2012/07/04
محمد رضا_ الشرق الأوسط
إشاعات هوليوودية تتساءل ما إذا كانت الحرب بين هارفي وسكوت بدأت إعلاميا بالفعل
كولين فيرث في «خطاب الملك»
ما الذي حدث لوودي ألن في السنوات العشر الأخيرة؟ هل فقد لمسته؟ هل كانت لديه لمسة أساسا؟
ذات مرة، خلال حديث بيننا تم قبل نحو سبع سنوات، قال إنه حاول أن يقلد الكوميدي (الراحل) بوب هوب في الإلقاء: «لديه طريقة يحول بها العبارة إلى نكتة حتى وإن لم تكن مضحكة أساسا. هذه أعرف أنني لم أجدها بعد».
لكن المشكلة كما تتبدى اليوم، مع الاستقبال الفاتر الذي حصده آخر فيلم له «ستقابلين غريبا طويلا داكنا» هي أنه لم يعد يُضحك وربما لم يعد يكترث لأن يُضحك.
مشكلة الإلقاء كانت بسيطة: في السنوات التي كان يمثل فيها معظم أفلامه (الثمانينات) كانت مشكلته هي أنه لا يتوقف عند نهاية العبارة التي من المفترض أن تكون مضحكة، بل يستمر في كلامه. لكن رغم ذلك، الكثير مما كان يقوله ومما كان يشخصه على الشاشة، كان لا يزال مضحكا. حينها كان الكوميدي الساعي دائما إلى إنجاح هذه الصفة. بعد ذلك، وخلال السنوات العشر الأخيرة أو نحوها، زاد انحرافه الكلي عن هذا الاتجاه فإذا به يميل نحو الدراميات الخفيفة (أو ما يُسمى أيضا بالكوميديات العاطفية) التي ليس من غاياتها أن تضحك، فقط أن تجعل المشاهد يبتسم لوضع ويتسلى به.
ما يزيد المشكلة حدة، أن كل حكاياته العاطفية متشابهة. هي دائما عن شخصيات تعيش معا لكن قلب كل طرف معلق بشخص آخر: أ متزوج من ب، لكن ب تحب س وس يحب ل ول تحب أ. وهذا نجده في هذا الفيلم الأخير على وجه كامل، كما في كل فيلم من أعماله الأخيرة.
هل كانت لديه لمسة أساسا؟ بكل تأكيد. كان عبقريا. هل فقد لمسته؟ بكل تأكيد. أصبح إعلانا مكررا.
في مثل هذه الأيام من عام 1999 وجد المنتج المعروف هارفي وينستين نفسه في مواجهة صعبة مع ستيفن سبيلبرغ. فهارفي كان لديه فيلم على درجة رفيعة من التميز الفني عنوانه «شكسبير عاشقا» للإنجليزي جون مادن مع جفري رش وتوم ولكنسن وجوزف فاينس وجودي دنش وغوينيث بولترو. أما المخرج - المنتج سبيلبرغ فكان أنجز واحدا من أكثر أعماله طموحا وهو «إنقاذ المجند رايان» مع توم هانكس، توم سايزمور، إدوارد بيرنز، مات دايمون وجيوفاني ريبيسي من بين فريق رجالي كبير.
كل من وينستين وسبيلبرغ منى نفسه بأوسكار أفضل فيلم، وكل منهما دفع ملايين لحملة ترويج أين منها حملات الانتخابات السياسية. هارفي هاجم «الفيلم الآخر» علنا، لكن سبيلبرغ أصدر تعليماته لرئيس مكتب الإعلام (اسمه تيري برس) بعدم تبادل إطلاق نار كلامي مع المنتج النيويوركي المعروف وأخيه بوب بشركتهما آنذاك «ميراماكس».
