2012/07/04
الثورة
تتكون السينوغرافيا من كلمتين مركبتين أساسيتين هما: (السينو) وتعني الصورة المشهدية، وكلمة (غرافيا) وتعني التصوير.
وهي علم وفن يهتم بتأثيث الخشبة (المنصة المسرحية) ويعني أيضاً هندسة الفضاء المسرحي من خلال توفير انسجام بين ما هو سمعي وبصري وحركي.
كان المؤلف قديماً هو الذي يمارس السينوغرافيا، ليصبح المخرج هو المتحكم في تقنيات الخشبة وتموضع الممثلين، منذ ظهور المخرج في منتصف القرن التاسع عشر، إلا أن السينوغرافيا اليوم باتت فناً وعلماً مستقلين ومن اختصاص (السينوغرافي) ودوره مجموعة من المهام والاختصاصات لتأثيث العمل الدرامي.
تعتمد السينوغرافيا على عدة علوم وفنون متداخلة كفن (الماكياج والخياطة والحدادة والموسيقا والكهرباء والتمثيل) وهذا يعني أنها فن شامل ومركب لها دور مهم في إثراء الخشبة وإغناء العرض المسرحي من أجل إبهار المتفرج.
ومن ثم فالسينوغرافيا في المسرح تعتمد على تحقيق رؤية متكاملة (الإضاءة والصوت) أو المؤثرات الموسيقية والغنائية والديكور والملابس بتكامل وتداخل جهود مصمميها مع المخرج والمؤلف لخلق فضاء خاص للعرض ينقله من مجرد نص إلى إعادة خلقه من جديد.
والسينوغرافيا هي عملية تطويع لحركة المناظر والأزياء والمكياج والإضاءة والألوان والسمعيات، ودخلت أيضاً في تشكيلات جو الممثل وحركته.
يستطيع السينوغرافي التلاعب بانتباه الجمهور من خلال التقنيات الحديثة، وذلك بمزج الصوت والصورة والحركة والإضاءة، فالحركة في المسرح من أهم تلك المكونات، ومن خلال التقنيات الفنية الحديثة يقدم للمشاهد صوراً مركبة بحيث يمكن مشاهدة صورتين في الوقت نفسه، وإن كانت هاتان الصورتان لاتنتميان إلى فترة زمنية واحدة، الغاية من هذا المزج هو المقاربة النفسية أو الفكرية بين الحدثين، أو بين شخصيتين تاريخيتين، والغاية من هذا المزج الإيحاء بالتكامل الضمني أو الزمني بينهما رغم الاختلاف الظاهري بينهما،هذه التقنيات تستخدم في المشاهد المتعلقة بالأحلام وحالات الإضاءة الخلفية أو الخطف خلفاً.
يقدم السينوغرافي دوراً مهماً في (تحبيك) العرض الدرامي، وتأزيم العمل المسرحي، فهو يقدم خدمات جلى للمخرج ويساعده في تزيين الخشبة المسرحية، وتسهيل عملية تنظيم المكان وترتيبه وخلق شاعريته الجمالية ليأتي المخرج ويعطي إشارة الانطلاق للشروع في إنجاز العمل، من خلال تحويل ماهو مكتوب إلى ماهو بصري وجسدي وسينوغرافي.
ويمكن اعتبار السينوغرافي في الحقيقة مخرجاً مساعداً أو مخرجاً ثانياً وإذا فشل في عمله فإن هذا سيؤثر سلباً على عملية الإخراج بالكامل.
وعليه فإن الديكور مفهوم جزئي، والسينوغرافيا مفهوم عام يجمع بين الديكور وجميع المكونات البصرية والسينمائية التي تعرض على خشبة العرض ويعكس السينوغرافي نوع الرؤية الإخراجية وطبيعتها.
فإذا كانت السينوغرافيا عند الإغريق والرومان تعني فن تزيين الخشبة، فهي في عصر النهضة اقترنت بفن الديكور والعمارة.. إلا أنها الآن في عصرنا الحديث راحت تهتم بتأثيث الخشبة وتحويلها فيما بعد إلى (مسرح الصورة)