2013/05/29
إبراهيم حاج عبدي_دار الحياة
تعج الفضائيات ببرامج سينمائية، بعضها يركز على الطابع الدعائي والسياحي للسينما ويستضيف النجوم السينمائيين دون سواهم، وبعضها يغرق في الهموم السينمائية وفي طرح قضايا شائكة يتعذر معها استقطاب جمهور كبير.
وسط هذا الانقسام، ثمة برامج قليلة تجمع بين الجانبين، وتسعى إلى تقديم مادة معتدلة وجذابة، تستهوي المتخصص والمهتم، والجمهور عموماً، وقد يكون مستغرباً أن نستقي مثالنا الناجح، هذه المرة، من الفضائية السورية من خلال برنامج سينمائي بعنوان «سينما زووم».
نور أتاسي هي معدّة ومقدمة هذا البرنامج، وهي ابنة الناقد السينمائي الراحل رفيق أتاسي، ولعل أتاسي الابنة حوَّلت هذه الحقيقة إلى امتياز مهني توظفه عبر برنامجها الذي يجهد في الجمع بين الجانب التخصصي للسينما وبين الجانب الترفيهي. تبدو أتاسي، ذات الحضور الهادئ، متفهمة تماماً للمادة التي تقدمها، فهي حريصة، مثلاً، في إيراد أسماء النجوم والأفلام والمخرجين (فهذه الأسماء تتعرض لكثير من التشويه في برامج أخرى)، وهي تستخدم لغة سهلة محببة، تنأى عن الفصحى بمقدار، وتقترب من العامية بالمقدار ذاته، لتكون النتيجة لغة رشيقة مفهومة لمتابعي الشاشة الصغيرة بمختلف شرائحهم وفئاتهم ومرجعياتهم الثقافية، فضلاً عن أسئلتها التي تنمّ عن ثقافة سينمائية واسعة.
والبرنامج، علاوة على ذلك، يحاول تقصّي الحقائق من الجهات المعنية، ففي الحلقة الأخيرة التي تناولت جوائز مهرجان دمشق السينمائي، واللغط الذي دار حول لجنة التحكيم، سمعنا رأي الناقد السينمائي محمد الأحمد مدير المهرجان، وكذلك أصغينا إلى ما قاله أحد أعضاء لجنة التحكيم، وهو المخرج نجدت أنزور، وأسباب عدم توقيعه على البيان الختامي المتضمن النتائج النهائية.
وفي موضوع آخر حول الأفلام القصيرة المشاركة في المهرجان، أقرّ الأحمد بضعف سوية الأفلام السورية المشاركة، كذلك فعل رئيس لجنة تحكيم هذه الأفلام المخرج ريمون بطرس، الذي عبّر عن حيرة انتابته حين فوجئ بالمستوى المتدني لتلك الأفلام، وعدم قدرته على المجازفة بمنحها أي جائزة.
بهذا المعنى، فإن البرنامج لا يرفع الشعارات جزافاً، ولا يكيل المديح بشكل مجاني، بل إن معدة البرنامج ومقدمته تغوص في التفاصيل وتكشف الخفايا، لتقدم صورة، وإن مختزلة، للسينما في بلادها وفي العالم. ولو أتيحت لهذا البرنامج الإمكانات كما تتاح لبعض البرامج في قنوات أخرى (نقصد التكاليف التي يتطلبها حضور المهرجانات الدولية وزيارة مواقع التصوير والالتقاء بهذا السينمائي أو ذاك، ناهيك عن الجوانب التقنية)، لاستطعنا عندئذ وصفه بأنه «من أهم البرامج السينمائية».
مع ذلك، ورغم نبرة البرنامج الخافتة، واعتماده شكلاً بسيطاً في التقديم، فإنه يعَدّ من البرامج السينمائية الناجحة قياساً إلى غيرها من البرامج المماثلة.