النتيجة كانت فوز «شكسبير عاشقا» بأوسكار أفضل فيلم وفوز بطلته بالترو بأوسكار أفضل ممثلة وجودي دنش بأوسكار أفضل ممثلة مساندة. أما «إنقاذ المجند رايان» فقد خسر أوسكار أفضل فيلم (وهي الأعلى مرتبة كما نعلم) لكنه ربح حفنة من الأوسكارات في المقابل فحصد أوسكار أفضل مخرج وأفضل تصوير سينمائي (يانوش كامينسكي) وأفضل صوت وأفضل توليف وأفضل مؤثرات صوتية.
هذا العام، قد يتكرر الموقف ذاته. هارفي وينستين لديه فيلم من نمط «شكسبير عاشقا» ذاته عنوانه «خطاب الملك» (يفتتح مهرجان دبي المقبل) وسبيلبرغ لديه فيلمان: واحد يتبع سينما الأنيماشن (توزعه باراماونت) تحت عنوان «مغامرات تان تان: سر اليونيكورن»، والثاني حربي (كما كان حال «إنقاذ المجند رايان») بعنوان «حصان الحرب» (توزعه ديزني).
لكن هارفي يدخل منافسة مزدوجة، أو لنقل إنه سيجد منافسة حامية حتى من دون سبيلبرغ، فنده هذه المرة هو المنتج سكوت رودين الذي يطمح لتسجيل انتصار أوسكاري عبر فيلمه الجديد «الشبكة الاجتماعية» الذي أخرجه ديفيد فينشر. ومن المثير وجود إشاعات هوليوودية تتساءل ما إذا كانت الحرب بين هارفي وسكوت بدأت إعلاميا بالفعل. في هذا النطاق فإن السؤال المطروح هو عما إذا كان هارفي هو المسؤول عن إثارة التساؤل حول مصداقية «الشبكة الاجتماعية». من ناحية مضادة، فإن هناك حديثا حول ما إذا كانت أحداث «خطاب الملك» مفبركة. فالفيلم يقوم على نص مفاده أن الملك جورج السادس (ملك بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية) كان يعاني التأتأة. لكن مؤخرا هناك من يقترح أنه لم يكن يعاني من شيء ما قد يُصيب احتمالات نجاح الفيلم ببعض الخسائر. في كل الأحوال فإن الممثل الرئيسي لفيلم «خطاب الملك»، وهو كولين فيرث ضمن ترشيحه بلا عناء إذ قدم أداء يؤهله لهذه الخطوة.
سوانك/بَنينغ
* هذه الحرب ليست وحدها الدائرة، والمنافسات حامية منذ الآن بين أكثر من فريق. خذ مثلا المنافسة على أوسكار أفضل ممثلة، حيث هناك إجماع على أن أنيت بَنينغ لا بد ستكون من بين المرشحات وذلك عن دورها في «الأبناء بخير»: دراما خفيفة حول امرأتين تعيشان معا وزوج إحداهما السابق يطرق الباب من جديد. المشكلة التي تواجهها بنينغ مزدوجة: هناك احتمال كبير في أن تجد نفسها في مواجهة مع شريكتها في البطولة جوليان مور (التي تؤدي دور المرأة التي جاء زوجها السابق يطرق الباب) وهناك احتمال في أن تجد نفسها في مواجهة هيلاري سوانك عن دورها في «إدانة» المعروض حاليا. هيلاري هذه السنة من بين المرشحات المتوقعات وغير المؤكدات لكن مجرد أن لديها حظا يثير تكهنات كثيرة كونها فازت على أنيت بَنينغ مرتين سابقا: في عام 2000 تنافست بَنينغ وسوانك على أوسكار أفضل ممثلة. الأولى عن دورها في «جمال أميركي» والثانية (التي كانت لا تزال في مطلع عهدها) عن «الصبيان لا يبكون»... وفازت سوانك. بعد أربع سنوات وجدت بَنينغ نفسها في مواجهة ثانية. كانت آمالها كبيرة عن دورها في فيلم «أن تكوني جوليا» لكن سوانك كانت أشبه بجوكر آخر لحظة فخرجت رابحة أوسكارها الثاني عن فيلم كلينت ايستوود «مليون دولار بيبي».
