2012/07/04
تشرين دراما
إذا كان لجدران المعهد العالي للفنون المسرحية أن تكتب ذكرياتها، ولمنصات استوديوهاته أن تحول خطوات من مروا
عليها إلى سرد سيري لنطقت بصور وصوت يلف أروقة هذه الاستوديوهات والممرات، والكافيتيريا القديمة فيه، وكأن
صوتها يحاكي ما استطاع المبدع الراحل صلحي الوادي جمعة في أول اوركسترا سورية خرجت من أروقة المعهدين
المسرحي والموسيقي إنها الفنانة السورية الوردة الجورية الدمشقية العطرة التي تفوح فنّاً متكاملاً إنها «أمل عرفة»
التي بدأت خطواتها بالصوت المميز مع الفنان «فهد يكن».. لتنتقل من الصوت إلى منصات مسارح دمشق الأثرية في
خان أسعد باشا بإشراف المخرجة القديرة «نائلة الأطرش» في «بيت برناردا إلبا» في العام 1991- لترسم أولى خطواتها الاحترافية على منصة تاريخية توغل في التاريخ الدمشقي
ولكن هذا الفن الجميل لم يطلق كل إمكاناتها على منصة من خشباته السورية، فما زالت «جولييت» برغم موتها تتذوق
«العنب الحامض» في حصرمه السوري، فهل يأتي المشروع مع زوج يبدع في عشق أبي الفنون؟! فأبو الفنون لم
ينصفها برغم عشقه حتى الآن، بينما الدراما السورية عمدتها وردة دمشقية تغني مع الغجر السوريين الذاهبين إلى حلم الوحدة العربية في «خان الحرير» حيث تحولت أغانيها فيه إلى (C.D)
يتلقفه الجمهور السوري العاشق للصوت الأصيل.
ما يدلل على حاجة غنائية لا تنقطع مع الأيام.وهي التي لا تبني مجدها على نجاحات سابقة في «عيلة خمس
نجوم» ولا على «دنيا» التي أدخلتها عوالم الكتابة الدرامية، إذ أطلقت فيها منظاراً ثاقباً ليطلع على بيوتاتٍ دمشقية
في داخلها، فالكوميديا روح لا تنقطع يدها عن «البقع الضوئية» وشخصياتها. وحضرة انقلابات «الكراسي» في تاريخ
«حمام القيشاني» للأحزاب السياسية السورية للراحل «هاني الروماني».
فهي إن ناقشت مشاريع الدراما لتجد مكانها الطبيعي من زاوية الثقافة وإيصال رسائل متعددة أولها أن النجومية لا
تلغي الإنسانية، فالحب والأبناء هم حصة كبيرة في قلب يذوب عشقاً للأمومة والطفولة وفرحها في عيني مريم
وأختها. لذلك يكون الغياب مجدياً واللعب مع «أولاد القيمرية» من إخراج سيف الدين سبيعي، وإذا كانت الأصوات
العالية تلفت الانتباه، فإن الهسيس الذي تصدره «أصوات خافتة» يلفت الانتباه أكثر عن طبيعة العلاقات الخاصة التي
بين الممثلين في هذا العمل ببعضهم مع إيناس حقي، أما الصرخة الجديدة التي تنتظر أملاً منذ منتصف السبعينيات
في القرن الفائت فهي المغامرة المحسوبة مع رشا شربتجي في «أسعد الورّاق»، وكذلك المنقذة التي تضعها
الظروف لكي تزرع الأمل في الحياة من جديد في «بعد السقوط» مع المخرج سامر برقاوي، وتنفذ تفاصيل الحياة
الدمشقية الحديثة في «تخت شرقي» بعد انفصالها عن زوجها مع مجموعة من الفتيات اللواتي يعشن حياتهن
بالطريقة التي يحببن تحت ضغط المجتمع الشرقي الذي يتدخل فيه الأب والأم والأخ. وللسينما نصيب في حياة أمل
عرفة حيث العشق المهرب من بلدي في «صعود المطر مع عبد اللطيف عبد الحميد، لعله يغسل شيئاً من أرواح
عشاق هذا الزمان الذي بات فيه العشق جريمة يحاسب عليها العشاق.
إن ما يميز أمل هو الثقافة الإنسانية التطوعية التي نراها في كل مكان يحتاجها فيه سواء البيئة، أو المنتخب الوطني
السوري لكرة القدم، أو أطفال وأهالي غزة والجنوب اللبناني، فهذا الانتماء للإنسان الذي يعيش على هذه الأرض هو
يستحق ثقتها بذاتها وإبداعها في تشكيل شخصيات يجب أن يراها فيها، فهي تعرف كيف تكون جزءاً من حياته
المستقبلية. فتحية لها على كل ما قدمته، وما ستقدمه في المستقبل.