2012/07/04
علي محمد طه_سيدتي
أبدع قلمه في كتابة أهم عمل عربي على مدى خمس سنوات خلت. فمع كل نقطة حبر خطّها بيده، قدّم لنا ملحمة شعبية شامية شدّت الناس إليها من المحيط إلى الخليج. إنه كمال مرّة الكاتب السوري الذي كتب «كوم الحجر» و«الحوت» و«باب الحارة» وغيرها. يحدّثنا كمال مرّة، ذلك الكاتب صاحب الخيال الواسع عن الجزء الأخير من «باب الحارة» وعن أسباب نجاحه، ويقطع الجدل حول ما قيل عن عودة أبو عصام للعمل، وحقيقة وجود جزء جديد له.
بداية، هل كنت راضياً عن مدى تفاعل الناس مع الجزء الأخير من «باب الحارة»؟
الجزء الخامس كان بالنسبة إلي زبدة النهاية في «باب الحارة». وقد حاولنا أن نقدّم فيه كل الزخم المطلوب وكل عناصر النجاح التي كان ينبغي أن تتضافر في العمل. كما استحضرت فيه جماليات الأخلاق والعادات والتقاليد والحبكة الدرامية التي استمرّت من نهاية الجزء الرابع إلى الخامس. كما ضمّ العمل فنانين جدداً أضافوا الكثير إليه، أمثال الفنان فايز قزق وقصي خولي وغيرهما، والمخرج الجديد مؤمن الملا الذي أبدع في خاتمة أجزائه. فبحسب الإحصائيات، بلغ عدد مشاهدي العمل حوالي مائة وستين مليون مشاهد، خلافاً لما صرّحت به بعض وسائل الإعلام التي قالت إن العمل فشل في جزئه الأخير. ومن يستعرض موقع «غوغل» عن «باب الحارة»، يرَ نسبة المشاهدة الكبيرة للعمل والتي أُعلن عنها عبر وسائل رسمية موثوقة.
هل تعتقد أن انتهاء مشاكل كتابة أجزاء «باب الحارة» مع زميلك مروان قاووق الذي كتبه في بعض مراحله ساهم في نجاحه لأنك تفرّغت له بمفردك دون وجود شركاء في كتابته؟
منذ البداية، كنا منفصلين أنا ومروان قاووق عن بعضنا في الكتابة. فمروان كتب الجزءين الثاني والثالث فقط، وحتى الجزء الثالث كتب بعضه وفيق الزعيم، علماً أنني ومروان لا نعرف بعضنا على الصعيد الشخصي. وأعتقد أن سبب نجاح العمل يعود لمن كتب بدايته.
بصراحة، هل كانت كتابة نص مسلسل «باب الحارة» متعبة نظراً لما حصل فيه من إشكاليات ومن تغييرات كثيرة طرأت على العمل وعلى أحداثه وشخصياته من جزء لآخر؟
العمل كانت فيه صعوبة كبيرة لما حصل فيه من تغييرات وخاصة مع خروج بعض نجومه مثل عباس النوري ثم سامر المصري وغيرهما. وهذا قيّدني كثيراً في كتابتي للأجزاء التي تلت. ولكن، الحالة الفنية للعمل البيئي تتيح لنا أفقاً واسعة وإمكانية التحرّك واستحضار خطوط جديدة للعمل. وليس صعباً أن أجد شخصيات جديدة وجميلة تنتمي لنفس البيئة الغنيّة بشخصياتها وأحداثها والتي لا يصعب أيضاً أن يحبها الناس بسهولة.
ذكرت أن المخرج لا يتدخّل في عملكم، ولكن حسب معلوماتي وما قاله فنانو العمل هو يتدخّل، بدليل أنه أقصى فنانين من العمل الذي غيّر مساره بشكل مختلف عمّا كان عليه في البداية؟
هذا غير صحيح نهائياً، فهو ديمقراطي جداً. ولكن، حدثت إشكاليات ساهمت في خروجهم من العمل. والحكاية الدرامية في كل جزء هي التي ساهمت في إضافة شخصيات جديدة كشخصية أبو قاعود التي جسّدها الفنان قصي خولي في الجزء الخامس والتي أحبّها الناس، فهي كانت من اختياري أنا والمخرج معاً. علماً أن الأخير هو من يختار فناني العمل وليس أنا. ونحن في سوريا لا نكتب شخصيات لشخص معيّن.
