغلب الوقت، أما في المسرح فهناك شيء خيالي وإبداعي.
لكنك اليوم لا تعملين في المسرح..
لأن الوضع في المسرح يتسم بالشللية، المرحوم لاوند هو من أدخلني إلى مديرية المسارح وهو من كان يفرضني في كل العروض، وبعد وفاته أصبح الناس الذين يعرفونني ويحبون عملي هم من ستدعونني للعمل معهم في المسرح، وهم في أغلبهم فرق رقص، وآخر ما قمت به للمسرح هو باليه للمعهد، كان مع الفنان معتز ملاط، وهو ابن خالة أمي، كما أنه أستاذ لاوند وشاهد كل العروض التي شاركت فيها، ويعرف أنني أنا إذا كان في العرض 50 راقص فأنا قادرة على أن أضع لهم المكياج في وقت قصير لأنني معتادة، لكن المديرية لها الأشخاص الذين لا تعمل إلا معهم.
هناك بعض المشاكل التي تحدث معكم أثناء التصوير، مثلاً إذا تأخر ممثل ويريدون البدء بالتصوير فوراً، ويطلبون منك الاستعداد فوراً، ما هي ردة فعلك؟
أنا أشعر بالغضب لسبب واحد، لأنه لو كان الماكيير إيراني، فهم لن يضغطوا عليهم كما يفعلون مع الماكيير السوري، فقد يستعجلونهم قليلاً، أما نحن فيقفون فوق رؤوسنا ويستعجلوننا، وفي النهاية يقومون بعشرين بروفة إضاءة، وهي التي يستطيع أي شخص أن يقوم بها.
هل تجدين أنك تحصلين على حقك المعنوي في المهنة؟
مع الناس الذي أعمل معهم الآن، نعم، فأنا قدمت ستة أعمال مع نفس مدير الإنتاج خالد حجلة، ونفس الشركة، أوربت، وبالتالي فقد تكونت بيننا صداقة بحكم الفترة التي قضيناها سوية، وهم أشخاص محترمون جداً في التعامل مع الأشخاص في كل المفاصل، ولا يظلمون أي فني.
إلا أن هناك بعض المواقف قد تزعجنا كفنيين، فمثلاً قد لا يوجد كرسي أو طاولة لنقوم بوضع الماكياج عليها، وهذه أساسيات، لأن الماكيير يحني ظهره كل الوقت، وهو أمر يتسبب لهم بمشاكل صحية، والإيراني يضع هذه الأمور كشروط، أما نحن فالكلمة الدارجة هي (دبر حالك)، والأمر ليس أن (ندبر حالنا أو لا)، فالأمر يتعلق بالصحة والجسم.
المشكلة أنهم يلبون كل طلبات الممثل رغم أن أكثرهم يعمل شهراً، ويحصل على مقابل مادي جيد جداً، إضافة إلى الشهرة والنجومية، أما نحن فنستغرق ثلاثة أشهر في العمل، نقضي فيها يومياً 12 ساعة خارج المنزل، فإذا لم نتعاطف مع بعض ولم نراع بعضنا البعض فلن يسير العمل بشكل منطقي وإنساني، وهذا يحدث مع بعض جهات الإنتاج الذين لم أعد أعمل معهم.
ومادياً؟
في الحقيقة، أنا مادياً أحصل على مبالغ أفضل من غيري، بالنسبة لكوني جديدة في المهنة، وأفضل من الذين لهم تاريخ كبير في المهنة، وأنا أعلم أن الأشخاص الذين أعمل معهم سيعطونني أكثر إذا تمكنوا من ذلك، إلا أن الأمر لا يُطبق على جميع شركات الإنتاج، فأنا عملت مع أكثر من جهة، وشعرت أن هناك استغلال في العمل والجهد، وبالمقابل مبالغ أقل، وقد اعتذرت عن العمل مع هؤلاء الجهات.
بالنسبة لي، الراحة النفسية مع المخرج والشركة أساسية جداً.
ومن هو أكثر مخرج شعرت بالراحة في التعامل معه؟
سيف الدين سبيعي، وقد قدمت معه حتى الآن خمسة أعمال، فهو طيب القلب، يحترم نفسه والآخرين، وحتى لو انفعل وغضب من أحد الفنيين فإنه يهدأ بعد قليل، ثائر موسى يملك هذه الميزة أيضاً.
ما هي طموحاتك؟
أريد أن أصل إلى هدف موجود في ذهني، وهو شيء خاص بي، وسأحاول أن يكون شيئاً مميزاً غير موجود في البلد.
كلمتك الأخيرة، إلى من توجهينها، وما هي؟
(أجابت وهي تغالب دموعها) أريد أن أوجهها إلى أمي، عزة البحرة، لا أستطيع أن أقول إلا أنني أكثر من أحبها، فأنا أشعر أن كل ما في حياتي يقف عند هذه الإنسانة، ورغم أنني أعيش معها كل الحالات التي تعيشها أم وابنتها، لكن للأمانة، هي أم العائلة كلها، ولا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونها، فهي امرأة عظيمة، قدمت لنا الكثير، ومهما تحدثت عن ما قدمته لنا فأنا لن أفيها حقها.
كما أوجه تحيتي إلى جدتي التي أعيش معها، وأقول لها :"أحبك كثيراً".
شكراً جزيلاً، وإن شاء الله بالتوفيق في تحقيق ما تريدين الوصول إليه