2012/07/04
خاص بوسطة حاوره: علي وجيه لا أحد ينكر الدور الرائد الذي لعبه المسرح الجامعي في المشهد الفني السوري خلال مرحلته الذهبية في بداية السبعينيات. أيام الأسماء الكبيرة مثل الراحل فواز الساجر، وغياب الجهات الأكاديمية الذي استمرّ حتى عام 1977 بافتتاح المعهد العالي للفنون المسرحية. بعدها غاب المسرح الجامعي عن الواجهة لسنوات طويلة، قبل أن يبدأ في العودة نوعاً ما خلال السنوات الأخيرة. د. ماهر الخولي مدير المسرح الجامعي تحدّث لنا بصراحة عن واقع هذا المسرح والمشاكل التي تواجهه. دور المسرح الجامعي في رفد المشهد الفني كان معروفاً قبل افتتاح المعهد العالي للفنون المسرحية. الآن، ماذا يمكن أن يقدّم المسرح الجامعي، خصوصاً أنّ قسماً كبيراً من الطلاب الجامعيين تجاوزوا السنّ المسموح لدخول المعهد أو شارفوا على ذلك؟ بعض المتفوقين في المسرح الجامعي يمكن أن يتقدموا للمعهد العالي للفنون المسرحية ويُقبلوا فيه، والأمثلة عديدة على ذلك. المسرح الجامعي هو أحد مسارح الهواة الرافدة للمشهد الفني في سورية مثل المسرح الشبيبي والعمّالي وغيرها، وأهميته لا ترتبط بمستقبل ما للطالب في المعهد العالي للفنون المسرحية، فطالب المحافظات البعيدة مثلاً ليس لديه هاجس الاحتراف في المعهد، لأنّه يعمل في مجال يحبّه في النهاية. خصوصاً أنّ هناك عروضاً في المسرح الجامعي لا تقلّ أهمية عن عروض المحترفين، وبالتالي حالة «الدونية» غير موجودة. ما الاختلاف بين الأولويات عند تسلّمك مهام إدارة المسرح الجامعي في سورية عام 2003 عن الآن؟ بمعنى، ماذا حققتَ من أهدافك حتى الآن؟ وبمَ تفكّر للمرحلة القادمة؟ المسرح الجامعي كان يعاني من بعض الترهّلات الإدارية صراحةً. مثلاً، الفرصة كانت متاحة أمام جميع العروض للمشاركة في المهرجان المركزي، وكانت تأتي دون مشاهدة. الحال اختلف الآن، فباتت العروض تُشاهَد من قبل لجنة متخصصة لانتقاء الأفضل منها للمشاركة في المهرجان المركزي. بمعنى أنّ هذه المشاركة أصبحت نوعية حتى لو أثّر هذا على الكم. كما صار بإمكان الفرق متابعة كل أيام المهرجان، بعد أن كانت الفرقة تعرض وتعود إلى محافظتها مباشرةً. عملنا أيضاً على تطوير المهرجان عموماً، فتحوّل إلى حالة احتفالية فنية ثقافية مع إغنائه بدورات إعداد الممثل والمحاضرات النظرية، واستضافة فرق من خارج البلاد. عروض المسرح الجامعي صارت تشارك في مهرجانات عربية ودولية وتنال أهم الجوائز، فنحن نفخر بارتفاع السوية الفنية للمسرح الجامعي، والعودة لمقارنته بالفترة الذهبية في بداية السبعينيات. إمكانياتنا المادية ما زالت متواضعة وقليلة، وهذه حقيقة لو اختلفت لكان حالنا أفضل بكثير. متوسط ميزانية العرض عندنا لا تتجاوز 500 دولار، وبعض الفرق الزائرة تظنّ أنّنا نمزح عندما نقول لهم ذلك. طالبنا ونطالب باستمرار بصالة عرض خاصة بالمسرح الجامعي أسوةً ببقية الجهات، وأتمنى ممّن يأتي بعدي في هذا الموقع أن يعمل بنفس الاتجاه وبنفس الحماس. لماذا أقامت بعض الفروع مهرجانها المسرحي الخاص، في حين لم يتمكن بعضها الآخر من ذلك؟ هذا يعود لنشاط الفرع وطبيعته صراحةً، فلا يمكن أن نطالب فرع الرقة، مثلاً، بإقامة مهرجان مسرحي فرعي، وهو بالكاد ينتج عرضاً واحداً في العام. حتى عروض المهرجانات الفرعية أصبحنا نتشدد في انتقائها حتى لا يحمل أي عرض اسم المسرح الجامعي، فلا يمكننا أن نمس الآن بالسمعة الجيدة التي بنيناها خلال السنوات الأخيرة. حتى أنّ جامعة دمشق لم تشارك في الدورتين الأخيرتين من المهرجان المركزي وهي التي انطلق منها هذا المهرجان، لأنّ العروض المرشحة لم تكن بالمستوى المطلوب. أيضاً، قمنا بإحداث إدارات فرعية للمسرح الجامعي مع مدراء مستقلين لها. هاشم غزال في المنطقة الساحلية، وسامر السيد علي في المنطقة الشمالية، وإسماعيل خلف في المنطقة الشرقية. ولكن لا نستطيع إلزامهم بإنتاج عدد معين من العروض، لأن إنتاج العرض هو حصيلة تعاون بين الجهة الإدارية (فرع الاتحاد الوطني لطلبة سورية) والجهة الفنية (المسرح الجامعي). ولكن بعض الفروع لا تملك بنية تحتية أصلاً لتنتج أكثر من عرض واحد في العام. ألا يدخل حل هذا الموضوع في صلب مهامكم؟ هذا صحيح، ونحن نعمل على هذا الأمر. ولكن بعض إدارات الجامعات لم تتعاون بالشكل الكافي لتأمين مقرات مناسبة للمسرح الجامعي، ونحن نراسلهم باستمرار ونطالبهم بالتعاون. رغم كل شيء، يبقى الحماس والإصرار على تقديم عرض مسرحي جيد هو الأساس، مع إدراكنا لضرورة وجود بنية تحتية جيدة. مدير المسرح الجامعي في الفرع يتبع في النهاية لرئيس اتحاد الطلبة في ذاك الفرع. ألا يمكن أن تؤثّر هذه الصيغة على عمل المسرح الجامعي في حال حصول خلاف بين الطرفين؟ هذا أحد أسباب إحداث إدارات للمسرح الجامعي. فهذا الخلاف، إن حصل، يعود لعدم معرفة رئيس فرع الاتحاد بطبيعة عمل المسرح ومتطلباته. وبالتالي يقوم مدير المسرح الجامعي في المناطق المذكورة بالوساطة بين شباب المسرح ورئاسة الاتحاد. ولكن من باب الإنصاف، نادراً ما يحصل مثل هذا الأمر. ما هي معايير اختيار مدير المسرح الجامعي في المناطق التي ذكرتها؟ أولاً: من باب العرفان بالجميل والتكريم لهؤلاء الأساتذة الذين قدّموا الكثير للمسرح الجامعي، واعترافاً بكفاءاتهم وخبراتهم. ثانياً: كل المدراء المختارين يعملون مع الطلاب بروح أبوية ولا يمكن أن يدخلوا في منافسة معهم، وهم يتحلّون بأخلاق عالية، ويتميزون بقدرة عالية على التكيّف مع مختلف الظروف. بعد كل مهرجان مركزي، يشكّك البعض بالجوائز الممنوحة ويتحدّث البعض الآخر عن مجاملة المحافظة المضيفة للمهرجان. هل يمكن أن توضّح لنا هذه النقطة؟ لا أعتقد أنّ أعضاء لجنة التحكيم المختارة بأسمائها وإنجازاتها يمكن أن تكون محل شك. هذا كلام مرفوض قطعاً. كل عضو يعطي رأيه بمعزل عن الآخر وبمنتهى السرية والاستقلالية. وبالنسبة للمحافظة المضيفة، ففي كثير من دورات المهرجان لم تحصل فرقة المحافظة المستضيفة على أية جائزة، مثل حماة منذ بضع سنوات وحلب عام 2006. حتى أنّه عام 2008 أقيم المهرجان في طرطوس، ولم يكن فرع طرطوس مشاركاً أصلاً. ثم إنّه عندما تشارك العروض الفائزة في مهرجانات أخرى، منها عربية ودولية، وتنال أهم الجوائز، فهذا دليل على صوابية قراراتنا وصحة طريقة عملنا. على ذكر الجوائز، ماذا تقدّمون للفائز عدا كلمة «برافو»؟ الكلام في هذا الموضوع حقيقةً مخجل مقارنةً ببقية مهرجانات الهواة في سورية، لأنني أكاد أقول إننا لا نعطي شيئاً. تخيل مثلاً أنّ أجر مخرج العرض المسرحي لا يتجاوز 6000 ليرة. تعديل الأجور ورفع قيمة الجوائز يحتاج إلى تعديل لوائح وأنظمة وقوانين موضوعة منذ سنوات عديدة، وذلك للوصول إلى زيادة ميزانية مكتب النشاط الفني والاجتماعي الذي يتبع له المسرح الجامعي. مطلبنا الرئيسي هو أخذ جزء من ميزانية الجامعات المخصصة للأنشطة الطلابية، وهو اقتراح كفيل بحل الكثير من مشاكلنا إن تمّ الأخذ به. شكراً لك.