2012/07/04
جميلة اسماعيل - خمس الحواس
يقولون وللأسف: «الإعلام مهنة لمن لا مهنة له » ، معتقدين أن طريق هذه المهنة مفروشة بالورد،والعمل فيها يمشي على سجادة حمراء،إضافة الى تحقيقه النجومية السريعة من خلال تقديمه برنامجا على الشاشة أو عبر الأثير،أو كتابته مقالا وطرحه لتحقيق يقلب الدنيا رأسا على عقب .
لمن لا يدري نقول إن هذه المهنة مليئة بالكثير من الصعوبات والعوائق وبهارات المشاكل وجملة التحديات،منها كما ذكر الزملاء المشاركون في طرح «الحواس الخمس» عبر هذا الملف ،الرغبة في ارتفاع نسبة التوطين في المؤسسات الإعلامية وعدم التقديرين المادي والمعنوي ،وغير ذلك الكثير حملته السطور التالية :
تحقيق النجومية
تقول المذيعة عايدة طاهر في مؤسسة الشارقة للإعلام : كثيرة هي التحديات التي نواجهها في بيئة الإعلام وهذا إن كنا مذيعات على الشاشة أو عبر الأثير أو حتى كصحافيات ، وفي نظري قد تكمن أولى هذه الصعوبات في طريقة توصيل فكرة البرنامج الذي نقدمه خاصة إن كان جديدا وذا طرح مختلف،ففي بعض الأحيان لا يلقى البرنامج استحسان الجمهور الذي يصعب إرضاؤه ، مشيرة الى أن تحقيق النجومية بمعناها الصحيح من التحديات،فكثير من الإعلاميين يعتبرون أنفسهم وللأسف الشديد نجوما إثر تقديمهم برنامجا أو برنامجين،وهنا يجب التوضيح أنه ليس كل من قدم مادة إعلامية عبر الأثير أو على الشاشة يعد نجما،لأن الجمهور له حق التتويج،لأن الألقاب لا تشترى أبدا ، لافتة الى أن معايير النجومية تتمثل في التقديم الإعلامي بشكل مهني واحترافي،والاحترام،والموهبة،والعلم،تقديم مواد متميزة ، فمن الصعب أن نطلق على أنفسنا لقب نجم،لأن الحكم يبقى كما ذكرت للجمهور والمحررين،والكُتاب،والنُقاد.
وأضافت : علينا أن نستوعب أن مهنة الإعلام قبل كل شيء عبارة عن رسالة،وليست قضية استوديو وميكرفون وقلم،فالمذيع أو الصحافي الذي لا يحمل هَم هذه الرسالة الإعلامية حريّ به أن يترك هذه المهنة لمن يقدر رسالتها وعليه أن يتجه لمهنة أخرى تحقق مآربه الشخصية وهذا في حد ذاته يدخل ضمن إطار التحديات التي يجب عدم تجاهلها.
تحديات على الهواء
بينما تتساءل الإعلامية حصة الفلاسي في «أبوظبي للإعلام» : هل يُعتبر النجاح خطيئة يرتكبها المرء بحسن نية ومع ذلك لا يغفرها له الآخرون ؟ ، موضحة أن من بين التحديات التي تواجهها في الإعلام هو مواجهة أعداء النجاح أو أصحاب العقول الصغيرة والنفوس المريضة المترصدة لكل إنجاز..لذا يتحتم على كل إعلامي أن يتسم بأمور عديدة تؤهله للاستمرارية وعدم الانسحاب عند أول تحد أو عائق.. ومن جُملة المؤهلات التي ذكرتها الفلاسي هي القوة،والثقة بالنفس والإرادة،وفن التعامل مع الناس،إضافة إلى الدبلوماسية ،كما اعتبرت أن ظهور الإعلامي على الهواء لتقديم برنامجه وتعرضه لتعليقات أو انتقادات أو تأنيب الجمهور يدخل في إطار التحديات،إذ يتحتم على الإعلامي هنا سرعة البديهة في كيفية التصرف وحسن الرد.
