2012/07/04
أحمد الخليل - تشرين
الفيلم السينمائي (صبحية بحرية) الذي عرض مؤخرا في دار الأوبرا بدمشق استغرق تجهيزه وتصويره 25 يوماً، وهو فيلم ينتمي لتقنية (الديكودراما) .
وهي مزيج بين الحالة الوثائقية والحالة الدرامية، فالفيلم توليفة فنية بين شهادات ووثائق تاريخية مستمدة من شخصيات حقيقية، وبين مشاهد تمثيلية
درامية، ضمن رؤية سينمائية لكن بأدوات تلفزيونية درامية..
وشكل (الديكودراما) الذي تم تبنيه من قبل المخرج أسامة الحمد لتنفيذ فيلمه، ربما كان الأسلوب الأنسب للولوج عميقا في حياة الصيادين السوريين
والأتراك الذين يجمعهم بحر واحد وأحلام واحدة رغم اختلاف الجنسية والانتماء وهذا الأمر جعل القائمين على الفيلم يتبنون هذا النوع (التقني- الفني)
لتجاوز صعوبات الفيلم السينمائي ومتطلباته الإنتاجية والتقنية والفنية وبنفس الوقت ابتعد المخرج عن الصيغة التسجيلية لفيلمه لكونها لا تستوعب رؤيته
الفكرية ولا تعبر عما يريده من سرد هذه الحكاية البحرية... فهو مع الكاتب علي سفر يمتلك فكرة ورسالة يريد توصيلها بهذا المزج تعجز عنها الصيغة التسجيلية الحيادية إلى حد ما...
يرصد فيلم (صبحية بحرية) الحكايات التي يرويها بتكثيف صيادون أتراك وسوريون يتقاسمون خيرات البحر والهموم اليومية المعيشة، ومن خلال سرد هذه
الحكايات يرسم هؤلاء الصيادون صورة إنسانية غنية لعلاقات الشعوب عبر علاقات صيادين من بلدين متجاورين بعيدا عن تشعبات السياسة ومتطلباتها
ومصالحها الآنية، فالهمّ اليومي الإنساني والمعيشي هو العنصر الأساسي في الفيلم، رغم أن (الحميمية) السياسية التي نشهدها الآن بين البلدين
المتجاورين شكلت مناخا مناسبا لإنتاج هذا الفيلم كما ساهمت في إنتاج مشاريع ثقافية أخرى...
يروي الفيلم حكاية شابين من طرفي الحدود (التركية- السورية) يلتقيان في رحلات الصيد، وفي إحدى المناسبات يدعو أحدهما الآخر لحضور زفافه، فيحضر،
ويعجب بشقيقة العريس، فيتزوجها، ومن ثم ينقلها إلى بلده، وبعد مدة تشتاق والدة العروس الجديدة لابنتها التي أصبحت حاملا تنتظر مولودها بشوق،
ولأن الأم لا تعرف لغة الحواجز والحدود، يتفق الشابان على أن يلتقي الأربعة في عرض البحر، وفي إحدى الليالي تجتمع الأم مع ابنها في زورق،وابنتها
وصهرها في زورق آخر، ويسهران حتى الصباح، يتبادلان الأحاديث والأخبار والهموم ومع بزوغ الفجر يفترقان..... الفيلم يتضمن رسائل حب قصيرة مرسلة
للناس من أشخاص شقق أجسادهم ملح البحر وبقي الدفء الروحي والإنساني يضج في عيونهم وفي قلوبهم...
الفيلم يحاول كصيغة بصرية فنية الاقتراب من لغة السينما، عبر استخدام لغة وسيطة بين التلفزيون والسينما من خلال كاميرا ديجتال عادية تستخدم عادة
في التلفزيون..
وبعيدا عن الأسلوب التقني- الفني استطاع المخرج أسامة الحمد العمل مع الممثلين بصيغة حميمة أدت لأن يكون أداء الممثلين عفويا وإعطاء الإيحاء
الإنساني الجميل لشخصيات الفيلم مع القدرة في توظيف إمكاناتهم كفنانين لخدمة بيئة العمل البحرية حيث استطاعوا تجسيد شخصيات البحارة والأسرة
بحرارة وحس عال فلم نر أي تكلف أو ادعاء في أداء الشخصيات وخاصة الفنان زهير رمضان الذي أدى دوره كعادته في منتهى الوفاء والحب، فالبيئة البحرية
هي ملعبه المفضل لأنه ابنها المخلص والمحب وكذلك الأداء المتقن للفنان حسين عباس والفنانة كندة حنا والفنان سعد مينه....
الفيلم من تأليف الشاعر والناقد علي سفر وإخراج أسامة الحمد وإنتاج الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سورية وتمثيل: زهير رمضان، حسين عباس،
سعد مينه، كندة حنا، ربى المأمون، غادة بشور، إسماعيل مداح، ومعن كوسا....