هل أخفيتم حقيقة عدم عودة كل من عباس النوري وسامر المصري للعمل بهدف الترويج له كما أشيع إعلامياً وكما صرّح سامر؟
لعلّي لأول مرّة سأفضح سراً من أسرار «باب الحارة»، وذلك لأنه انتهى. نحن لم نخفِ الحقيقة، إنما كان لدينا أنا ومخرج العمل بسام الملا نيّة أن يعود عباس النوري للعمل في نهايته بمشهد أو مشهدين. ولكن، على ما يبدو إن هذا الإتفاق لم يستطع المخرج تنفيذه لأسباب كثيرة أجهلها، وهي خاصة بين المخرج بسام الملا وعباس النوري. كانت لدينا نيّة لعودته، ولكن لم يتحقّق هذا الحلم الذي أردنا منه تلبية رغبة الجماهير التي أحبّت عودته للعمل.
هل تعتقد أنك مظلوم كونك كتبت العمل وبقيت في الكواليس، بينما أقل فنان في العمل يصبح بعد عرضه مشهوراً؟
(يضحك) ولكنني أصبحت معروفاً، فقد شاركت في العمل بشخصية أبو الطيّب، وعرفني الناس من خلالها. وعموماً، الكاتب في عالمنا العربي يبقى مغموراً حيث للأسف لا زالت الحالة الفكرية والفنية تسير إلى الوراء مع أن الكاتب هو الركيزة الأولى في العمل الفني مهما كان نوعه.
في حديث لي مع المخرج مؤمن الملا سألته عن حقيقة وجود جزء سادس، فلم يُجب. حسب معلوماتك وأنت كاتب النص، هل يوجد جزء جديد لـ «باب الحارة» كما يتوقّع الجمهور؟
"باب الحارة" انتهى في الجزء الخامس ولن يكون هناك جزء جديد له، ولكنني لا أعلم بما يدور «تحت الطاولة» الآن بين جهة الإنتاج والمخرج بسام الملا الذي ينفّذ العمل في سوريا. وأي جزء جديد حسب علمي، سيتمّ بعقود جديدة بين الجهتين. وبتقديري، هذا شيء صعب. نحن نوافق مع الجمهور على إيجاد جزء سادس تلبية لمطالبهم. ولكن برأيي، هذا لن يتم لأنه توجد صعوبات إدارية لتحقيق ذلك.
بطل مسلسل «الدبور» الفنان سامر المصري قال إن «باب الحارة» فشل وإن مسلسل «الدبور» كان أفضل منه هذا الموسم. كيف تردّ عليه؟
هذا الكلام ليس له مصداقية ولا دليل عليه. فنص مسلسل «الدبور» سيّئ جداً، وقد قامت عليه بعض الجهود من الفنانين والمخرج، ولكنه لم يصل للحميمية التي وصل إليها مسلسل «باب الحارة». وهذا له أسبابه الكثيرة، ومنها أن المكان الذي صوّر فيه «باب الحارة» أصبح مكاناً حميمياً جداً بالنسبة للناس. وأصبح المشاهد يشعر أنه من أبطال العمل وأن هذا المكان يخصّه ومرتبط بذاكرته. ولهذا، يحرص الكثير من السيّاح العرب ممّن يزورون سوريا على زيارة مكان تصوير «باب الحارة» ليتعرّفوا عليه، ويزورون بيوت العقيد وأبو عصام وغيره من شخصيات العمل. وهذا لم يحدث لأي عمل آخر.
تغيير شخصية العقيد في الجزء الخامس والتي جسّدها الفنان وائل شرف، هل كانت مقنعة للناس بنظرك؟
برأيي، الفنان سامر المصري قدّم شخصية العقيد في «باب الحارة» بطريقة أبعد ما تكون عن شخصية العقيد المعروفة لدينا والحقيقية. فكان فيها الكثير من المبالغة ولم تحمل المصداقية الحقيقية لدى الناس على صعيد الفعل. بينما الفنان وائل شرف جسّد شخصية العقيد وأضاف إليها الكثير من الإنسانية. ولهذا، اقتربت من المشاهد بشكل أكبر وأصبحت أكثر واقعية. ومن تابع مشهد بكائه على خاله أبو شهاب عندما كان يغلق الباب ويبكي عليه تأثّر وتفاعل معه كثيراً. والعقيد ليست صفة مسؤولية، وإنما صفة قوة وفتوّة وهو شخص يحبّه الناس لأنه قوي ويحمل الكثير من المبادئ والأخلاق الكريمة. ومن شاهد الفنان سامر المصري في مشهد قتل أبو شهاب لأبو صطيف الأعمى يعرف أنه قدّم مشهداً غير واقعي لأن العقيد لا يقتل ولا يطلق النار. وهذا ما عرفناه من خلال قراءاتنا عن شخصية العقيد في التاريخ البيئي الشامي.