2012/07/04
خمس الحواس - دار الإعلام العربية
الدراما فشلت في تحسين صورة رجال الشرطة لدى المواطنين، والمسؤول عن ذلك هو رجال الشرطة أنفسهم».. هذا ما أكده عدد من النقاد وكتَّاب
الدراما، مشددين على أن نمذجة صورة ضباط الشرطة من خلال الأعمال التي تظهرهم بصورة تكاد تكون ملائكية باءت بالفشل، مدللين على ذلك بالتداعيات
الأخيرة التي ترتبت على مظاهرات 25 يناير وما تعرضت له أقسام الشرطة والعربات الخاصة بها من حرق وإتلاف، كدليل على العلاقة السيئة بين الشرطة
والشعب
واعترف بعضهم بأن بعض الأعمال التي تحاول أن تتسم بالواقعية في تناول صورة رجل الشرطة تتعرض لضغوطات رقابية شديدة قد تصل إلى حد المنع التام،
وفي الوقت نفسه منيت الأعمال التي تتبنى حد التمجيد والإطراء و«التبييض» باستهجان وسخرية كل المشاهدين، بمن فيهم رجال الشرطة أنفسهم
وقد اختلفت آراء النقاد وكتاب وصناع الدراما حول تناول الدراما المصرية لهذه الشخصية، فرأى البعض أنها كرست صورة نمطية للضابط المثالي، خصوصا في
الدراما التلفزيونية، وعملت على رسم صورة وردية له، بينما كانت السينما أقرب إلى الواقع فسلطت بعض الأعمال الضوء على الجانب المظلم
دعاية فجة
ويعلق السيناريست محمد الغيطي، قائلاً: «هناك بعض الأعمال التي قدمت نوعاً من الدعاية الفجة لرجل الشرطة وأظهرته بصورة وردية من أجل تزييف
الواقع مثل مسلسل «حضرة الضابط أخي» الذي قام ببطولته الفنان محمد رياض ومؤلفه الكاتب مجدي الإبياري، فمثل هذه الأعمال محاولات فاشلة لمنح
ضباط الشرطة صكوك البراءة
وأشار إلى أن الرقابة تصاب بالذعر وترتعش عندما ترى عملا يرصد بعض سلبيات ضابط الشرطة، وتحاول جاهدة حجب الرؤية الحقيقية لهذه النوعية من
الأعمال.. كما أن وزارة الداخلية أيضاً تقوم بدور الرقيب، وكثيرا ما منعت أعمالا بسبب اتهامها بأنها تشوه صورة رجالها
وتطرق إلى نموذج من الأعمال التي تتسم بشيء من الواقعية قائلا: «هناك نماذج لأعمال مثل فيلم «زوجة رجل مهم» وهي من أكثر الأعمال التي تناولت
شخصية ضابط الشرطة، وقام بمشاهدته قبل العرض 70 لواء شرطة لمدة أسبوع كامل لمنحه إجازة العرض، بعد أن أكد أن السلبيات فردية ولا تخص جهاز
الشرطة كله
أضاف الغيطي: «كنت أتمنى تحويل رواية العميد المتقاعد محمود القطري «مذكرات رجل شرطة» إلى عمل درامي، إلا أنه تمت مصادرتها، ما يؤكد أن
القاعدة العامة في دول العالم الثالث وليس مصر وحدها هي التعامل السيئ من قبل رجال الشرطة مع الشعب، وذلك بخلاف الدولة المتقدمة التي تحترم
المواطن
ولفت إلى أن السينما كانت أقرب واقعية في رصد الشخصية، فتناول فيلم «البريء» لمحمود عبدالعزيز وممدوح عبدالعليم وأحمد زكي، وكذلك فيلم «إحنا
بتوع الأتوبيس» لعادل إمام وعبدالمنعم مدبولي وسعيد عبدالغني بعض وقائع التعذيب، بينما رصد فيلم «حين ميسرة» علاقة رجل الشرطة بالمتطرفين
المقيمين في العشوائيات، كذلك فيلم «هي فوضى» للراحل يوسف شاهين الذي ألقى الضوء على شخصية رجل الشرطة الفاسد
صورة قبيحة
