2012/07/04
ماهر منصور - السفير
إحدى المشاكل المزمنة التي تعاني منها السلسلة الكوميدية «مرايا» هي أن معظم لوحاتها ارتبط جوهر حكايتها بالفنان القدير ياسر العظمة. بمعنى أنها كانت سلسلة النجم الأوحد، وإن قدمت عدداً من الوجوه الجديدة، التي غدا أصحابها اليوم من االممثلين البارزين في الدراما السورية.
ورغم ارتباط اسم السلسلة الشهيرة باسم تيسير العظمة كمشروع فني خاص، حمل وحده همومه الفنية والإنتاجية، على مدار نحو ثلاثة عقود، إلا أن التجربة ظلت تنقصها روح الجماعة (وهي روح الدراما السورية عموماً) وقدامتازت بها انطلاقة سلسلة «بقعة ضوء»، مثلاً، تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً، فعادت «بقعة ضوء» لتعاني مما تعاني منه «مرايا» حين تحولت إلى مسألة شخصية، حتى لو تبدلت أسماء القائمين عليها.
ظلت «مرايا» رغم ذلك تحمل صفة المشروع الفني. فصاحبها العظمة لم يدخر جهداً في تأمين كل أسباب نجاحه الفنية سواء على صعيد النصوص، التي اعتمدت في معظمها على (ما قرأ وسمع وشاهد) في كتابة لوحاتها، ودخوله في شراكات «تأليفية» مع كتاب موهوبين منهم مازن طه ونور الدين الهاشمي، أو على صعيد اعتماده على أسماء مخرجين كبار، مثل هشام شربتجي، مأمون البني، وحاتم علي.
وبما أن حياة العظمة الفنية اقتصرت منذ عشرات السنين على «مرايا»، تصير صفة المشروع الفني- الشخصي ربما هي الصفة الأكثر ملائمة لهذا العمل، الذي ينجز هذا الموسم جزءاً جديداً منه بعد غياب سنوات، إخراج سامر برقاوي.
عادت صفة مشروع الفنان الفلاني هذا العام بقوة، مع الحديث عن إنتاج جزء ثان من مسلسل «يوميات مدير عام»، لكونه مشروع الفنان أيمن زيدان، وحديث عن نية إنتاج جزء ثان من «أبو جانتي» بوصفه مشروع الفنان سامر المصري. وقبلهما كان مشروع لم يلق الكثير من الاهتمام، ويقوم على تلفزة النكتة للفنان فادي غازي وهو «شاميات».
وإن كنا لسنا في معرض تقييم نقدي لكل من المشاريع السابقة، إلا أننا نقف عند كلمة «مشروع»، لتحديد ملامح العمل الذي يحمل صفة «المشروع الفني»، ومناقشة أي من الأعمال الفنية السابقة تنطبق عليها هذه الصفة. وهل يمكن الحديث عن مشروع فني من دون ملاءة مالية تحميه من اشتراطات السوق، كما حدث مع «مرايا» الذي اختار في أحد أجزائه أن يقدم منتجات تجارية كراكورات أحياناً في مشاهده التمثيلية، واضطر في السنوات الأخيرة أن يغيب لأسباب منها الإنتاج؟
ولنفرض أن غالبية ما يطلق عليه اسم»المشروع» يقف خلفه فنانون، فهل يحق لصاحب المشروع أن يكون نجمه الأوحد؟! أي من العبارتين أصح: «مشروع فني شخصي»، أم «مشروع شخصي فني»؟ ألا يوجد «شعرة» بين العبارتين هي الفارق بين ما نريده للدراما السورية وما نخشى منه عليها؟ ألا يبدو تقديم الفني على الشخصي صفة لازمة وضرورية لما يمكن أن نسميه مشروعاً؟ وهل المطلوب من «الشخصي» أن يذوب في «العام» لحماية مشروعه، أم أنه حق لمشروع الشخص أن يكون أولاً في كافة مفاصل مشروعه الفني؟
الإجابة عن الأسئلة السابقة ليست وصفة جاهزة للنجاح، ولكنها محطة ربما لا بد أن يمر فيها، صانعو دراما ونقاد، من أجل تقييم عادل للتجارب السابقة.