2012/07/04

هل يختار «الفاروق» الممثلين بناء على «طهارة» أدوارهم السابقة؟
هل يختار «الفاروق» الممثلين بناء على «طهارة» أدوارهم السابقة؟

ماهر منصور - السفير

القدر الممكن من المعلومات التي طفت على السطح حتى اليوم عن مسلسل «الفاروق» للكاتب وليد سيف والمخرج حاتم علي، يرسم ملامح عمل فني يخرج بتفاصيله عن المعتاد في التحضيرات المتعلقة بأي عمل فني. إذ يبدو أن تحديد خيارات صناعه، بما فيها تحديد الطاقم التمثيلي لشخصيات العمل الرئيسية (الخلفاء الراشدين)، مرتبط بالمشايخ وفتاوى دينية دقيقة للغاية ربما تنتظرها أسرة العمل حتى الساعة.

العمل الذي يتناول شخصية ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب، يقارب شخصية، لها في حياتنا هالة من الاحترام والتقدير، ما يجعل تناولها وتناول شخصيات عاصرتها مسألة تنطوي على حساسية عالية. وبالتالي يبدو أن مسألة حسم أسماء الذين سيجسدون شخصيات الخلفاء الراشدين، قد يبقى طي الكتمان، حتى تأخذ الفتاوى الدينية شكلها النهائي. وإن عرف عدد من الأسماء المرشحة، وفق ما أورد موقع «دي برس» الإلكتروني السوري، نقلاً عما سماه بـ»مصادر مطلعة على كواليس المسلسل». وهي النجم حاتم علي (مخرج العمل) الذي سيجسد دور الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، فيما سيلعب النجم غسان مسعود دور الخليفة الأول أبو بكر الصديق.

إلا أن أكثر المعلومات التي أوردها الموقع إثارة للاهتمام، ما يتعلق باستبعاد النجم السوري تيم حسن عن شخصية الخليفة «الفاروق» لأسباب تتعلق بتجسيده شخصية «جميل» في مسلسل «زمن العار»، نظراً «لما تمثله شخصية بن الخطاب، من ثقل ديني وتاريخي لدى المسلمين، حيث لا يمكن أن توكل هذه الشخصية لممثل عرفت أدواره بإثارتها للجدل».

وبغض النظر عن أهمية تجسيد شخصيات الخلفاء الراشدين للمرة الأولى في الدراما التاريخية، الا أنه يبدو غريباً أن نقصي ممثلاً عن أداء دور ما بسبب أدائه دورا سابقا، و كأننا ننسى بأن مهمته كممثل تقتضي أن يؤدي أدواراً مختلفة، وأن تقديرنا الحقيقي لإمكانياته التمثيلية يتأتى من قدرته على إقناعنا في كل مرة بالشخصيات الدرامية التي يؤديها مهما بلغ تناقضها. وإلا فإن الخلط بين الشخصية التمثيلية والممثل الذي أداها، وتحميله، بعيداً عن الكاميرا، مسؤولية تصرفات الشخصية التي يلعبها، سيضعنا أمام ظاهرة مخيفة في الدراما، يلتصق فيها الممثلون بالأدوار الإيجابية لضمان أحقية استمرارهم في أدوار لاحقة. ما يخالف، ببساطة، منطق ألف باء الفن!

ثم إنه أي من الممثلين، وفق هذا المنطق، يملك أرشيفاً أدى خلاله شخصيات ناصعة البياض فقط، وبالتسليم أنه امتلك هذا الأرشيف، فهل مطلوب منه أن يعتزل بعد تأدية الدور لضمان عدم تجسيده شخصيات تخالف طبيعة شخصيته في مسلسل «الفاروق»؟ وماذا عن سلوكه الشخصي في الحياة العادية؟!

وماذا لو قرر صناع العمل إسناد أدوار أحد الخلفاء الراشدين ولا سيما «الفاروق» لأحد الوجوه الجديدة، متجاوزين بذلك معضلة الأدوار السابقة، فما الذي يضمن طبيعة الأدوار التي يؤديها هذا الممثل لاحقاً، هل ثمة ما يجبره على الاعتزال مثلاً بعد أداء شخصية «الفاروق»؟!

الأسئلة السابقة تعيدنا مجدداً إلى نقطة البحث عمن يجسد شخصية «الفاروق» وبقية الخلفاء الراشدين. فإذا ما حسمت الفتاوى الدينية أمرها لصالح السماح بإظهار شخصيات الخلفاء الأربعة، وعدم الاكتفاء بأصواتهم، فربما سيكون على صناع العمل أن يعودوا إلى المنطق في اختيار ممثليهم، ممن أثبتوا قدرات فنية متميزة. فمسؤولية تقديم صورة درامية حقيقية وناجحة تحترم حساسية مقاربة هذه الشخصيات وتقدمها على نحو صحيح، تقع على عاتق كاتب العمل بالدرجة الأولى ومخرجه ثانياً. ولضمان إيصال ما يريده الإثنان، لا بد أنهما يحتاجان الى ممثل «حرّيف»، لا يسأل عن السلوك الأخلاقي للشخصيات التي أداها من قبل، بل نسأل عن مدى إجادته في تقديم الأدوار، لضمان تقديم رؤية درامية تليق بالخليفة الراشدي.