2012/07/04
سامر محمد اسماعيل _ السفير
لم تخرج الممثلة السورية شكران مرتجى عن الخطة التسويقية للقناة التي تروج لها، عندما قالت باللهجة الشامية: «أخيراً صار عندي بيت.. أخيراً صار للدراما بيت». لكنها على الأغلب أثارت مشاعر بعض القائمين على قناتها الوطنية «سورية دراما»، لتجاهلها أسبقية «سورية دراما» على «بيتها الدرامي الجديد» الذي تسوق له، إلى جانب زملائها أيمن زيدان، باسل خياط، حسام تحسين بك، عباس النوري، وسلافة معمار. يظهر هؤلاء الفنانون في الأفلام الترويجية لإعلان قناة «أم بي سي دراما»، التي تفتتح رسمياً اليوم في دبي، وكأنهم أبناء شرعيون لقناة أنتجت وعرضت لهم مسلسلات، خصوصاً أن قناتهم الوطنية «سورية دراما» التابعة عملياً لمنظومة التلفزيون الرسمي، وبعد أكثر من سنة على إطلاقها، لم تستطع أن تستقطب عروضاً تلفزيونية حصرية، عدا المسلسلات التي قام التلفزيون بإنتاجها عبر «الهيئة العامة للإنتاج». وهي أعمال تعاني من ضعف في النصوص وفي الإمكانيات الفنية والإنتاجية المتواضعة.
أما «أم بي سي دراما» فتفاخر بعروض حصرية لأعمال سورية ومصرية وخليجية؛ إضافةً الى أعمال تركية وهندية مدبلجة ستعرضها قريباً. ما يعني، وبعد تزايد ملحوظ مؤخراً في عدد القنوات العربية المتخصصة بالدراما، طفرة جديدة تؤسس لسوق قائم على تنافس معلنين بخصائص مغايرة عن سوق الإنتاج التلفزيوني.
المعروف أن قنوات «أبو ظبي دراما»، «نيل دراما»، «ميلودي دراما»، «أم بي سي دراما» معظمها مُنتجة للأعمال الدرامية، وتسترد هذه القنوات المال المدفوع لقاء إنتاج الساعة التلفزيونية، من دون وسيط إعلامي يحدد لها مدة وتوقيت بث الإعلان التجاري على شاشتها. وأهم من ذلك لا تضطر هذه القنوات للاستعانة بوسطاء التوزيع والتسويق، لأنها هي من تقوم بذلك وبأسعار تحددها وفق حجم الخريطة الإعلانية.
من هنا تنبع مشكلة القناة الوطنية «سورية دراما» في مواجهة الطفرة الإعلامية الجديدة. فالفضائية السورية الواعدة منذ انطلاقتها في 23 آب 2009 الماضي، لم تساهم في إنتاج عمل درامي واحد، ولم تخلص إلى هوية بصرية معاصرة، رغم الجهود الطيبة التي يبذلها الزملاء في القناة وبإمكانيات متواضعة. فظلت القناة باستثناء عروض الموسم الرمضاني الماضي منشغلةً في إعادة نوستالجية لأرشيف التلفزيون السوري، من مسلسلات قديمة أنتجت في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، بالإضافةً إلى برامج منوعات بإنتاج محدود ومتوسط، كان آخرها «تحدي النجوم»، وبرامج إخبارية فنية غلب عليها طابع التغطيات العاجلة لتصوير مسلسلات ومسرحيات ولقاءات نجوم الصف الثاني والثالث. التحدي الأبرز لقناة «سورية دراما» يكمن في العروض الحصرية التي تستقطبها قنوات الدراما الجديدة، والتي لن تستطع القناة السورية توفيرها على شاشتها، كونها ليست طرفاً في إنتاجها، كما أنها لا تستطيع شراءها. بخلاف «مؤسسة أبو ظبي للإعلام» مثلاً، التي تنتج أعمالاً تلفزيونية بتمويل إنتاجي ضخم، يؤمن لها عروضاً حصرية على قناة «أبو ظبي دراما».
الشيء نفسه ينطبق على قناة «أم بي سي دراما» التي تملك فرصاً أوفر من العروض الحصرية. لكن السؤال هنا: لماذا يظهر نجوم الصف الأول في سورية عبر أثير البث التجريبي لـ«أم بي سي دراما» ليقولون إنها بيتهم، في حين يتجاهلون أن «سورية دراما» تعرض لهم أعمالهم القديمة منها والجديدة، وتحتفي بهم عبر شريطها الإخباري في كل مناسبة؟
وثمة تساؤل آخر حول قدرة المنظومات التي أنتجها الإعلام السوري الرسمي على مواجهة صيغ الإعلام الرأسمالي العربي، لا سيما أن قنوات الإعلام الإخباري الخاص بالإقطاعيات النفطية قضت نهائياً على شعبية نشرات الأخبار في التلفزيونات الرسمية، فهل ستكمل قنوات الدراما الجديدة على أحلام المؤسسة الإعلامية الرسمية في تحصيل عروض إعلانية خاصة بها، أم ستبقى هذه الأخيرة بين أشرطة الأرشيف، ومكاتب الرقابة؟ بالنظر الى الأفق الإعلامي لقناة «سورية دراما» تبدو الأمور أقل تفاؤلاً، لا سيما أنه حتى الفضائيات السورية الخاصة كقناة «الدنيا» تملك ما تعرضه على شاشتها، بوجود الشركة السورية الدولية، التي توفر لها مسلسلات تنتجها سنوياً، فيما تعتمد «سورية دراما» على عروض استعادية تبدو رغم جمالية استحضارها، غير استقطابية إزاء عروض تلفزيونية حديثة الإنتاج، تزدحم بنجوم الصف الأول، على الأقل بالنسبة الى مشاهد طوّر أدوات التلقي لديه. وشتان بين ما توفره المسلسلات الجديدة من راهنية وجرأة في الطرح، وبين النزعة الرومانسية المضحكة التي كانت سائدة في دراما الثمانينيات على سبيل المثال.