2012/07/04
خالد سميسم - السفير يشهد قطاع الدراما في سوريا أزمة حقيقية على عكس ما يشيعه الكثير من النقاد والمتابعين للمشهد الفني السوري. أزمة تتلخص في إنتاج الأعمال «الضخمة» حين يطلب (رأس المال) الخليجي. في حين تنتج الدراما المصرية معظم أعمالها برأسمال مصري، فيما السوق مفتوح في الدولة ذاتها. وقد أثّر هذا الواقع سلباً على محتوى العمل الدرامي. فإذا كانت مسلسلات البيئة الشامية هي المرغوبة و المطلوبة خارج سوريا، مثل «باب الحارة» و«أهل الراية» وحتى مسلسل «الدبور» الذي يعرضه تلفزيون «الجديد» في هذا الشهر، فهذا ليس لأن «الجمهور عاوز كده» بل لأن رأس المال الممول يريد ذلك. وهو أمر له ذيول على كتابة النصّ أو السيناريو، ويبدو جليّاً حين «يشبّع» النصّ بكثير من التفاصيل التي لا تمت إلى البيئة الشامية، تلك البيئة المتنوعة. ففي مسلسل «الدبور»، وهو من تأليف مروان قاووق وإخراج تامر اسحاق، تدور الأحداث حول قصة شاب (يلعب دوره سامر المصري) ملقب بالدبور، الذي خرج من حارته منذ أكثر من 15 عاماً بسبب ظلم زوجة أبيه، وقد لفقت له تهمة تسببت بطرده من الحارة. في هذا المسلسل يذهب الكاتب إلى «تجميل» صورة كشاش الحمام في المجتمع، حين يكون الدبور أحد «الكشاشين». اذ لم يتوارث عنه صورة الرجل القبضاي في المجتمع الشامي. فهو الذي يشاع عنه بأن شهادته في المحكمة لا تقبل، ومرفوض اجتماعيا. أما في مسلسل «أهل الراية» الذي ألفه أحمد حامد وأخرجه سيف الدين سبيعي، وهو يروي حكاية اجتماعية جرت أحداثها في أواخر القرن التاسع عشر بدمشق، نشهد صراع الخير والشر من خلال قصة الزعيم أبو الحسن (يجسدها الممثل عباس النوري) الذي اهتزت صورته وتشوهت بزواجه من دلال (كاريس بشار) المرأة العاقر الحقود التي تقع في دوامة الانتقام الأسود (في الجزء الاول). ويستمرّ الصراع في الجزء الثاني، ليحاول الكاتب «تجميل» و «تحسين» صورة الأتراك، من خلال حرصهم على رايات الإسلام ومعاملتهم الحسنة لأهل دمشق على عكس الصورة التي رسمتها الدراما ذاتها، قبل تحسن العلاقات في السنوات الأخيرة ما بين الدولة التركية وسوريا. ويظهر الكاتب في بعض المشاهد «حماسة» الناس للذهاب إلى ما وصفه «الأخد عسكر». حين يطلب القبضايا والشهم «رضا الحر»، والذي يجسد دوره الممثل قصي خولي بأن يذهب إلى (الأخد عسكر) رغم أنه وحيد لأمه، ويظهر حماس جعل الصورة تهتز وتتعثر مقابل تلك الصورة التي نعرفها جمعيا حين ذهب أجدادنا إلى ما عرف بـ«سفر برلك». و الواضح من خلال المتابعة وإذا ما ابتعدنا عن دلالات نصوص العملين، نرى أن الشكل العام قد أثر سلبا على الأحياء الشعبية في دمشق (أحياء العشوائيات). ففي العام الماضي حمل الكثير من الشبان (خيزرانة) «معتز» في «باب الحارة» وأصبحت تباع في الأسواق، أما اليوم فنرى تأثر «الزعران» في تلك الأحياء بـ «قبضاي» الأعمال الشامية حين يحملون (الشبرية) أو (الموس الصيني) المعروف في سوريا بموس (أبو قفل). في جيميع الأحول كأن الأعمال الشامية تعيد بشكل أو بآخر إنتاج صورة «القبضاي» المتخلف، كما تتعاطى مع السياسة بطريقة «ساذجة». وذلك على خلاف الدراما المصرية التي تابعت مسيرتها بطريقة بعيدة عن «التهويل» و«التطبيل» الإعلامي.