2012/07/04
تقدّم في مستوى الإخراج والصورة والمؤثرات هذا الموعد السنوي هو مناسبة لجسّ نبض الشاشة المصريّة، إذ يجمع غالباً أبرز إنتاجات المرحلة... ويطرح أسئلتها ومشاكلها وتحدياتها. «المهرجان القومي للسينما المصرية» يقول وداعاً لـ«السينما النظيفة» محمد خير -الأخبار الفنان محمود حميدة سيحضر، على الأرجح، فعاليات تكريمه المقرر ضمن برنامج «المهرجان القومي للسينما المصرية» الذي تنطلق دورته السادسة عشرة في 22 نيسان (أبريل) الحالي وتستمر حتى 30 منه على خشبة «مسرح الجمهورية» في القاهرة. لن يفعل حميدة كما فعل عادل إمام الذي غاب عن حفلة مهرجان الدورة الماضية على الرغم من أنه كان على رأس المكرّمين. لم يغب «الزعيم» وحده آنذاك، بل كذلك فعل معظم النجوم، بمن فيهم عبلة كامل التي حازت في الدورة نفسها جائزة أفضل ممثلة عن شريطها «بلطية العايمة» الذي حصد أيضاً جوائز السيناريو والديكور وفضية أفضل فيلم. ولولا ما هو معروف من حدة تنافس النجوم في كواليس المسابقات، لبدا ذلك «الغياب» متوافقاً مع العبارة المصرية الاستنكارية «ده فيلم مهرجانات». وهو التعبير الذي يبرر به سينمائيون مصريون انخفاض طموحهم الفني تحت شعار تلبية رغبات الجمهور. يشارك في المسابقة الرسمية يسري نصر الله وخالد يوسف وأحمد ماهر وكاملة أبو ذكرى... لكن الطموح الفني هو ما يجمع معظم المكرّمين في هذه الدورة. إلى جانب حميدة، فالمكرّمون هم: السيناريست بشير الديك، ومدير التصوير ماهر راضي، والناقدة ماجدة موريس، والمخرج محمد كامل القليوبي. كما أن عدداً كبيراً نسبياً من الأفلام الروائية الطويلة المتنافسة في الدورة الجديدة، حرص صنّاعها على رفع طموحهم الفني، بل شارك بعض تلك الأفلام بالفعل في مهرجانات دولية عريقة، مثل فيلم أحمد ماهر «المسافر» الذي نافس، بلا فوز، في المسابقة الرسمية لـ«مهرجان البندقية» (فينيسيا). كذلك «واحد صفر» لكاملة أبو ذكرى، و«احكي يا شهرزاد» ليسري نصر الله. وكلاهما شارك في برامج متنوعة ضمن المهرجان الدولي نفسه. أما «هليوبوليس»، باكورة أحمد عبد الله، فقد شارك في مهرجانات عدّة، ولو أقل شهرة، وانسحب من «مهرجان تورنتو» في كندا، بسبب احتفاء المهرجان بمدينة تل أبيب. إلى جوار الأفلام السابقة، تتنافس ضمن المهرجان القومي أفلام ــــ غير مهرجانية ــــ لكنها احتفظت بمستوى فني مميز، منها «إبراهيم الأبيض» ثاني أفلام مروان حامد، و«أولاد العم» فيلم شريف عرفة، و«ميكانو» للمخرج محمود كامل، فضلاً عن «1000 مبروك» لأحمد نادر جلال، ومن بطولة أحمد حلمي الذي حاز جائزة أفضل ممثل خلال الدورة الماضية عن فيلمه «آسف على الإزعاج». وهذا الشريط حصد آنذاك جائزة أفضل فيلم. أما خالد يوسف الذي نال جائزة أفضل مخرج العام الماضي عن فيلمه «الريس عمر حرب»، فيشارك هذا العام بجديده «دكان شحاتة» بينما لا يشارك داود عبد السيد بفيلمه «رسائل البحر» لأنه عرض في الصالات بعد نهاية عام 2009. الملاحظ أن معظم الأفلام المذكورة تمثّل ارتقاءً في النوعية والطموح، قياساً إلى السنوات السابقة التي رفعت شعار «السينما النظيفة». ثمة تقدم ملحوظ خاصة على مستوى عناصر الإخراج وجودة الصورة والمؤثرات. ومع ذلك، فإن السينما المصرية ما زالت بعيدة بوضوح عن المنافسة في المهرجانات العالمية، مقارنةً بسينمات أخرى في المنطقة أقل عراقةً بل ذات سوق أضيق. بل يكبر اللغز مع تأمل الإمكانات المهدورة في أفلام على غرار «ليلة البيبي دول»، ذاك الذي توافرت له أكبر الإمكانات فتحوّل إلى ما يشبه الفضيحة، وفشل حتى في منافسة الأفلام المحلية، ليس فقط في الإيرادات، بل كذلك في الجوائز. إذ لم يحصل في دورة مهرجان العام الماضي سوى على جائزة الموسيقى التصويرية لياسر عبد الرحمن. وعلى الرغم من أنّ الأفلام الروائية الطويلة تمثل أقل من ربع عدد الأفلام المتنافسة هذا العام (24 فيلماً من إجمالي 109 أفلام روائية وروائي قصير وتسجيلي)، فإن جوائز الأفلام الطويلة، تحتكر الأغلبية الساحقة من مجموع الجوائز الذي يبلغ حوالى 526 ألف جنيه مصري (حوالى مئة ألف دولار أميركي): 150 ألف جنيه لأفضل فيلم روائي طويل، و100 ألف جنيه لأفضل ثاني فيلم، و75 ألف للمركز الثالث. وهي أرقام، رغم ضخامتها بالنسبة إلى إجمالي الجوائز، تكاد لا تمثل شيئاً بالنسبة إلى ميزانيات الأفلام المزمع إعلان فوزها. وفي المقابل لا تزيد جوائز الفئات الأخرى عن ستة آلاف جنيه لكل فرع (!)، على الرغم من أن تلك الفئات («الروائي القصير»، «الرسوم المتحركة»، «التسجيلي الأقصر من 15 دقيقة» والآخر «الأطول من 15 دقيقة»)، هي الأكثر احتياجاً، بما لا يقاس، إلى الدعم المادي، وخصوصاً أن معظمها... «أفلام مهرجانات»!