مخرجون متنافسون
* بالنسبة للمخرج ديفيد فينشر، صاحب «الشبكة الاجتماعية» فإن حظه هذا العام يبدو أفضل من حظه في السنة الماضية حين تم ترشيحه لأوسكار أفضل إخراج عن «قضية بنجامين باتون المثيرة للفضول» ولو أن هذا لا يضمن له شيئا حتى الآن. فإلى يساره هناك طامح آخر هو المخرج ديفيد أوراسل وإلى يمينه كريستوفر نولان. الأول حقق فيلما دراميا بعنوان «المقاتل» يصفه من شاهده إلى الآن بأنه جدير بسباق الأوسكار والثاني لديه «بداية»، الفيلم الذي عرف نجاحا كبيرا خلال عروضه التجارية قبل شهرين. هذا النجاح جاء مزدوجا إذ استقبل جيدا كذلك من قِبل النقاد.
هنا يدخل ليوناردو دي كابريو اللعبة، فهو يقف في بطولة «بداية» كما يقف مارك وولبرغ في بطولة «المقاتل»، لكن الملاحظ أن دي كابريو جاد في سعيه لأن يجد نفسه بين المرشحين و - من ثم - بين الفائزين، ولديه حظان عوض الحظ الواحد. فهو بطل فيلم آخر يمكن أن نجده مطروحا حين إعلان الترشيحات في الشهر الأول من العام المقبل، هو «شاتر آيلاند» الذي أخرجه مارتن سكورسيزي وعُرض في مطلع هذه السنة. هنا تجدر ملاحظة أن دي كابريو في مقابلاته الأخيرة حريص على انتهاز الفرصة المتاحة للمقابلات التي يجريها لحساب فيلم «بداية» لكي يُشير إلى دوره في «شاتر آيلاند» ويمنحه قدرا موازيا من الثناء. الغاية هنا تذكير الرأي العام، وبالتالي أعضاء أكاديمية العلوم والفنون، المؤسسة المانحة للأوسكار، بذلك الفيلم السابق. فمع أن عروضا خاصة أقيمت لفيلم سكورسيزي لكي يحضرها الأعضاء هذه الأيام، إلا أن التجارب السابقة دلت على أن الأفلام التي تعرض في النصف الأول من السنة لديها حظ أقل من تلك التي تعرض في النصف الثاني، وعليه فإن جهدا إضافيا يقع على عاتق المتصلين بذلك الفيلم لإعادة إحيائه من جديد.
لكن إذ يعني ذلك أن ليوناردو دي كابريو يريد أن يضمن لنفسه وجودا إما عبر فيلم سكورسيزي وإما عبر فيلم كريستوفر نولان، يعني أيضا أنه إذا ما تم ترشيحه للفيلمين معا فإنه بذلك سينافس نفسه بنفسه. هذا لا يضمن شيئا وإن كان يزيد بالتأكيد من الاحتمالات.
الأكثر إثارة في هذا النطاق هو التالي:
دي كابريو يدرك أن الأوسكار عادة ما يذهب إلى الأداء الدرامي وليس إلى التمثيل في فيلم أكشن. على هذا النطاق، فإن فوزه إذا ما حدث، سيكون بسبب «شاتر آيلاند» إذا ما استطاع التسلل إلى الترشيحات. أما «بداية» فمشكلته هي أنه فيلم أكشن بالتأكيد. وهي مشكلة لا تطال دي كابريو فقط، بل الفيلم والمخرج نولان إذ قد يخرجان بلا أوسكار.
إلى الآن، فإن ما سبق هو مجرد عينة موضوعية لما سيقع تتابعا من الآن وحتى موعد إقامة الحفلة المقررة في السابع والعشرين من الشهر الثاني من العام المقبل. فالترشيحات الأولى ستتوالى، تتبعها الترشيحات الرسمية ثم المرحلة الفاصلة بين إعلان تلك الترشيحات والحفلة ذاتها. وفي كل مرحلة سيتكاثر الحديث وترتفع الوتيرة وستزداد المنافسة حدة. ولا بد أنه سيكون لنا عودة إلى هذا السباق، الذي هو أشبه بحرب مواهب مستمرة.