ارتفاع نسبة التوطين
بابتسامة عفوية استهلت الإعلامية شادية نايف جمعة في إذاعة العربية قولها : كثيرا ما أسمع أن هناك تحديات إعلامية كثيرة تواجهنا،وقد أذكر منها هنا على صعيد العموم قيام المحطات العربية بتوظيف كفاءات أجنبية للبث بمختف اللغات العالمية الحية للتأثير على الرأي العام العالمي وقولبته وفق الرؤية العربية للمصالح العربية القومية العليا،ولا أقول هذا من منطلق (الفلسفة) بقدر ما هو همٌ يحوم حولنا نأمل في تحقيقه لواقع ، مضيفة : كما أود التطرق هنا على تجربتي الشخصية وأذكر في بداية عملي في الإعلام كنت أواجه الكثير من التحديات كان من أبرزها ، انعدام جو التنافس الشريف الذي يدفعنا قُدما نحو العطاء وتحقيق الإبداع،شخصيا واجهت الغيرة وليته كانت من الجنس الناعم،بل من الجنس الخشن ! كما افتقدت أيضا قيمة التعاون بين زملاء العمل،إذ يتوجب أن يكونوا على يد واحدة لتحقيق مصلحة الجميع بما يضمن ارتقاء مهنتنا.
محاولات كثيرة وربما مستمرة اجتمعت على أيد واحدة في سبيل مواجهة بعض التحديات التي تواجه الإعلاميين في مجال عملهم..سلسلة من البوح لم تتوقف وشيء من الأنين والألم يناشد بضرورة التقدير والدعم لما يبذلونه من جهد..فمن حقهم أن يبدعوا وينطلقوا نحو فسحة التغيير الإيجابي والابتكار ولكن على أن تكون بيئة عملهم جاذبة غير طاردة .
يقول محمد سالم مدير برامج إذاعة الخليجية : إن أكبر تحد نواجهه في مجالنا الإذاعي تحديدا هو عدم الحصول على مذيع كفء،قادر على استيعاب ماهية العمل الإذاعي،ومتمتع بالفنون الإذاعية التي تتسم بلغة التخاطب الجميلة والشفافة بينه وبين الجمهور المستمع ، مضيفا : ولعل ذكري في هذه النقطة يجعلني أركز في حديثي على أكبر تحد نواجهه في مجال الإعلام عموما وهي استقطاب المواطنين الإعلاميين وهذا لن يتم إلا من خلال تحويل بيئة العمل في المؤسسات الإعلامية إلى بيئة جاذبة للكادر المواطن ، فالوسط الإعلامي الإماراتي حاليا به الكثير من المتميزين تلفزيونيا و إذاعيا وصحافيا،ونحن لا نغفل جهودهم الكبيرة،و لكن المشكلة التي تحول دون وصولهم لمستويات أعلى تكمن فيهم،من خلال استصغار أنفسهم،وعدم الثقة التامة في قدراتهم و كفاءاتهم،بل عدم رغبة الخروج من دائرة القوقعة التي رسموها حولهم،مضيفا : أرجو من كل إعلامي إماراتي أن يطمح دائما نحو الطموح اللامحدود و أن يسعى بأن تكون له بصمة متميزة في شتى الوسائل الإعلامية من خلال إطلالته أو صوته وحتى قلمه،وذلك من خلال نقله للأفكار الإبداعية التي تثبت مهارته ووجوده وتدعم استمراريته في هذا المجال الرحب ، مؤكدا أن الإعلامي الإماراتي يحتاج كغيره من الموظفين في باقي المؤسسات إلى الدعم والتشجيع ليستمر ويبدع ويعطي.
تجارب بن دخين
ويذكر الإعلامي محمد بن دخين في مؤسسة الشارقة للإعلام ومدير المركز الإعلامي بجامعة الشارقة تجربته الشخصية في التصدي للتحديات التي واجهته في بيئة الإعلام،ومنها التحول من عمله في مجلة تصدر شهريا إلى عمل يومي يحتم عليه بذل المزيد من الجهد والعمل والوقت،الأمر الذي استطاع التكيف معه تلقائيا واجتياز الحاجز النفسي الذي سيطر عليه آنذاك، مشيرا الى أن من التحديات التي واجهته هو قدرة الدمج بين العمل المهني التحريري إلى إدارة التحرير،والقدرة على تحقيق الموازنة أيضا بين الطرفين، مؤكدا على ضرورة عدم الاغترار بالمناصب الإعلامية لأن هذا يعتبر في حد ذاته القرار ببدء العد التنازلي إلى النهاية..
