2012/07/04
دمشق صحيفة تشرين ثقافة وفنون الأربعاء 13 كانون الثاني 2010 مصطفى علوش قدمت الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون بالتعاون مع ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية بدمشق وضمن فعاليات احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 عرضاً مسرحياً بعنوان «واسطة العقد» تأليف وإخراج محمد عمر حضر هذه المسرحية عدد من الشخصيات الرسمية والدينية الفلسطينية ومنهم سماحة الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار المقدسة، والمهندس عدنان الحسيني محافظ القدس، والأستاذ إسماعيل التلاوي أمين عام اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، والأستاذ يحيى بركات رئيس جمعية السينمائيين الفلسطينيين. في البداية ألقى د. رياض نعسان آغا وزير الثقافة كلمة ركز فيها على أهمية كون القدس عاصمة للثقافة العربية وضرورة أن تبقى القدس عاصمة للثقافة العربية حتى تتحرر، ورأى «أن الاحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية قد جاء رداً معنوياً ووجدانياً ضخماً على جعل إسرائيل عام 2009 عام تهويد القدس. حيث قدمت المدن والعواصم العربية أنشطة ثقافية متنوعة. أكدت صوت الوجدان العربي المتمسك بالقدس». وطالب د. آغا بضرورة تحرير القدس في الوجدان، حيث تتعرض هذه المدينة لحملة تهويد كاذبة، فاضحة. حيث تستبدل الأسماء الكنعانية الأصيلة، إضافة إلى الممارسات المستمرة لاقتلاع أهل القدس من أرضهم، ورأى أن طريق السلام يمر عبر عملية المقاومة. فالطريق إلى السلام يمر عبر المقاومة» بعد ذلك ألقى د. رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئاسة، رئيس المجلس الإداري لاحتفالية القدس كلمة ذكر فيها «حاجة القدس اليوم لتدعم هويتها وتعزز وأن تتم حمايتها من كل هذه الهجمة البربرية الشرسة التي بدأت منذ مايزيد عن 40 عاماً، فمنذ اليوم الأول الذي احتلت فيه القدس العربية بدأت آلة طمس الثقافة العربية الإسلامية المسيحية وماكينة التهويد الإسرائيلية بالعمل على قدم وساق وبوتائر متسارعة ومحمومة في إطار عملية متكاملة ومخططة لم تترك جانباً من جوانب أبناء حياة شعبنا إلا وعبثت به وعلى كل المستويات. ومن ممارسات «إسرائيل» العنصرية تزوير التراث الديني للقدس وللمسجد لجعله يتطابق وأساطيرهم وادعاءاتهم الملفقة ومامحاولات حرق المسجد الأقصى المبارك عام 1968-1969 إلا بداية في سلسلة جرائم ضد مدينة القدس وسكانها ومقدساتها وكل معالمها الدينية والروحية. وذكر الحسيني أيضاً أن القدس توحد ولاتفرق في إشارة منه إلى التفاف الشعب الفلسطيني بكل تياراته حول هذه الاحتفالية وإنجاحها، كما تضمنت كلمته عتباً على العرب الذين دعموا هذه الاحتفالية باللفظ فقط» واسطة العقد ضمن هذا المناخ الاحتفالي بالقدس بدأ العرض المسرحي «واسطة العقد» وحسب د. نبيل اللو: «واسطة العقد» دراما فلسطينية شعرية غنائية راقصة تقع في اثني عشر مشهداً تستبقها افتتاحية وتذيلها خاتمة، عناوين مشاهدها تحكي وحدها الحكاية (الأيقونة برج اللقلق، الجلجلة، صورة على جدار، بنات نعش، الحبة الأولى، البحث عن فارس، بئر الأرواح، أرض الانتظار، كل شبر، المدن النائمة، رحلة العودة». نسج تفاصيل الحكاية محمد عمر كما كانت «بينيلوبي» تحول أصواف الحنين انتظاراً لعودة (أوليس) التائه إلى الديار، وقد اعتمد في نص حكايته الشعرية أوزان الفراهيدي والتفعلية والنثر الشعري محدداً في استخدامها هوية الناطقين بها، مكان الحكاية القدس، زهر المدائن، أبطال الحكاية، أهلها الرهائن. يؤكد راوي الحكاية أن هذه المدينة الحزينة المستلبة، التي مرّ عليها الفاتحون ثم ذابوا مثلما الملح يذوب. جوهرة المدائن تستحق أن يحتفى بها احتفاء يليق بها، هكذا تبدأ حكاية الأميرة الأسيرة، المسرحية مبنية كلها على فكرة صراع الأشبار في مدينة الدروب السليبة التي ورث أهلها، أبناء الدم المصلوب، مرارة الجلجلة، فشجر الزيتون الكنعاني لايعوض، لكن الولدان تعوض، الأقصى الجزع يستجير ولايجار، واللقالق الحزينة تنقل الرسائل إلى كل مكان لمن لايرد عليها. الكل ينام، وحدهم الأحرار والشرفاء يناضلون ليصنعوا مستقبلاً يليق بهم وبأولادهم، صامدون، صابرون محتسبون حتى يطوي الثور قرنيه ويرحل عن فردوس الأرض: بيت القدس». موسيقا حسين نازك عايشت الأشعار والكلمات ففرشت اللحن أمامها لتكون المحصلة دراما غنائية راقصة معبرة وساحرة. موسيقا نازك مأخوذة من داخل الروح الشرقية الأصيلة مبنية على عمق الحكاية وموصولة بلحظة الدراما المتصاعدة. وإلى جانب هذه الموسيقا جاءت الأزياء المنسجمة مع الحكاية. ومع روحية القدس وعروبتها لتكمل المشهد المسرحي بتفاصيل جمال إضافية. قام بدور الراوي الفنان زيناتي قدسية وبرفقته «محمود خليلي» بدور عطا الله عودة «ايمان كيالي» بدور شبح الرغبات. «فاتن مصطفى» بدور سعاد، محمد تميم «بدور فارس»، «ريما اليوسف» بدور زائرة مقبرة الأرقام، «منال هلال» بدور الأميرة فرقة ايمار للمسرح الراقص جسدت رقصات العرض على الخشبة بتناغم وتفاهم كاملين فاندمج اللحن والكلمة والرقص في سياق فني درامي واحد. في هذا العرض المسرحي «واسطة العقد» جهود فنية- جبارة تعاونت ليظهر بهذا الشكل الفني الممتع والباهر، تقول الحكاية: «عش في بيت- لم يفدك بأنه فوق صخر قد تعمّر- ظل خلف الباب- في صمت الزوايا- يهدم الشوق وتعلو التمتمة- إن في وجه الفتى- آثار بيت في محياه تسمر، غداً يا أمة نبني له، عمره منك ومني، وغداً يا أمة نحكي له قصة العشق نغني وعند رجليه يعوي الحقد مهزوماً، ويطوي الثور قرنيه ويرحل ضارباً ظناً بظن». في هذا العرض فضاءات خرافية تتقاطع مع مطامع الصهيونية في تغيير هوية الأرض العربية في فلسطين والجولان في واقع الاحتلال وما يتعرض أهلها من قهر وظلم وكيفية مواجهة المخططات الصهيونية بالصمود والمقاومة. «واسطة العقد» استحق التصفيق عالياً من جمهور ملأ الصالة.