بينما يرى السيناريست بشير الديك، أن الدراما مظلومة باتهامها بالفشل في تحسين صورة رجل الشرطة، مبررا ذلك بأن الصورة في أصلها قبيحة في
وجدان الشعوب العربية، صورة سيئة ونمطية نظرا إلى طبيعة المهنة المرتبطة بالسلطة والقسوة، حتى لو كان ذلك في مصلحة المواطن
وأضاف: «للأسف، الدراما لا تستطيع سوى تقديم نماذج نمطية نظراً لحالة القمع وكبت الحريات التي تمر بها الدراما العربية أجمعها.. لذلك على رجال
الشرطة أن يبادروا بتحسين صورتهم أولاً لدى الشعوب حتى تتحسن صورتهم في الدراما
وتابع قائلاً: «ليس من المقبول تقديم صورة وردية لعالم وواقع مملوء بالمرارة، فالدراما يجب أن تتفاعل مع المشكلات التي يعيشها الناس من أجل توصيلها
إلى المسؤولين
السينما أكثر جرأة
وتؤكد الناقدة علا الشافعي، أن السينما أكثر جرأة في تقديم نماذج واقعية لرجل الشرطة، فمثلاً فيلم «الجزيرة» الذي جسد فيه أحمد السقا دور تاجر
المخدرات، رصد مقاومة بين الضابط وتاجر المخدرات في مقابل مساعدة الأخير للشرطة على القبض على إرهابيين، وقدم الفيلم نموذجا آخر للضابط
الشريف الذي يرفض التحالف مع الخارجين على القانون أيا كان الهدف
وهناك أفلام أخرى تباين فيها التناول مثل ضابط «خارج عن القانون» لكريم عبدالعزيز، وكذا فيلم عزبة آدم لمحمود يس، وقديما هناك أفلام أكثر قربا إلى
الواقع مثل «4 بنات وضابط» لأنور وجدي، وزوجة رجل مهم لأحمد زكي
وتتابع الشافعي: «في المقابل قدمت الدراما التلفزيونية صورة رجل الشرطة بشكل إيجابي جدا، كما في شخصية سامي العدل في مسلسل «قضية رأي
عام»، وشخصية الضابط في المسلسل الكوميدي «ماما في القسم» الذي يسهم في حل المشكلات، وكذا مسلسل «قضية صفية» للضابط الذي يؤمن
ببراءة البطلة ويسعى بكل جهده لإثبات براءتها، وربما لم يقتنع كثيرون بهذه النماذج الإيجابية بشكل يفوق الواقع
وكذلك الدور الذي جسده الفنان شريف سلامة في مسلسل «العار»، وهو ما تم تقديمه في قالب درامي، وكذلك دور الفنانة هيدي كريم في المسلسل
الكوميدي «اللص والكلاب»، وهي معالجة مختلفة من خلال شخصية ضابطة الشرطة التي تصحح المفاهيم الخاطئة التي وردت عن رجل الشرطة في
الحياة الواقعة
الدراما ليست صالون تجميل
أخيرا، ترى الناقدة ماجدة خير الله، أن الدراما ليست صالون تجميل يدخله القبيح من باب، ليخرج من الباب الآخر جميلا.
وانتقدت بعض الأعمال التلفزيونية الأخيرة التي قدمت صورة وردية لضابط الشرطة مثل دور الضابط الذي جسده الفنان خالد الصاوي في مسلسل «أهل
كايرو» قائلة: المسلسل قدم صورة الضابط بشكل رومانسي وإيجابي مبالغ فيه، ولا أتوقع أن هناك مواطنًا واحدًا اقتنع بها، حتى ضباط الشرطة أنفسهم
وتعيب الناقدة لجوء بعض الكتاب واستسهالهم بتقديم صورة نمطية لضابط الشرطة وتجسيده على أنه إما ملاك، أو أنه شيطان مريد، ولا يجهدون أنفسهم
بتقديم صورة واقعية «لها ما لها، وعليها ما عليها». أضافت أن بعض كتاب الدراما ليس لديهم الجرأة على الخروج من الصورة النمطية في تناول بعض فئات
المجتمع كشخصية رجل الشرطة، وهذا الأمر يعد خطأ كبيرًا