2012/07/04
ادريس مراد - تشرين
إلى اليوم ورغم وجود أصوات عديدة قد تخرجت من المعهد العالي للموسيقا بدمشق قسم الغناء الشرقي يبقى ريبال
الخضري الوحيد من اتخذ طريقاً خاصاً به.
حيث سجل ألبومه الأول تحت عنوان (شوية حكي) كما في جعبة الخضري ألبوم سجله لوزارة التربية يحوي أناشيد
المرحلة الأساسية للتعليم مع المربية الفاضلة
والموسيقية إلهام أبو السعود، بالإضافة إلى جوائز عديدة أهمها الجائزة الأولى كأفضل صوت غنائي عربي في مسابقة
الأصوات الجميلة من قبل المجمع العربي للموسيقا
في جامعة الكسليك لعام 2010 والجائزة الثانية كأفضل غناء ارتجالي في مهرجان القاهرة للموسيقا العربية السابع عشر لعام 2008 مع ثناء اللجنة على صوته.
تأسيس الفرقة
ومن هنا الخطوة التي بدأها الخضري بتأسيس فرقة ترافقه تحت عنوان (التوشيح الحديث) كانت إيجابية نحو غناء الموشحات بطريقة جديدة على الأقل من ناحية التحديث
في أداء الموشح في بلدنا حتى لو كانت التجربة مأخوذة من الأتراك مع تحفظي على الآلات التي تتضمنها هذه الفرقة حيث غابت آلة العود التي طالما رافقت هذا النوع من
الغناء واستبدلها بآلة البزق إضافة إلى آلات غربية مثل الكلارينيت والكونترباص والبيانو وأغلبها لا تستطيع أن تستجيب لربع التون وهو الميزة الأساسية للموسيقا العربية
وبالتالي غالباً ما يكون هناك شرخ بين الموسيقا والغناء، وهذا ما رأيناه واستمعنا إليه في حفلته الأخيرة بدار الأسد للثقافة والفنون بدمشق التي عزفت فيها فرقة التوشيح
الحديث قطعتين موسيقيتين آليتين وهما سماعي نهوند لروحي الخماش وتحميل نهوند من الموروث الدمشقي، ومن ثم بدأ الخضري بوصلة موشحات وقدود من مقام
النهوند تضمنت: موشح «رماني بسهم هواه» لداود حسني، «قلت لما» لعمر البطش، «عجباً لغزال» لفؤاد عبد المنعم، «العزوبية» لسيد درويش، لتعزف الفرقة بعد هذه
الموشحات لونغا نهوند من تأليف جورج ميشيل، وسماعي على مقام شت عربان وهو فرع من مقام الحجاز، تلت هاتين القطعتين وصلة موشحات وقدود من مقام الحجاز
تضمنت: «يا غصين البان» من مؤلفات سيد درويش، «ما احتيالي» من أغاني أبي خليل القباني، «يا ليل طل» لعدنان أبو الشامات، وانتهت الوصلة بالأغنية القديمة «قدك
المياس»، ليأتي دور قطعة آلية (موسيقا صرفة) وهي لونغا يورغو، والوصلة الأخيرة كانت توشيحاً من مقام الهزيم تضمنت: «أغنية الموليا» للراحل مصطفى نصري، «موشح
إلهي» من التراث الديني الإسلامي، وأيضاً مثله «طلع البدر» و«مولايا صلّ».
لا أنكر بأن اختيار الخضري والفرقة جاء موفقاً ورائعاً وأن أداءه بصوته المميز وتقنيته الأكاديمية أتى بمستوى رفيع ولكن من الأفضل لو كان بمرافقة تخت شرقي أو على الأقل
بفرقة يغلب عليها الطابع الشرقي وليس كل ما يصلح للموسيقا التركية يصلح لموسيقانا وبالتالي ليس من الضرورة أن نطبق تجاربهم بحذافيرها، وهذا هو الحال عند أغلب
الموسيقيين السوريين.
وفي العودة إلى تجربة الخضري الخاصة من خلال ألبومه الأول (شوية حكي) الذي أطلقه في حفلة أقامها قبل فترة في مجمع دمر الثقافي ارتبطت باكورة أعماله هذه
بأسماء عديدة من الشعراء والموسيقيين الشباب وفي هذه التجربة لا نلومه على طبيعة موسيقاه بعكس تعامله التراث، فالتراث يمسنا جميعاً ويحق لنا أن نطلق آراءنا
بالحفاظ عليه كما هو، أما التجارب الخاصة فيكون المرء حراً فيها، يستعمل الموسيقا التي يريد وما يريده من الكلمات، اقتربت تجربة الخضري من الأسلوب التجاري ولم تفرق
عن أساليب جيل أواخر الثمانينيات بشيء ولم يضف للساحة الغنائية السورية جديداً، ويبدو أن هو ذاته لم يكن راضياً بهذا الألبوم، هكذا استنتجت من كلامه حين قال لي:
صحيح أن الشعراء الذين غنيت من قصائدهم هم من خيرة شعراء الشباب في سورية ولكن وبما أنني أعزف على العود والبيانو وصلت إلى نتيجة وأنا أعزف وأتمرن بأنني
أجيد كتابة الكلمات التي تتوافق مع صوتي وألحاني وهذا ما سأفعله في تجربتي القادمة.
وأخيراً نحن أمام صوت جميل وفي بداية مشواره باستطاعته أن يقدم شيئاً جميلاً وجديداً للغناء السوري.. لنبدأ بزمن ذهبي آخر للغناء السوري معه ومع كل ما ينتجه
المعهد العالي للموسيقا.