2012/07/04
سامر محمد اسماعيل - السفير
تغيرت هوية عدد من القنوات الغنائية، عبر مجاراة الحدث المصري مع تنحي حسني مبارك، ناسفة أغاني «الفيديو كليب» الرخيصة، لتعود إلى زمن ثورة 23 يوليو. هكذا
تحولت قنوات مثل «ميلودي» و«مزيكا» من أغاني تامر حسني إلى أغاني عبد الحليم حافظ، ومن الشعر الغنائي الرخيص إلى أشعار صلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودي،
ومن غراميات «الكليب» الفاشلة إلى صوت حليم ينشد «بستان الاشتراكية، حكاية شعب، المسؤولية، صورة، الجيل الصاعد، الوطن الأكبر
لعل الثورة قادرة على تغيير كل شيء حتى الغناء الهابط. هكذا لم يجد شعبان عبد الرحيم وتامر حسني وإيهاب توفيق وحكيم ما يقولونه لجماهير «ميدان التحرير»، لا سيما
أن بعضهم قصد مؤخراً أماكن تظاهر الشعب المصري لإقناعه ببقاء حسني مبارك في الحكم. لكن المتظاهرين قاموا بطردهم. إشارة التقطتها حتى قنوات الاستهلاك
الغنائي، فلجأت إلى بث أغنية «ازاي» للمطرب المصري «محمد منير»، وبإهداء خاص للثورة وللمتظاهرين في كل أرجاء مصر. لنشاهد كيف تعلن الأغاني من جديد انتصار
الشعب على النظام، كما في أغنية عبد الحليم «حكاية شعب» التي رغم أنها من ستينيات القرن الفائت، تقاطع مع ما شهدته أرض الكنانة في أيام الثورة الثمانية عشر،
حيث تقول: «انتصرنا يوم ما هب الجيل وثار، يوم ما أشعلناها ثورة نور ونار، كانت الصرخة القوية في الميدان في إسكندرية
ترافق بث أغاني عبد الحليم مع مشاهد من حرب العدوان الثلاثي، وتأميم قناة السويس، وحرب أكتوبر، واغتيال السادات... فالثورة غيرت كل شيء، حتى الذائقة الفنية
التي عززتها قنوات الفيديو كليب عبر بث آلاف الأغاني السخيفة على مدار الساعة. فمصر تعود إلى الحياة كلياً، إذ أمكننا أن نسمع في «ميدان التحرير» أغاني الشيخ إمام،
وأشعار أحمد فؤاد نجم، يقولان على الملأ أغاني من قبيل: «صباح الخير على جناين مصر، يا مصر ياما يا بهية، يا ولدي، البحر بيضحك ليه، غيفارا مات» وغيرها الكثير
من هنا يمكن أن نتوقع تغييرات في بنية الخطاب الإعلامي المصري، لا سيما في ما يتعلق بالأغنية والغناء العربي، الذي انحدر إلى درجة كبيرة. لذلك حدث ما حدث مع تامر
حسني، يوم حاول في صباح التاسع من شباط الجاري إقناع المتظاهرين بالعودة إلى منازلهم، ليتعرض للطرد مع حرسه الشخصي. هذه الحادثة كفيلة بعد انتصار الثورة
المصرية بأن تعيد للأغنية العربية ألقها. فهل سنشهد تغييراً جذرياً في القنوات المصرية الخاصة، كما في الإعلام المصري الرسمي؟ هل ستعود السينما المصرية إلى أيام
عاطف الطيب ويوسف شاهين؟ والأغنية إلى زمن محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وعلي الحجار وإمام البحر درويش؟ هل ستقضي «ثورة 25 يناير» على أغاني الزيف
والحشيش وتجار الجسد؟ لا سيما أن سوق هذه الأغاني لها مستفيدون حتى من خارج مصر. وهذا ما بدا واضحاً حين وجه المطرب اللبناني راغب علامة رسالة إلى
المتظاهرين يدعوهم فيها بالعودة إلى ديارهم، متذرعاً بأن «الثورة تضر بالسياحة». وهو كلام عكس «تحالفاً» بين مغني «الفيديو كليب» ونظام حسني مبارك، كأن هذا
النظام هو نظام «الفيديو كليب» قبل أن يكون نظام الفساد العلني والنهب المدروس لحقوق المصريين
لذلك، ليتنحَّ مع مبارك كل هذا الغناء الرديء، وكل هذه السوقية العجيبة التي أغرقت مصر والعالم العربي بمغني «السيليكون» والبورنوغرافيا. ولتعد أغنية «المجموعة»
لتنشد على لسان نجاة الصغيرة: «حرمونا سنين وسنين وافتكروا الناس نايمين، وطلعنا عليهم يوم حررنا حقوق ملايين