ويتفق بن دخين في هذا الإطار مع رأي زملائه الإعلاميين الذين تطرقوا إلى نقطة التوطين ، مؤيدا ضرورة زيادة العاملين في هذا القطاع الذي يحتاج إلى دماء شابة تبدع في هذا المجال ، مشيرا إلى أن المتابع للإمارات يجد أن هناك مصانع للنجاح على كل المستويات، وخاصة المجال الإعلامي،حيث نرى نخبة من الإعلاميين أثبتوا أنفسهم بقدراتهم و كفاءاتهم على شتى الوسائل المحلية..مؤكدا في ختام مشاركته في هذا الموضوع بقوله : إن العمل في الإعلام عموما يحتاج إلى الإيمان بالتحدي،فالذي يفتقد إلى عنصر إرادة التحدي ننصحه بألا يكلف على نفسه بالخوض في غمار الإعلام.
افتقاد الدعم وسيطرة الواسطة
وترى الإعلامية بغداد أحمد في مركز الأخبار أن من أبرز التحديات التي تواجه المرأة الإعلامية والتي تلتزم بتقديم نشرات الأخبار في أوقات معينة هو ضرورة التوفيق بين إلتزامات الأسرة والبيت وبين عملها لاسيما إن كان في الفترة المسائية ، مشيرة الى إن مذيع الأخبار يواجه تحد من نوع آخر وهو رغبته بتطوير نفسه،فكرسي الأخبار قد يخلق مذيعا من نوع آخر،إلا أن هذا لا يعني أبدا تفجير إبداعات هذا المذيع واكتشاف مواطن تميزه الإعلامية الأخرى..مُتسائلة أيضا : لماذا لا يتم تحقيق التقييم المهني للمذيع ؟ فهذا في حد ذاته سيعد دافعا له لبذل المزيد من الجهد لتحقيق الارتقاء الوظيفي..مبدية استغرابها أيضا من افتقاد بيئة الإعلام لإعلاميين حرفيين ينطلقون على أسس عديدة أبرزها الثقة بالنفس،والتمتع بقدرات وإمكانيات تطيل من عمر بقائهم الإعلامي.وتتطرق بغداد إلى جملة من التحديات الأخرى منها التنافس غير الشريف المسيطر على هذه البيئة عموما،أعداء النجاح والإبداع الذين يتكاثرون يوما بعد آخر وهدفهم مواجهة كل إعلامي مبدع والسعي لإحباطه،إضافة إلى افتقاد الدعم وسيطرة الواسطة.
البقاء في الإعلام
ويشير الإعلامي فهد الفارسي المذيع في قناة الظفرة الى أن التحدي الذي يواجه العاملين في الإعلام هو بقاؤهم فيه أساسا،لأن البقاء للإعلامي لا يكون ولا يستمر إلا لمن يقدم مادة إعلامية يُخاطب فيها العقول بموضوعية شديدة،وبأسلوب راق عميق بعيداً عن السطحية ومحاولات جذب الأنظار أو الفرقعة الاعلامية..وليس هذا فحسب بل إن الالتزام باختيار موضوعات إعلامية وإعدادها بمصداقية تامة هو ما يطيل من عمر بقاء هذا الإعلامي الذي سيتقبله الجمهور حتما ويرحب بما يقدمه لاسيما وإن بدر من هذا الإعلامي اجتهاد في خدمة الجمهور من خلال طرح قضاياه ومعالجتها بمنطقية بعيدا عن التهكم واللامبالاة..معتبرا أيضا أن قدرة الإعلامي أيضا على التجديد والابتكار من التحديات التي تواجه كل إعلامي يوميا سواء كان مذيعا تلفزيونيا أو إذاعيا أو صحافيا